• اخر تحديث : 2025-09-28 21:00
news-details
كتب

في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد السيد حسن نصر الله: المقاوم الغائب الحاضر ـ شهادات تونسية


كتب عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين د. سليمان منغاني توطئة الكتاب باسم  النّاشر: مجمع إفريقية للدّراسات والتوثيق والنشر، معلّلًا صدور الكتاب، وفي التوطئة إشارة إلى أن مدينية "الإنسان تقتضي تفاعله الإيجابي مع محيطه وبيئته من خلال العلامات والرموز ووسائل التّواصل الأخرى، ومن ثمّ التشاكل الوجودي بينه وبين هذه الرّموز بما تنطوي عليه من توتّرات وتدافع وديناميات وتعقيدات؛ الأمر الذي يضع مفهوم الرّمز -نفسه- في محراب الاستجواب العلمي وإخضاعه لعملية التقصّي والتّساؤل من حيث طبيعته وماهيته ووظائفه وتجلّياته".
 
وتناول"الوظيفة الدلاليّة للرمز هي التي تمنح للوجود الإنساني معناه، وللكينونة عمقها وأصالتها، من خلال الدّور الحيوي الذي يضطلع به في الاجتماع وفي العمران؛ كون عناصر السلوك الفردي تشكّل بذاتها مادة للعلاقات الرمزية في المجتمع، ولأنّ هذه العلاقات والرموز لا يمكنها إلا أن تكون اجتماعية؛ أي متأصّلة في المجتمع بصفته كلية رمزية أو نظامًا رمزيًا. ففي كلّ رمزية دعوة سلوكية محدّدة، وهنا تكمن الوظيفة الأساسية للرموز في أداء مهام ثقافي اجتماعي تنظيمي في دائرة الحياة الاجتماعية.
وفي هذا السياق فإنّ الشخصيات الكاريزماتيّة -باعتبارها كيانات اجتماعيّة- تؤدّي بهيبتها وحضورها المميّز دورا رمزيّا في الإحساس بالقوة والعظمة، والقدرة على التدبير والتسيير وعلى فرض النظام والهيبة، وبالتالي فالحقل الرمزي يحوي السلوك الإنساني والفعل الاجتماعي على حدّ سواء". 
 
ومن هذا المنطلق، يتساءل د. منغاني "أليس هو رمزا كلّ ما يوقظ في نفوسنا همما ويبعث فينا مشاعر وأحاسيس؟" ويجيب قائلًا : "إنّ الرّمز الذي في هذا المصنّف "التكريمي " هو السيّد حسن نصر اللّه – في ذكرى ارتقائه الأولى- حيث محاولات الاستقراء والتأمّل في المسافات الفاصلة التي تركها بين الخفي والمعلن، بين الدلالة والمدلول وبين الصورة والمعنى، وحيث التدبّر في "آيات " الآفاق والأنفس، وحيث سحر الشخصيّة، والسلطة الملهمة بالمفهوم الفيبيريّ المستندة -أساسًا- إلى مبدأ الكاريزما ؛ فالزعيم الملهم -ولئن بدا قائدًا لا يعتمد بالضرورة على جهاز بيروقراطي منظم يساعده في الحكم، كون تأثيره وقوّته لا يُستمدّان من النظم القانونية والشرعية بقدر ما ينبنيان على قابليته لكسب وإرضاء الناس والتفافهم حوله وإيمانهم برسالته، طالما أنّ مركزه القيادي هذا لا يعتمد على ثروته أو جبروته، فإنّ السيّد حسن نصر اللّه -على عكس ذلك- استند أيّما استناد إلى جهاز حزبه بمؤسساته المختلفة، وانصهر فيها، فطبّق مبدأ التشاور والإدارة الجماعيّة المشتركة المسدّدة بحكمة بالغة وقدرة مقتدرة، ومن ثمّ لم يكن "جبروتًا " يعتمد على القوّة ولا الخوف الذي يزرعه القائد "المتسلّط " في نفوس رفّاقه ليطيعوه خوفاً وطمعا، بل طاعتهم له كان مصدرها الصفات الاستثنائيّة والشخصية الجذّابة التي تميّز بها، أساسها الوقار واللطف والمحبّة المتبادلة بينه وبين: "أشرف الناس وأكرم الناس وأطهر الناس "،  والرّحمة واللّين: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَنفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾))). وهو ما أضاف بعدًا جماعيًّا على مسيرة هذا القائد/ القدوة التي لا يمكن فصلها (المسيرة)  عن السياق الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي وُجد فيه، واستلهم منه؛ فالقائد إنّما يستمدّ قوّته وشرعيته، ومشروعيته كذلك من رؤية الأفراد إليه، وإيمانهم بصدقه وبمصداقيته..
 
بيد أنّ ذلك لا يعني البتّة أنّه لا يعلو على التقاليد، ولا يحرص على المغامرة السياسيّة، ليس لأنّه يجازف بالفشل، بل لأنّه مجبر على انتزاع النّاس من النمطيّة، وإجبارهم على استعادة حميّة جديدة، والخروج من سأم الحياة اليوميّة، نظراً لاعتقاده الجازم بحتمية تنفيذ الرسالة التاريخية التي تساعد المجتمع على بلوغ أهدافه وطموحاته المنشودة، وبسبب الصفات المميّزة التي يتمتّع بها القائد / القدوة تجعل النّاس يلتفّون حوله، ويحترمونه ويقدّرونه تقديراً فائقاً لدرجة أنّهم يعبّرون عن استعدادهم في التضحية من أجل رؤيته؛ كونه -حسب رأيهم- قادر على إنقاذهم وقيادتهم إلى النصر المحقق.
 
وبالعودة إلى قراءة خريطة العلاقة التي جمعت السيّد حسن نصراللّه بمحور المقاومة نلمس ملامح الكاريزما القيادية في أجلى صورها. فقد استطاع تكسير جلّ الحواجز النفسية التي كانت تحدّ من مقاومة "العدوّ "، فصار إنسانًا محبوبًا وصاحب شعبية عالية وذا جاذبية خارقة سحرت ألباب الناس ودفعتهم إلى الإقبال عليه وجعله مركزًا يحيطون به من كلّ حدب وصوب ويمنحونه ثقتهم وينقادون له طواعية.
 
ولعلّ من بين أبرز الخصائص في شخصية السيّد حسن نصراللّه هو حسّ المغامرة وتحمّل مسؤولية تغيير الواقع السياسي والاجتماعي والانخراط الكامل في سبيل بناء مشروع تحرّر شامل، والإيمان "حتمًا " بالنصر، مكّنه من تحقيق أهداف استراتيجية في وقت قياسي، غيرت الخريطة السياسية في المنطقة بشكل تام. لقد استطاع أن يدفع الجميع إلى تبني هذا المشروع والاقتناع به والدّفاع عنه. وهذه من أهم سمات القائد العظيم، صاحب الأهداف العظيمة والطموحات الكبيرة:
 
تقلّ دواعي النفس وهي ضعيفة وتَقْوَى هموم القلب وهو مغامر، وليس بخاف أنّ الفترة الزمنيّة التي تولّى فيها السيّد حسن نصر اللّه منصب الأمين العام لحزب اللّه، والمتغيّرات الإقليميّة والدّوليّة التي رافقها وتخلّلها، وصيرورته رمزًا للمقاومة وقوّة ملهمة لها، كلّ ذلك جعل السيّد حسن نصر اللّه ليس زعيمًا وطنيًّا وقوميًّا وأمميًّا فحسب، بل كذلك "شخصيّة استثنائيّة"، و "أيقونة نضاليّة " تستحقّ الدّراسة بعمق للاستفادة ممّا جسّدته من تجارب غنيّة بإيجابياتها وعثراتها.
 
وبذا، وفي أجواء الاحتفاء بالذكرى الأولى لارتقائه- يظلّ الشهيد القائد السيّد حسن نصر اللّه- علامة فارقة في تاريخ المقاومة الإسلاميّة، ورمزًا للنضال الدؤوب والتضحيّة من أجل القدس وفلسطين وكافّة الأراضي العربيّة والإسلاميّة المغتصبّة....
 
ولئن استأثرت شخصيته باهتمام الكثير من الباحثين في هذا الكتاب، فإنّها تظلّ منفتحة على اجتهادات الباحثين الآخرين، وقابلة لمقاربات كثيرة تستهدف مختلف جوانبها؛ شأن كلّ رجالات التّاريخ العظام الذين غيّروا مسار الأحداث ووشموا أسماءهم في سجل البطولات والأمجاد الإنسانية.
 
وبعيدًا عن المقاربات ذات الخلفيّة الإيديولوجية والسياسية، والرؤى النمطيّة، فإنّ النبش الأركيولوجي في طبقات وأغوار هذه الشخصية الفذة تؤكّد أنّها تجاوزت المسافات، واستطاعت فرض وجودها السياسي وإثبات ذاتها القيادية بعيدًا عن موطنها الأصلي.
 
إنّه كان ذاك المعارض الشرس للظلم والمناضل الشهم في الصفوف الأمامية لم تكن تحركه نزوة طائفية أو رغبة ذاتية أو ترسيخَ كيان مستقلّ عن الوطن، بل مقاومًا محتسبا باحثا عن أسباب التّمكين من أجل السيادة والاستقلال والحرية والكرامة؛ قائدًا مؤهّلًا سياسيًا وخُلقيًا للقيام بدور طلائعي في زمن الانكسار الخنوع الخضوع والهوان، وأيضًا الانتصارات والاعتزاز... 
 
اليوم، نحن أحوج ما نكون إلى هذا الموقف، إلى النفوس الأبية والأنوف الحمية، والأنفس الأرواح الطيبة التي ترفض الهوان والذل  لأنّ زمن الهزائم قد ولّى حسب سيّد المقاومة.
 
ونحن في مجمع إفريقيّة للدّراسات والتوثيق والنّشر، إذ ننشر هذا العمل، فإنّ ذلك احتفاء بمآثر الشهيد القائد السيّد حسن نصراللّه في الذكرى الأولى لارتقائه، لتكون سيرته ومسيرته زادًا وفيرًا لكلّ العاملين في سبيل نصرة المستضعفين ومقارعة المستكبرين، ومحطّة نضاليّة لغرس الوعي المقاوم، وترسيخ ثقافة الشهادة والتضحيّة والبذل والعطاء.
 
... إنّها أفكارٌ حيّةٌ ودروس سامية يُستلهم منها في العلم والعمل والحركة لتُوقظ عيونَا مفتوحة على الحاضر، وعقولا متطلّعة إلى المستقبل، وتُلهم هِمَما رساليّة ساعية دوماً في الدروب الموصلة إلى الأهداف العظيمة والغايات الكبرى في الحياة، على خطّى القائد القدوة والمثال الأكبر في خطّ العمل والرّسالة الذي استطاع منهجيًا ووظيفيًا أن يمتلك القدرة النقدية في التعامل مع الواقع تحليلًا وتركيبًا؛ وإنّ أهمّ ما يميّز القائد القدوة  عن غيره هو "الموقف " و "الرّسالة "، و إنّ أهمّ ما يميّز "الموقف " و "الرّسالة " هو المرجع الأخلاقي على اعتبار الأخلاق مبعث كلّ فكر نقيّ وإنساني، وأنّ أهمّ ما في الأخلاق هو الفضيلة والعدالة و الحرية.
 
وما هذه الأقلام التي شاركت في رسم سطور هذا الكتاب الإهدائي إلا محاولة تعبير عن هذه القيم التي جسّدها السيّد حسن نصر اللّه في سيرته ومسيرته، وعرفانًا   للمُهدى إليه، وتجديدًا للعهد على مواصلة الرّسالة والثبات على المبدأ من خلال الوقوف على مسيرة نضاله المتواصل ومحطّات حياته والخصال والسمات المميّزة لشخصه. مصداقًا لقوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأولِي الْألْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ 
 
وقد  صدر الكتاب باللغتين العربية والانكليزية، وحملت الشهادات الواردة في الكتاب لعدد من الأكاديميين والخبراء في تونس العناوين الآتية:
ـ حسن نصر الله وحرب التّحرير الشّعبيّة 
ـ الزعيم الشهيد حسن نصر الله: نبراس الحالمين وإمام الثائرين ..
ـ شكرا سماحة السيد إنّا على العهد يا نصر الله  
ـ يذهبون... وتبقى أنت رمزا للعّزة وعنوانا للمقاومة وأملا للبشرية
ـ رصيده بقية من كرامة عربية وجرعة مقاومة: نصر الله سيد المقاومة في حضرة الغياب 
ـ أحبّك لأنّي معاد للإسلام السياسي وتوّاق إلى الحرّيّة.
ـ الشّهيد أبو هادي: الاستثناء الذي لا تدركه لغة السياسة 
ـ جمع بين الحنكة السياسية والبلاغة اللغوية والمهارة الاتصالية حسن نصر الله.. قائد الكلمة. 
ـ في الكاريزما الثّوريّة: القائد الأممي، السيّد حسن نصر اللّه أنموذجًا 
ـ حزب الله كفاعل هجين في فضاء متغيّر: القيادة والتموضعات الجيوسياسيّة من نصر اللّه إلى الأفق المفتوح
ـ الفكر السياسي للسيد حسن نصر الله: الأسس والمحدّدات .
ـ  La stratégie d’aveuglement du Hezbollah et
ـ les illusions de l’ennemi occidentalo-sioniste.