كتب مارك تيسن مقالة رأي في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية تناول فيها هجوم الأربعاء على الكونغرس، مشيراً إلى الدور التحريضي للرئيس الأميركي دونالد ترامب حيث دعا حشداً من مؤيديه إلى واشنطن، وعبّأهم بأكاذيب حول سرقة الانتخابات، وهاجم أعضاء الكونغرس لتواطئهم في تلك السرقة ثم أرسلهم إلى مبنى الكابيتول. فقد أعلن ترامب في تجمع "أنقذوا أميركا" "Save America" : "لقد تخلصنا من أعضاء الكونغرس الضعفاء"، وحض الحشد على "السير في شارع بنسلفانيا" و"استعادة بلدنا".
وأضاف: سرعان ما حاول الآلاف من أنصاره القيام بذلك عبر سحق حواجز الشرطة، واقتحام مبنى الكابيتول، وشق طريقهم إلى غرفتي مجلسي النواب والشيوخ. والحصيلة: قُتلت امرأة - وهي من قدامى المحاربين في القوات الجوية عمرها 35 عامًا، وهي واحدة من أربعة أشخاص لقوا حتفهم نتيجة أعمال الشغب العنيفة. لقد كانت واحدة من أحلك اللحظات في تاريخ ديمقراطيتنا، وترامب هو المسؤول عن ذلك. لقد شكّل ترامب الغوغاء وحرّضهم. لقد أذكى غضبهم بأكاذيب تخدم الذات، وخان أتباعه، وخان منصبه. والآن تلطخت يداه بالدماء.
ورأى الكاتب أنه مع ذلك، "وسط الظلام، رأينا أيضاً مرونة ديمقراطيتنا. في غضون ساعات، تم تطهير مبنى الكابيتول وعاد الكونغرس للانعقاد. بحلول وقت مبكر من صباح الخميس، أكد كلا المجلسين فوز جو بايدن بدعم من الحزبين. وعلى الرغم من هجوم ترامب غير المسبوق على مؤسساتنا الديمقراطية، فإن مؤسساتنا لم تتعثر. رفضت المحاكم الدنيا - بما في ذلك العديد من القضاة المعينين من قبل ترامب - مزاعم ترامب الوهمية. رفضت المحكمة العليا، ذات الأغلبية المحافظة 6-3 التي عيّنها ترامب، الاستجابة لدعواته للتدخل. وقد دافع العديد من المسؤولين المنتخبين في الحزب الجمهوري على جميع مستويات الحكومة - الفيدرالية والولائية والمحلية - من أجل نزاهة عمليتنا الانتخابية. لقد توحّد جميع وزراء الدفاع العشرة الأحياء - بمن فيهم الجمهوريان ديك تشيني ودونالد رامسفيلد - لدعم القادة العسكريين في مقاومة أي جهود لإشراكهم في النزاع الانتخابي. وقام نائب الرئيس مايك بنس بواجبه الدستوري ورفض الموافقة على مخطط ترامب لرفض نتائج الانتخابات، كما فعل زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل.
وأضاف الكاتب: بعبارة أخرى، على الرغم من المشاهد المروعة في الكابيتول هيل، فإن ديمقراطيتنا ليست - بحسب تعبير ماكونيل - في "دوامة الموت". صمدت حواجزنا الدستورية. سيترك ترامب منصبه في 20 كانون الثاني / يناير الجاري، وسيؤدي بايدن اليمين كرئيسنا السادس والأربعين. إن النظام يعمل. لكن بينما نتأمل أحداث الأربعاء، ومسؤولية الرئيس عما حدث، تجدر الإشارة إلى أن مؤسسة واحدة قد خذلتنا: الإعلام. كان ترامب قادراً على إقناع ملايين الأميركيين بالاعتقاد بأنهم محرومون من حق التصويت من خلال التزوير الانتخابي. لماذا صدق الكثير من أكاذيبه؟ لأن الإعلام - الذي من المفترض أن يكون حكماً موضوعياً للحقائق - فقد مصداقيته.
وقد أظهر استطلاع أجرته مؤسسة غالوب / نايت في آب / أغسطس 2020 أن 83 في المئة من الأميركيين يعتقدون أن هناك "قدراً كبيراً" أو "قدراً معقولاً" من التحيّز السياسي في التغطية الإخبارية، ويقول 80 في المئة من الأميركيين إن هذه الأخطاء متعمدة، إما لأن المراسل يقوم بتحريف الحقائق أو باختلاقها بالكامل. وفي نظر مؤيدي ترامب، أمضى الكثيرون في وسائل الإعلام السنوات الأربع الماضية يفعلون ذلك
بالضبط، حيث قاموا بتضخيم المزاعم الواهية مثل ملف ستيل ونظرية المؤامرة حول تآمر ترامب مع روسيا في محاولة لإسقاطه. لذا فهم الآن غير مستعدين لتصديق تلك المؤسسات الإخبارية نفسها عندما تنقل الحقيقة بأن ادعاءات الرئيس ترامب بأن الانتخابات سُرقت غير صحيحة بشكل واضح.
وختم الكاتب بالقول إنه في أقل من أسبوعين، سوف يرحل ترامب - وبفضل أحداث الأربعاء، ربما لن يعود سياسياً. سيتم إصلاح الأضرار التي لحقت بمبنى الكابيتول قريباً. لكن الأمر سيتطلب الكثير من الجهد لإصلاح نسيج الثقة الذي يربطنا كأمة. ربما سيجبرنا نفورنا المشترك مما شهدناه في الكابيتول هيل أخيراً على فحص الضمير من كل الجوانب والسعي إلى وحدة أكبر.