• اخر تحديث : 2024-12-20 17:12
news-details
قراءات

تشهد الصلات بين المغرب وكوت ديفوار الواقعة في إقليم غرب أفريقيا حالة من التصاعد في التنسيق على الصعيد العسكري والأمني خلال الآونة الأخيرة، ولعل ذلك يرتبط بشكل مباشر باتفاقية التدريب العسكري المشترك المزمع توقيعها بين الجانبين خلال الفترة المقبلة؛ وذلك وفقاً لما أعلنته بعض التقارير والمصادر الدولية في منتصف سبتمبر 2024، علماً بأنه كانت هناك مفاوضات قائمة بين البلدين خلال الأشهر الماضية للتمهيد لإبرام هذه الاتفاقية وخلق حالة من التوافق البيني في هذا الشأن. وتأتي هذه الخطوة في إطار سلسلة من المساعي المشتركة للبلدين لتعزيز الصلات والتفاعلات الأمنية والعسكرية القائمة بمضامينها المختلفة خلال السنوات الأخيرة.

تعاون متزايد

ثمة العديد من الأبعاد المؤثرة المرتبطة بالتقارب العسكري بين المغرب وكوت ديفوار خلال الآونة الأخيرة، وهي الأبعاد المتمثلة فيما يلي:

1- توثيق التعاون المشترك في مجال التدريب العسكري: تعد المغرب ثاني أكبر شريك لكوت ديفوار بعد فرنسا في مجال التدريبات العسكرية؛ حيث تستضيف نحو مائة فرد من جميع الرتب من الجيش الإيفواري والقوات الخاصة والبحرية والدرك بشكل سنوي؛ حيث يتلقون التدريب بالتنسيق مع مؤسسات مختلفة في جميع أنحاء البلاد بما في ذلك الأكاديمية الملكية العسكرية في مدينة "مكناس"، كما تم نشر مدربين مغاربة في ساحل العاج، وكذلك استفاد نحو (350) عنصراً من عناصر سلاح المظلات الإيفواريين من الخبرات العملياتية للقوات المسلحة المغربية في يناير 2024. ويضاف إلى ما سبق إشراف القوات المسلحة الملكية على دورة تكوين حول "القفز المظلي العملياتي المتقدم" لأفراد من جيش كوت ديفوار؛ وذلك في أواخر فبراير 2024.

2- تبني اتفاقيات معنية بالتعاون العسكري المشترك: تبلور ذلك من خلال الزيارة التي أجراها ملك المغرب "محمد السادس" إلى كوت ديفوار في فبراير 2017، والتي نتج عنها التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن تمويل مشروع "هيكزاجون"، الذي يندرج ضمن المشروعات ذات الأولوية ضمن قانون البرمجة العسكرية (2016-2020)، كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن تمويل اقتناء سكن رئيسي للعناصر العسكرية للقوات المسلحة في كوت ديفوار، وهو الأمر الذي يستهدف تسهيل تملك عدد كبير من العسكريين للسكن وتمكينهم من الاستفادة من شروط تفضيلية فيما يخص مدة السداد ومعدل الفائدة بالنسبة إلى قروض الاقتناء وتزويدهم بالنصائح بشأن صيغ التمويل؛ علماً بأن هذه الزيارة كانت قد أسفرت في مجملها عن التوقيع على نحو (14) اتفاقية بصفة عامة.

وتبادلت الدولتان خلال السنوات الأخيرة الزيارات على الصعيد العسكري؛ لعل من بينها الزيارة التي أجراها وزير الدولة ووزير الدفاع في كوت ديفوار "تيني بيراهيما واتارا" إلى المغرب في يوليو 2021، التي التقى خلالها الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة والمكلف بإدارة الدفاع الوطني المغربي آنذاك "عبد اللطيف لوديي"، والمفتش العام للقوات المسلحة الملكية "دوكور دارمي". وقد تركزت المباحثات بين الطرفين على نتاج التعاون العسكري الثنائي، الذي يشمل تبادل الزيارات والمشاركة في مختلف التدريبات والدورات التكوينية، وتم في إطار هذه الزيارة تأكيد أهمية توطيد أواصر الصداقة والتعاون العسكري بين البلدين، كما تمت الإشادة من الجانب الإيفواري بالجهود المغربية المتعددة الأبعاد لمواجهة التحديات الأمنية في المنطقة، التي تم وصفها بأنها تدعم نموذج تعاون دول "جنوب- جنوب"، وتسهم في إطلاق مشروعات للتكامل الإقليمي والبناء التدريجي للأمن المنضبط في القارة.

3- مشاركة المغرب وكوت ديفوار في المبادرات الأمنية العالمية: تبلور ذلك من خلال مشاركة الطرفين في إطار فعاليات التدريب العسكري الذي عُقِد تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية "فلينتلوك 2023" Flintlock 2023 في مارس 2023، الذي يعد بمنزلة إحدى أكبر المناورات العسكرية السنوية للعمليات الخاصة للقيادة الأمريكية في القارة الأفريقية في إطار منطقة الساحل؛ إذ شارك فيه نحو (1300) ضابط من نحو (30) دولة أفريقية. ويتمثل الهدف الرئيسي من هذه المناورات، وفقاً للجانب الأمريكي، في زيادة قدرة الشركاء الرئيسيين في المنطقة على تعزيز التعاون عبر الحدود ومكافحة الجماعات المتطرفة العنيفة وحماية المواطنين، فضلاً عن الحفاظ على حقوق الإنسان وبناء الثقة بين المدنيين.

4- دعم المغرب للاستقرار الداخلي في كوت ديفوار: تجلى ذلك من خلال تأكيد المغرب أن استقرار كوت ديفوار يعد بمنزلة خط أحمر ويحظى بأولوية وغير خاضع للتفاوض بالنسبة إليه؛ وذلك في إطار اللقاء الذي جمع وزيري الخارجية للبلدين في يوليو 2024، كما كان للمغرب تحركات فعلية لدعم استقرار كوت ديفوار خلال السنوات الماضية، ولعل من بينها تقديم المغرب منحاً مالية لدعم الرئيس الإيفواري "حسن واتارا" للقضاء على التمرد العسكري الذي حدث ضده في مايو 2017، والذي شارك فيه نحو (8) آلاف عنصر، طالبوا بالحصول على مكافآت مالية تعهدت الحكومة بدفعها لهم؛ علماً بأن هذه العناصر قد سبق أن شاركوا في تقديم الدعم الرئيس الإيفواري الحالي عقب الأزمة التالية على الانتخابات الرئاسية في عام 2010.

ويضاف إلى ما سبق مشاركة المغرب بعناصر عسكرية ضمن عملية الأمم المتحدة في ساحل العاجل (UNOCI) في عام 2004، التي تشكل إحدى البعثات السابقة للأمم المتحدة، والتي أنهت مهمتها بالفعل في يونيو 2017، وتمثل التفويض الرئيسي الممنوح لها في تسهيل تنفيذ الأطراف الإيفوارية اتفاق السلام الذي وقعته في يناير 2003، وكذلك الاضطلاع بمهام حماية المدنيين، وتوفير الخدمات الحميدة، ودعم الحكومة الإيفوارية في نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج للمقاتلين السابقين، وإصلاح قطاع الأمن، ومراقبة وتعزيز حقوق الإنسان؛ وذلك في إطار المرحلة التي تلت الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2010 والأزمة السياسية التي أعقبتها.

دوافع محفزة

ثمة العديد من الدوافع المحركة للتقارب العسكري بين المغرب وكوت ديفوار خلال الآونة الأخيرة، وهي الدوافع المتمثلة فيما يلي:

1- استهداف المغرب استمرار الدعم الإيفواري بشأن ملف الصحراء: تبلور ذلك من خلال تقديم كوت ديفوار الدعم المستمر لمخطط الحكم الذاتي الذي قدمته المغرب كإطار لحل قضية الصحراء، وهو ما تبلور في إطار تصريح وزير الخارجية والتكامل الأفريقي "الإيفواري" كاكو هوادجا ليون آدوم، خلال بيان صحفي برفقة نظيره المغربي "ناصر بوريطة"، وهو التصريح الذي صدر في 24 يوليو 2024؛حيث أكد موقف بلاده الثابت بشأن دعم سيادة المغرب على كامل أراضيه، وكذلك دعم مخطط الحكم الذاتي الذي قدمته المملكة المغربية بشأن الصحراء الغربية، الذي اعتبره الجانب الإيفواري الحل الوحيد الموثوق والواقعي لحل هذا النزاع الإقليمي.

والجدير بالذكر أن كوت ديفوار كانت من أول البلدان التي افتتحت قنصلية لها بمدينة "العيون" المغربية في فبراير 2020؛ علماً بأنه قد سبق أن افتتحت قنصلية شرفية في المدينة ذاتها في يونيو 2019، كما حرصت على التعبير عن مواقفها السياسية المساندة للمملكة المغربية في كافة المؤتمرات الدولية والإقليمية المتعلقة بقضية الصحراء المغربية على مدار السنوات الماضية.

2- مشاركة كوت ديفوار بفاعلية في المبادرات الإقليمية للمغرب: تعد كوت ديفوار لاعباً رئيسياً في سلسلة المبادرات التي أطلقها المغرب؛ حيث تعد عضواً في مبادرة "تعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي"، التي أطلقها العاهل المغربي في 6 نوفمبر 2023 بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء التي خاضها المغرب لاسترجاع أقاليمه الصحراوية من الاستعمار الإسباني. وتهدف هذه المبادرة، وفقاً للجانب المغربي، إلى إتاحة فرص كبيرة لإحداث تحول اقتصادي في المنطقة برمتها؛ وذلك عبر فتح المجال أمام بلدان الساحل التي ليس لها منفذ على البحر للاستفادة من البنى التحتية المغربية من طرق وموانئ وسكك حديدية.

كما تعد كوت ديفوار لاعباً رئيسياً في مبادرة خط أنابيب الغاز العابر للحدود "نيجيريا–المغرب–أوروبا"، ومن المفترض أن يمتد عبر (13) دولة ويبدأ من نيجيريا ويعبر بنين وتوجو وغانا وساحل العاج وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا والمغرب قبل أن يصل إلى إسبانيا ومنها إلى دول أوروبية أخرى، وهو الخط الذي تم الإعلان عنه في إطار زيارة رسمية قام بها العاهل المغربي الملك "محمد السادس" إلى نيجيريا في عام 2016، وأعقب ذلك توقيع البلدين اتفاقيات للتعاون الثنائي متعلقة بالمشروع في عام 2018. ويصل طول هذا الخط إلى أكثر من (5600) كم، وتبلغ طاقته الاستيعابية ما بين (30) و(40) مليار متر مكعب سنوياً بمعدل (3) مليارات قدم مكعبة من الغاز يومياً، وتصل التكلفة الخاصة به إلى نحو (25) مليار دولار، ومن المزمع أن يجري تشييده على مراحل قد تستغرق نحو (25) عاماً، وقد اكتسب أهمية أكبر بعد توقف خط أنابيب الغاز الذي يمتد من الجزائر نحو المغرب ثم أوروبا في أكتوبر عام 2021.

وقد قدم الرئيس الإيفواري "الحسن واتارا" والسلطات الإيفوارية دعماً كبيراً لهذه المشروع كإطار هيكلي للتعاون في غرب أفريقيا، وآلية للتكامل الإقليمي بين أعضائه، ولعل من مظاهر هذا الدعم استضافة العاصمة الإيفوارية "أبيدجان" ورشة عمل إقليمية مخصصة لفحص الوثائق التنظيمية والمؤسسية المتعلقة بهذا المشروع في 27 أغسطس 2024. وقد جمع هذا الحدث خبراء من قطاع الهيدروكربون وممثلين من مختلف دول المنطقة. وقد أكد المشاركون خلال هذا الحدث أن خط أنابيب الغاز الذي من المقرر أن يكون ممراً للطاقة يربط بين العديد من الدول الأفريقية وأوروبا، لا يُنظر إليه باعتباره بنية أساسية رئيسية فقط، بل أيضاً باعتباره ناقلاً للتحول الاجتماعي والاقتصادي.

3- رغبة المغرب في دعم نفوذه العسكري في منطقة الساحل: يسعى المغرب إلى زيادة تعاونه العسكري عبر أفريقيا جنوب الصحراء، وخاصة في إطار منطقة الساحل الأفريقي، ويرتبط ذلك بمحاولة توثيق الصلات الأمنية مع الأنظمة العسكرية الانتقالية في كل من مالي والنيجر؛ إذ يحاول المغرب أن يحصل على موطئ قدم له للاستفادة من تغير خريطة الشركاء الدوليين لهذه الدول بشكل جذري خلال السنوات الماضية، ولا سيما في ضوء تراجع النفوذ التقليدي للقوى الغربية، وعلى رأسها فرنسا، التي أنهت وجودها العسكري من مالي في أغسطس 2022 والنيجر في ديسمبر 2023، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي من المزمع أن تنهي وجودها العسكري بشكل تام في النيجر في سبتمبر 2024.

4- دعم خطوط الاتصال السياسي الوثيقة بين الطرفين: وهو الأمر الذي شكل أحد محفزات التعاون العسكري المشترك، ولا سيما في ضوء إعلان الطرفين عزمهما عقد اجتماع رفيع المستوى للجنة المشتركة بين الجانبين – التي تأسست في عام 2014 – في نهاية 2024؛ وذلك في إطار اللقاء الذي جمع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج "ناصر بوريطة"، ووزير الشؤون الخارجية والتكامل الإفريقي والإيفواريين بالخارج في كوت ديفوار "كاكو هواجا ليون أدوم" في يوليو 2024، كما اتفق الطرفان على إحياء لجنة فريق التنمية الاقتصادية على مستوى القطاع الخاص من خلال خلق قنوات الاتصال بين هيئات القطاع الخاص في البلدين، وكذلك تم الاتفاق على إحياء آليات الحوار السياسي داخل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.

5- تعزيز التنسيق الأمني في منطقة الساحل الأفريقي: تجلى ذلك من خلال تأكيد المغرب وكوت ديفوار – في اللقاء الذي جمع وزيري خارجيتهما في يوليو 2024 – تقاسم وتشارك الرؤية القائمة على رفض التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لدول المنطقة انطلاقاً من التأثيرات السلبية لذلك على الاستقرار والأمن الإقليميين، وضرورة حل المشكلات والنزاعات التي تشهدها المنطقة بشكل مشترك قائم على التنسيق بين دولها بشكل فعال. وقد اتفق الطرفان على وجود تقاطعات كثيرة في المصالح والأهداف بينهما تقتضي التنسيق الوثيق بشأن إدارة مجموعة من القضايا والمسارات في المنطقة.

6- كثافة الاتفاقيات الثنائية الموقعة بين البلدين: يربط المغرب وكوت ديفوار نحو (84) اتفاقية تغطي كافة مجالات التعاون، ولعل من أهم هذه الاتفاقيات خلال السنوات الأخيرة مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجال الموارد المائية في مايو 2024، وهي المذكرة التي تم توقيعها خلال المنتدى العالمي للمياه المنعقد في "بالي" في إندونيسيا، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون المؤسسي والفني بين البلدين من أجل تحسين قدراتهما في مجال الإدارة المتكاملة للموارد المائية، وتشمل المجالات ذات الأولوية في إطارها تطوير الإجراءات التوعوية لترشيد وحماية الموارد المائية، والأطر القانونية والتنظيمية والمؤسسية المتعلقة بالمياه، وتقنيات نقل المياه، وإدارة آثار تغير المناخ، وكذلك التوقيع على اتفاقيتين تركزان على العلاقات الاقتصادية والشباب والتعليم والتدريب والتنقل المهني والثقافة؛ وذلك في أواخر أبريل 2024، فضلاً عن اتفاقية إطارية تتعلق بتطوير شراكة استراتيجية بين الحكومة الإيفوارية والمكتب الشريف للفوسفات (OCP) بهدف تعزيز القدرة التنافسية الزراعية الإيفوارية، وتعزيز تأثير سياسات التنمية المحلية على السكان الريفيين التي تم توقيعها في أواخر مارس 2022.

7- تطلع كوت ديفوار إلى الحصول على دعم المغرب لمجابهة تحدياتها الأمنية: يعزز من ذلك ارتفاع وتيرة الهجمات الإرهابية على الحدود؛ حيث تتعرض كوت ديفوار للعديد من الهجمات الإرهابية؛ وذلك بحكم وجودها على الحدود مع بوركينا فاسو، التي أصبحت وفقاً لمؤشر الإرهاب العالمي لعام 2024 الدولة الأكثر تضرراً من الإرهاب على مستوى العالم في عام 2023، وكذلك ارتفاع أعداد اللاجئين الوافدين إلى كوت ديفوار؛ حيث تضم الدولة – وفقاً لبيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الصادرة في منتصف يوليو 2024 – نحو (126) ألف لاجئ وطالب لجوء، ويأتي أكثر من (64%) من اللاجئين وطالبي اللجوء من بوركينا فاسو.

كما تعد كوت ديفوار موطناً لأحد أكبر التجمعات السكانية المعرضة لخطر انعدام الجنسية في أفريقيا؛ حيث يبلغ عددهم أكثر من (1.6) مليون شخص. وقد بلغ معدل الهجرة الصافي وفقاً لبيانات البنك الدولي لعام 2023 نحو (6) آلاف شخص. ويضاف إلى ما سبق ما تعانيه كوت ديفوار من توترات حدودية مع بعض دول الجوار الإقليمي. ولعل من مظاهر ذلك توتر العلاقات مع بوركينا فاسو؛ حيث وجه رئيس النظام العسكري الانتقالي "إبراهيم تراوري" اتهامات لكوت ديفوار خلال اجتماعه مع القوى السياسية في الدولة في 11 يوليو 2024 بإنشاء مركز عمليات في "أبيدجان" يهدف إلى زعزعة استقرار بوركينا فاسو ودعم الجماعات المسلحة. وتأتي هذه الادعاءات في ظل تصاعد التوترات بين البلدين نتيجة الأحداث التي وقعت في 27 مارس 2024، والتي تضمنت تبادل إطلاق النار بين جنود من بوركينا فاسو وكوت ديفوار في منطقة حدودية.

ويضاف إلى ذلك توتر العلاقات الإيفوارية المالية على خلفية اعتقال النظام العسكري الحاكم بقيادة "عاصمى جويتا" في يوليو 2022 نحو (50) جندياً إيفوارياً يقدمون الدعم لوحدة من بعثة الأمم المتحدة، متهماً إياهم بمحاولة زعزعة استقرار البلاد. وعلى الرغم من الإفراج عنهم في مطلع عام 2023، فإن التوتر ظل قائماً بفعل اتهام أحد أعضاء المجلس الوطني الانتقالي "مينكورو كاني" في مقطع فيديو منشور على وسائل التواصل الاجتماعي في 14 أغسطس 2024 الرئيس الإيفواري "الحسن واتارا" ورئيس بنين "باتريس تالون" بالخضوع للمصالح الفرنسية والتآمر ضد مصالح مالي والساحل.

وختاماً، يمكن القول إن التقارب العسكري بين المغرب وكوت ديفوار خلال الآونة الأخيرة يتسق مع الخط العام التصاعدي في حجم وكثافة المضامين الإيجابية لواقع التفاعلات المشتركة بين الجانبين على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية؛ إذ إن الأخيرة تعد بمنزلة الأساس الذي يبنى عليه تطور أواصر الصلات العسكرية والأمنية البينية بأبعادها المختلفة. وتطرح الرؤية المستقبلية تنامي التنسيق الوثيق بين الجانبين بشأن مختلف أوجه ومجالات التعاون العسكري، سواء على المستوى الثنائي أو المتعدد الأطراف في إطار منطقة الساحل الأفريقي؛ وذلك انطلاقاً من تلاقي منظومة الأهداف والمصالح الذاتية لكلا الطرفين في هذا الشأن.