تحت هذا العنوان كتب مراسل صحيفة "نيويورك تايمز" الاميركية رونين بيرغمان عن اتفاق التطبيع بين الكيان الصهيوني والمغرب، ومما جاء فيه:
لقد عمل البلدان اللذان اتفقا على تطبيع العلاقات معًا بشكل وثيق منذ ما يقرب من 60 عامًا في الشؤون العسكرية والاستخباراتية، والاغتيالات، وهجرة اليهود إلى إسرائيل، لكن بشكل سري... وظل كل منهما ينكر وجوده.
إن التعاون الذي تم كشفه من خلال سلسلة لقاءات ووثائق على مدى السنوات الطويلة يعكس السياسة الإسرائيلية القائمة على بناء علاقات مع الأنظمة العربية التي تشترك معها في المصالح والأعداء. وتبنت إسرائيل استراتيجية الهامش التي تقوم على الوصول إلى الدول البعيدة عن نزاع إسرائيل مع الدول العربية المركزية أو مع تلك التي تقيم علاقة عدائية مع أعداء إسرائيل.
في المقابل ساعد المغرب على تهجير اليهود المغاربة وعملية ضد أسامة بن لادن وحتى التجسس على الدول العربية الأخرى. وتنبع العلاقة المغربية- الإسرائيلية من أعداد اليهود المغاربة قبل ولادة دولة إسرائيل في العام 1948 مما جعلهم أكبر الجماعات داخلها. يعود حوالي مليون يهودي مغربي في أصولهم إلى المغرب ممن احتفظوا بعلاقات عميقة في البلد الذي يبعد عنهم ألفي ميل.
وعندما حصل المغرب على استقلاله في العام 1956 منع اليهود من الهجرة، وبدأ الموساد بتهريب أعداد منهم في العام 1961 لكن تم كشف العملية بعدما غرقت سفينة تحمل يهودًا، ومات معظم من كانوا على متنها.
وبعد شهر من الحادث، تولي الملك الحسن الثاني الحكم، وركزت إسرائيل على إنشاء علاقات قوية معه. والتقى عملاء إسرائيليون مع المعارض المغربي المهدي بن بركة الذي طلب المساعدة في جهوده للإطاحة بالملك، لكن الموساد أخبر الملك الحسن الثاني بدلًا من ذلك.
وكافأ الملك إسرائيل بالسماح لليهود بالهجرة الجماعية، وسمح للموساد بإنشاء محطة له في المغرب. وقدمت إسرائيل أسلحة للمغرب ودربت المغاربة على استخدامها، وزودته بتكنولوجيا مراقبة وساعدت على تنظيم المخابرات المغربية، وتم تبادل المعلومات الأمنية بين المخابرات المغربية والإسرائيلية وتعاونًا في الكثير من العمليات.
وجاءت لحظة مهمة في العلاقات، عندما اجتمع قادة الدول العربية في الدار البيضاء، وسمح المغرب للموساد بالتنصت على أجنحتهم الخاصة. وقدمت العملية لإسرائيل منفذًا غير مسبوق للتفكير العربي والقدرات والخطط الحيوية في وزارة الدفاع لحرب العام 1967.
وفي مقابلة أجريت عام 2016 مع شلومو غازيت الذي أصبح رئيسا لهيئة الأركان الإسرائيلية، قال: "كانت التسجيلات إنجازًا خارقًا خلق لدينا شعورًا في رأس هرم الجيش الإسرائيلي أننا سنفوز بالحرب ضد مصر".
بعد ذلك الانقلاب الاستخباري بوقت قصير، وبناءً على طلب المخابرات المغربية حدد الموساد مكان زعيم المعارضة السيد بن بركة، وساعد في استدراجه إلى باريس. هناك، اختطفه المغاربة والفرنسيون المتحالفون معه. تم تعذيبه حتى الموت، وقام عملاء الموساد بالتخلص من الجثة التي لم يتم العثور عليها.
بعد عقد من الزمان، أصبح الملك حسن وحكومته القناة الخلفية بين إسرائيل ومصر، وأصبح المغرب موقع اجتماعات سرية بين مسؤوليهما قبل اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978 وتطبيع العلاقات بين الأعداء السابقين. ساعدت إسرائيل لاحقًا في إقناع الولايات المتحدة بتقديم المساعدة العسكرية للمغرب.
في العام 1995، ووفقًا لمسؤول سابق في الموساد كان شريكًا في هذا التخطيط، وطلب عدم ذكر اسمه انضمت المخابرات المغربية إلى خطة الموساد الفاشلة في النهاية لتجنيد سكرتير زعيم القاعدة أسامة بن لادن، للعثور وقتله.
سعى خليفة الحسن الثاني الملك محمد السادس على مدى سنوات إلى الحصول على مساعدة إسرائيل في اقناع أميركا بالقبول بضم المغرب للصحراء الغربية الذي تحقق أخيرًا في إعلان يوم الخميس.
وكان زعيم الجالية اليهودية الصغيرة المتبقية في المغرب سيرج باردوغو سفير الملك في هذا الجهد منذ العام 2006، حيث التقى بمسؤولين إسرائيليين وقادة اليهود الأميركيين.
وكان يحضر هذه الاجتماعات أحياناً صديق الملك القديم الذي يترأس وكالة المخابرات الخارجية المغربية ياسين المنصوري، والتقى المنصوري بدوره مباشرة مع نظيره الإسرائيلي رئيس الموساد يوسي كوهين، وأدار المفاوضات التي أدت إلى اتفاق تطبيع العلاقات.