عنوان مقال نشره موقع مؤسسة "راند" حول تداعيات استقالة رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي على التحالف الأميركي الياباني، وكتبه زاك كوبر وجيفري دبليو هورنونج.
وجاء فيه:
أحكمت اليابان تحت قيادة رئيس الوزراء شينزو آبي تحالفها مع الولايات المتحدة، وتولت دورًا استباقيًّا أكثر في منطقة الهندي -الهادئ وحول العالم. هذه التطورات كانت بطرق عديدة منسوبة لآبي نفسه، والنفوذ الاستراتيجي الذي استطاع تنميته. لكن استقالته التي أعُلن عنها الشهر الماضي لأسباب صحية قد تترك اليابان أقل أمنًا وتجعل التحالف الأمريكي - الياباني غير المستقر.
وعلى الرغم من انخفاض معدلات شعبيته، فقد حظي آبي بتأييد سياسي في اليابان لمعظم فترة ولايته التي استمرت ثماني أعوام تقريبًا. والمرجح أن يحظى خليفته الذي من المتوقع أن يختاره الحزب الليبرالي الديمقراطي الشهر الجاري برأس مال سياسي محدود، وربما يؤدي دور القائم بالأعمال حتى ينتخب الحزب رئيسًا جديدًا العام المقبل.
وتشمل البدائل المحتملة أمين مجلس الوزراء يوشيهيدي سوجا الذي يبدو أنه هو المفضل، ووزير الخارجية السابق فوميو كيشيدا، ووزير الدفاع تارو كونو، ووزير الدفاع السابق شيجيرو إيشيبا وأيًّا كان من سيخلف آبي، هناك شيء واضح: في ظل ترنح اليابان من كوفيد-19 والاقتصاد المتعثر الذي يعاني رسميًّا من الكساد، سيتعين على القائد القادم أن يكرس المزيد من الانتباه للسياسة الداخلية، والقليل لقضايا الأمن القومي والتحالف الأمريكي -الياباني.
نفّذ آبي سلسلة من الإصلاحات الأمنية المهمة؛ إذ أعاد مجلس الوزراء تفسير الدستور المسالم بنجاح لتمكين اليابان من ممارسة حقها في الدفاع الجماعي عن النفس، وحدّث مبادئ التعاون الدفاعي وضوابط تصدير الأسلحة، وصاغ أول استراتيجية أمن قومي لليابان، وأسس أمانة للأمن القومي. الأمر الذي عزز اليابان وحصن التحالف، ويصعب تخيل أن يمتلك خليفة آبي أجندة أمنية بهذه الأهمية، أو القدرة على تنفيذ مثل تلك الإصلاحات الطموحة.
أصبحت اليابان خلال حكم آبي أكثر مشاركةً على الساحة الدولية، فقد قاد منطقة الهندي -الهادئ إلى صياغة اتفاقية تجارة حرة شاملة، وهي الاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة العابرة للهادئ التي صممتها الولايات المتحدة في البداية كالشراكة العابرة للهادئ لكن ترامب تخلى عنها لاحقًا، في حين تبنت الولايات المتحدة مفهوم آبي عن منطقة "الهندي - الهادئ الحرة والمفتوحة"، وتواصله مع أستراليا والهند ساعد في إحياء الحوار الأمني الرباعي، وهو عبارة عن تجمع استراتيجي يضم الولايات المتحدة والهند وأستراليا واليابان. والتواصل المماثل مع أوروبا وجنوب شرق آسيا وطد العلاقات مع الشركاء المهمين الآخرين، وربما يكافح خليفة آبي لمضاهاة هذه النجاحات الاستراتيجية.
كان آبي داعمًا للتحالف بين الولايات المتحدة واليابان، على الرغم من انتقاد الرئيس ترامب المتكرر لليابان، كما كان بارعًا في التواصل مع ترامب مبكرًا وكثيرًا. وبسبب دبلوماسيته البارعة، كان آبي القائد الوحيد من مجموعة السبع الذي يتمتع بعلاقة إيجابية بشكل مستمر مع ترامب، ومن غير الواقعي أن نتوقع أن يقيم خليفة آبي النوع نفسه من الوئام الشخصي مع ترامب. ربما لا يكون رئيس الوزراء الياباني المقبل صبورًا بالقدر نفسه مع الولايات المتحدة، خاصة إذا استمر ترامب في انتقاد اليابان.
يأتي انتقال القيادة في اليابان في وقت حرج للتحالف. يوشك الحليفان على الدخول في معركة كريهة – وغير ضرورية كما يجادل البعض – حول دعم الدولة المضيفة، وهو عنصر مهم في دعم اليابان المالي للقوات العسكرية الأميركية المتمركزة في اليابان. ونظرًا لمشاركة آبي الشخصية في التحالف، تمتعت اليابان برفاهية معرفة أنه يستطيع التدخل ومعالجة هذه القضايا بشكل مباشر مع ترامب إذا لزم الأمر. وبدون آبي، هناك خطر حقيقي بأن المحادثات قد تتحول إلى خلافات مثيرة للانقسام.
كما يمثل صعود الصين وسلوكها العدواني تحديًا للقادة اليابانيين والأميركيين. وفي ظل الديناميكيات الإقليمية المتغيرة بسرعة، ربما يصبح لزامًا على القادة في طوكيو وواشنطن توطيد التحالف وتوسعته. لكن بدلًا من تكريس جهودهم للتحديات الخارجية، قد ينتهي الحال بالقيادة الجديدة في طوكيو، وربما في واشنطن بعد انتخابات الرئاسة الأميركية بالدخول في صراع دفاعي لحماية التحالف من النقاد داخل بلادهم.
هذه ليست المرة الأولى التي يُنتقد فيها التحالف الأميركي - الياباني من الداخل، ولم يكن واضحًا في معظم فترات ما بعد الحرب الباردة أن التحالف باقٍ، فما ظنك بازدهاره. لقد تذمر المراقبون الأميركيون كثيرًا من غياب القيادة الثابتة في طوكيو، وتحت حكم آبي، أرست اليابان استقرار التحالف في الوقت الذي تأرجحت فيه السياسة الخارجية الأميركية. إن تحالف الولايات المتحدة مع اليابان أكثر أهمية من أي وقت مضى، لكن من دون آبي، ربما ينظر القادة في كلا البلدين إلى السنوات الثماني الماضية بعين حاسدة.