• اخر تحديث : 2024-07-04 03:36
news-details
مقالات مترجمة

"ستراتفور": إلى أين ستأخذ يمينية الشباب الإسرائيلي المتزايدة سياستها الخارجية؟


تحت هذا العنوان كتب محلل شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لموقع "ستراتفور" الاميركي ريان بول عن دفع الشباب الإسرائيليون البلاد بشكل حازم إلى اليمين السياسي" كما قال.

ومما جاء في مقاله:

مع تطور اتجاهات هذه الفئة العمرية السياسية، يبرز السؤال عن الحزب القومي الإسرائيلي الذي سيتولى زمام الأمور. هل سيكون على نحو متزايد من أنواع الأحزاب التوسعية ذات العقلية الأمنية والمركزة اقتصاديًا مثل الليكود؟ أم أنه سيكون أكثر التزاماً أيديولوجياً بقضية ضم المستوطنات لأنواع الأحزاب مثل يمينا؟ أم أنه سيكون ذات تركيز ديني، ومحافظ ثقافيًا، وذات عضلات ديموغرافية متزايدة من الأحزاب مثل حزب شاس الأرثوذكسي المتطرف؟ إن هيمنة أحد هذه الأنواع الثلاثة سيكون لها عواقب على موقف إسرائيل الأمني الإقليمي، وفي بعض الأحيان يجعلها تتماشى مع بعض الحلفاء الجدد في الخليج مع إعادة تأكيد العداء مع إيران وتركيا.

على عكس مختلف الديموقراطيات في العالم، فإن الشباب القومي في إسرائيل يصوّت لمروحة من الأحزاب اليمينية مثل “الليكود”، والأحزاب الصديقة للمستوطنين على غرار “يمينا،” والأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة على شاكلة “شاس”. خلال سلسلة الانتخابات الإسرائيلية في العامين 2019 و2020، والتي يبدو أن لا نهاية لها، منحت شريحة واسعة من الشباب القومي أصواتها لزعيم الليكود بنيامين نتنياهو، في مقابل شريحة واسعة من الوسطيين منحت تأييدها لخصمه بيني غانتس (كاحول ليفان أو أزرق أبيض).

جيل الألفية الإسرائيلي الذي ولد في الغالب بعد العام 1980نشأ في عصر الصراع المستعصي، الذي تحقق فيه السلام من خلال الردع العسكري، وليس من خلال الدبلوماسية، وساهمت الضغوط الاقتصادية والشعور الديني المتزايد في جعل مستوطنات الضفة الغربية ورقة رابحة للأحزاب الإسرائيلية، على الرغم من الإدانات الدولية للاستيطان.

بعض هؤلاء الشبان من أحفاد مؤسسي إسرائيل، غالباً ما قدموا من يسار الوسط. لكن الكثير منهم يتحدر من نسل المهاجرين، من يهود ما بعد الاتحاد السوفياتي الذين زرعوا تقاليد سياسية واجتماعية يمينية جديدة في إسرائيل. إنهم يمثلون ثمرة طفرة مواليد الأرثوذكس المتطرفين، وهي مجموعة انتقلت من 5 في المئة من سكان إسرائيل عام 1990 إلى حوالي 12 في المئة حالياً.

يتفق هؤلاء على جوانب واسعة من القضايا القومية، مثل الهوية اليهودية لدولة إسرائيل، وحاجتها إلى تحقيق السلام من خلال القوة، والرغبة في التعاون الوثيق مع الولايات المتحدة، والاستعداد لتجاوز المعايير الدولية عندما يُنظر إليها على أنها لا تصب في مصلحة إسرائيل.

لقد تُرجم توجه إسرائيل من خلال الانجراف نحو سياسات الصقور ضد خصوم مثل إيران ووكلائها، وضد ضم الأراضي في فلسطين. أما الآن، فقد أصبح لدى إسرائيل حلفاء إقليميون في سعيها لتحقيق بعض هذه الأهداف، لاسيما مواجهة إيران، والتملص من الالتزامات المتصلة بحقوق الإنسان، والقواعد الدولية التي يمكن أن تقيد سياساتها.

في موازاة ذلك، يبدو أن لدى السعودية والبحرين والإمارات ومصر أهدافاً متشابهة، وإن بشكل متفاوت، وهذه القواسم المشتركة هي التي تساعد في دفع التطبيع الحالي للعلاقات العربية مع إسرائيل التي يرجح أن تتوطد مع انجراف إسرائيل إلى اليمين، لا سيما في ظل تنامي الروابط الاقتصادية بين الدولة العبرية وبين هذه الدول العربية.

وفي وقت يعيد الحلفاء الجدد تفسير مصالحهم الوطنية، فإنهم سيشهدون مستوى أدنى من التهديدات في حال انجراف إسرائيل نحو حل الدولة الواحدة، حيث أن القضية الفلسطينية التي كانت ذات يوم دعامة الدول العربية الأيديولوجية أصبحت دون الضرورات الوطنية الجديدة مقارنةً بالصراع مع إيران والتنوع الاقتصادي والاستقلال العسكري.

لكن إيران، وبدرجة أقل تركيا، ستظلان منافستين من الناحية القومية أيضاً. تندفع هاتان الدولتان نحو القومية، لكن أيديولوجيتهما القومية تتضمن عنصراً مناهضاً لإسرائيل. ولم تظهر إيران أي مؤشر على أنها ستبتعد عن برنامجها المناهض لإسرائيل.

لا يُظهر اليهود الأرثوذكس المتشددون سوى القليل من الدلالة على استعدادهم للتخلي عن المبادئ العزيزة عليهم والانضمام إلى الجيش الإسرائيلي، وهو ما ينذر باحتمال أن تذهب فصائل أخرى نحو هذا التوجه، ما سيؤدي إلى تقويض فعالية الجيش الإسرائيلي بمرور الوقت

إن انجراف إسرائيل نحو اليمين في علاقاتها مع أوروبا والولايات المتحدة هو موضع تساؤل أيضاً. ففي أوساط الحلفاء الغربيين، يظهر المد المتصاعد للجيل الشباب من اليساريين الساعين إلى تعزيز المعايير التي تكرّست بعد الحرب العالمية الثانية، لا سيما قضايا حقوق الإنسان التي يبقى التزام اليمين الاسرائيلي بها محاطاً بالشكوك.

حالياً، تسعى هذه المجموعة اليسارية إلى تشكيل ادارة جو بايدن المقبلة، حيث من المرجح أن تأخذ حقوق الإنسان أولوية أعلى مما كانت عليه في عهد الرئيس دونالد ترامب. لكن اهتمام أوروبا والولايات المتحدة يبقى دون المستوى عندما يتعلق الأمر بالإدارة التفصيلية للشرق الأوسط، فالمحاولات المتكررة لإيجاد سلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين أربكت رئيساً بعد رئيس، ولا يبدو أن الأمر يمثل أولوية قصوى للادارة الأميركية الجديدة.

وعلى عكس ما حدث في التسعينيات، والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما كانت الولايات المتحدة قادرة على تنفيذ استراتيجيات أحادية الجانب في الشرق الأوسط، فإن لدى إسرائيل اليوم طرقاً لمواجهة بعض هذا الضغط، اذ يمكنها أن توسع علاقاتها الاقتصادية والأمنية مع حلفائها العرب الخليجيين الجدد، وهم أنفسهم يشعرون بالقلق ازاء التغييرات المحتملة في السياسات الأميركية.

لكن اسرائيل يمكن أن تذهب أبعد من ذلك: روسيا والصين. بعد عقود من النمو العسكري والاقتصادي يمكن أن تشكل هاتان الدولتان لإسرائيل تعويضاً حقيقياً لنفوذ الولايات المتحدة، سواء اقتصادياً أم عسكرياً.

قد يكون مجرد التلويح بهذا المحور، سواء كان موسكو أو بكين أو كليهما، كافياً لإحباط بعض المحاولات الأميركية لإعادة تشكيل السياسات الإسرائيلية.

في غضون ذلك، هناك الكثير من الخلافات بين المكونات اليمينية الإسرائيلية الثلاثة. على سبيل المثال، لا يُظهر اليهود الأرثوذكس المتشددون سوى القليل من الدلالة على استعدادهم للتخلي عن المبادئ العزيزة عليهم والانضمام إلى الجيش الإسرائيلي، وهو ما ينذر باحتمال أن تذهب فصائل أخرى نحو هذا التوجه، ما سيؤدي إلى تقويض فعالية الجيش الإسرائيلي بمرور الوقت.

من جهة ثانية، يرغب المزيد من المستوطنين الايديولوجيين ليس في الالتفاف على الأعراف الدولية فحسب، بل كسرها والتحرك نحو الضم الرسمي للضفة الغربية، في حين أن العديد من أحزاب يمين الوسط لا تريد المخاطرة بعلاقاتها مع العالم الخارجي بمثل هذا السلوك المفاجئ.

مع احتمال أن يصبح الجناح اليميني قوة مهيمنة أكثر فأكثر في إسرائيل، ستعطي الائتلافات اليمينية ورؤساء حكوماتها شكلاً لكيفية إن هذه الأيديولوجيات تنعكس على سلوك إسرائيل الإقليمي. إذ سيتم انتخاب بعض رؤساء الوزراء على أساس برامج متشددة، لكنهم محافظون في الأساس، ويسعون وراء المبادئ الدولية عندما يناسبهم الأمر سياسياً ودبلوماسياً، تماماً مثلما حقق نتنياهو مسيرة سياسية. قد يكون البعض الآخر على شاكلة نفتالي بينيت من يمينا الذي أكد أنه سيواصل توسيع المستوطنات والضم على الرغم من رد الفعل الدبلوماسي والأمني المحتمل. وبالتالي، فإن أكثر ما سيحدد السلوك الإسرائيلي عندما يتحول إلى اليمين، ليس الضغط الخارجي لحلفاء إسرائيل، بل الديناميات بين الفصائل اليمينية نفسها.