• اخر تحديث : 2025-09-05 16:25
news-details
تقارير

"فورين بوليسي": ما حجم المساعدات التي لا تزال الولايات المتحدة تُقدمها لأوكرانيا؟


مجلة "فورين بوليسي" الأميركية تنشر تقريراً للكاتب سام سكوفي، يوضح أن تصريحات ترامب عن وقف التمويل الأميركي لأوكرانيا مبسّطة ومضللة جزئياً، في حين أنّ الدعم العسكري والإنساني ما زال مستمراً. أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
 
في اجتماع وزاري عُقد الأسبوع الماضي، احتفل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بحدثٍ هام: فقد أعلن أنّ الولايات المتحدة توقفت عن تمويل أوكرانيا دفاعاً عن نفسها ضد روسيا.وقال ترامب: "لم نعد نشارك في تمويل أوكرانيا، بل نشارك في محاولة وقف الحرب والقتل فيها. لذا، نبيع صواريخ ومعدات عسكرية، بملايين الدولارات، بل مليارات الدولارات، لحلف شمال الأطلسي". وأضاف: "إنهم يمولون الحرب بأكملها. نحن لا نمول أي شيء. أعتقد أن هذه نقطة مهمة".
 
ترامب ليس مخطئاً تماماً، ولكنه ليس مصيباً تماماً أيضاً، وفقاً لتقارير حكومية ومحللين في مراكز أبحاث. فعلى الصعيد العسكري، لا تزال الولايات المتحدة مستعدة لإنفاق مليارات الدولارات على الأسلحة لأوكرانيا، بينما على الصعيد المدني، لا تزال المساعدات تتدفق، وإن كان ذلك بتخفيضات كبيرة. جاء الجزء الأكبر من المساعدات الأميركية لكييف من خلال خمسة مشاريع قوانين ضخمة للتخصيصات في الكونغرس، بلغ مجموعها 175 مليار دولار، منها 128 مليار دولار مخصصة لبرامج تدعم الجيش الأوكراني والمجتمع المدني الأوكراني بشكل مباشر، وفقاً لمجلس العلاقات الخارجية. أما الباقي، فيُخصص لأهداف ثانوية تتعلق بالهجوم الروسي على أوكرانيا، مثل دعم الدول المجاورة وتعزيز الوجود العسكري الأميركي في أوروبا.
 
من أصل هذا المبلغ البالغ 128 مليار دولار، خُصص 70.6 مليار دولار لجهود دعم الجيش الأوكراني، لا سيما إرسال الأسلحة والذخائر إليه، وفقاً لتقرير مجلس العلاقات الخارجية. تُرسل الولايات المتحدة الإمدادات العسكرية من خلال ثلاثة برامج رئيسية. يشتري بموجب "السلطة الرئاسية للانسحاب" أسلحة أميركية جديدة لاستبدال الأسلحة المُخزّنة المُرسلة إلى أوكرانيا. ومن خلال برنامجين منفصلين، يُعرفان باسم "مبادرة المساعدة الأمنية لأوكرانيا" (USAI) و"التمويل العسكري الأجنبي" (FMF)، تشتري واشنطن أسلحة جديدة كلياً لكييف. كما تحصل أوكرانيا على أسلحة من تلقاء نفسها ومن خلال تبرعات من شركائها الغربيين.
 
موّل المبلغ المتبقي من مبلغ 128 مليار دولار البرامج الإنسانية والدعم الحكومي المباشر، مما يُساعد أوكرانيا على دفع رواتب مُستجيبيها الأوائل والمعلمين وغيرهم من العاملين الأساسيين، مما يُخفف العبء المالي عن كاهل أوكرانيا، حيث تستخدم عائدات ميزانيتها لدعم إنفاقها العسكري المُوسّع بشكل كبير.
 
على الصعيد العسكري، ترامب مُحقّ في أنه في ولايته الثانية، لم يُعلن الكونغرس عن أي تمويل جديد لأوكرانيا. أعلنت إدارة بايدن سابقاً عن خطط إنفاق لكامل مبلغ 70.6 مليار دولار المخصص للمساعدات العسكرية، وفقاً لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS). وبدلاً من مطالبة الكونغرس بالموافقة على تمويلات جديدة، أعلنت إدارة ترامب أنّ الدول الأوروبية ستمول شراء أسلحة لأوكرانيا، وكانت هولندا في آب/أغسطس أول دولة تعلن مشاركتها في البرنامج الجديد لدعم كييف.
 
لكن هذا لا يعني أنّ الولايات المتحدة توقفت عن إنفاق الأموال لدعم أوكرانيا عسكرياً. يستغرق تسليم الأسلحة شهوراً، وقد يستغرق بناؤها من الصفر سنوات، مما يعني أنه لم يتم تسليم سوى جزء من المساعدات العسكرية المخصصة سابقاً والبالغة 70.6 مليار دولار.
 
وفقاً لوزارة الخارجية، تم تخصيص أكثر من 50 مليار دولار من تمويلات "PDA" و"USAI" و"FMF" المتعلقة بأوكرانيا، ولكن لم يتم إنفاقها فعلياً بعد. وبالاقتران مع الأموال المتوقعة من أوروبا بموجب خطة ترامب، يعني ذلك أنّ أوكرانيا ستستمر في رؤية مستويات من المساعدات العسكرية مساوية للسنوات الماضية، وفقاً لتحليل أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS).
 
على الصعيد غير العسكري، فإن الواقع الميداني أكثر تعقيداً مما ادعاه ترامب. ففيما يتعلق بالمساعدات المالية المباشرة، أكملت الولايات المتحدة تحويل ما يقارب 33 مليار دولار مخصصة لصندوق الدعم الاقتصادي، وهو الوسيلة الرئيسية التي ساهمت بها واشنطن في ميزانية كييف، وفقاً لوزارة الخارجية. ولم تعلن الولايات المتحدة عن أي مساعدات مالية أخرى لأوكرانيا.
 
إن الفجوة في الدعم الأميركي، من بين عوامل أخرى، تعني أن أوكرانيا ستواجه عجزاً في الميزانية يصل إلى 19 مليار دولار العام المقبل، وفقاً لصحيفة "فايننشال تايمز"، مما يثير نظرياً شبح ترك موظفي الخدمة المدنية وظائفهم. وتجري الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مناقشات حول كيفية تعويض العجز في الميزانية.
 
وعلى النقيض من ادعاء ترامب، تواصل الولايات المتحدة إنفاق الأموال على المساعدات الإنسانية. وقد نجا تمويل أوكرانيا على نطاق واسع من التخفيضات الهائلة في برامج المساعدات العالمية التي أجريت في وقت مبكر من إدارة ترامب الثانية، حيث نجا 91% من التمويل المخصص لأوكرانيا، وفقاً لتحليل أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" في حزيران/يونيو.
 
وتشمل البرامج التي لا تزال قائمة جهود توفير المياه، وهو اعتبار رئيسي بالنظر إلى انقطاع إمدادات المياه في زمن الحرب، والخدمات الطبية للأطفال، وفقاً لوثيقة أرسلتها وزارة الخارجية إلى الكونغرس في آذار/مارس وتمت مشاركتها مع "فورين بوليسي".