كتب ديفيد أغناتيوس في مقالة في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية يقول إنه في حين تسعى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إيجاد مسار أفضل في العلاقات الأميركية السعودية، فإن إحدى العقبات هي قضية شابين سعوديين سجنهما ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للضغط على والدهما، وهو مسؤول الاستخبارات السعودي الكبير السابق سعد الجبري.
كان محمد بن سلمان يحاول إجبار الجبري على العودة إلى المملكة من مدينة تورنتو الكندية حيث يعيش في المنفى. واعتقلت السلطات السعودية اثنين من أبنائه، هما عمر وسارة، 22 و20 عاماً على التتالي، وسجنا في آذار / مارس الماضي. وقال خالد، الإبن الأكبر لسعد الجبري، وهو طبيب قلب يعيش مع والده في المنفى، إنهما يُستخدمان "كرهينتين سياسيتين" لتأمين عودة والدهما المسؤول السابق.
ومع الانتقال إلى إدارة أميركية جديدة، قال خالد الجبري في رسالة بريد إلكتروني أرسلتها إلى أغناتيوس، إن تأمين حرية أخيه وأخته "سيكون الاختبار الأكثر دقة في الولايات المتحدة لقدرتهم على التأثير على سلوك محمد بن سلمان وتغييره".
وعلى الرغم من الدعم القوي للرئيس دونالد ترامب لمحمد بن سلمان، فقد قالت وزارة الخارجية الأميركية في آب / أغسطس الماضي إن الضغط على إبن وإبنة الجبري "غير مقبول" وحضت على إطلاق سراحهما فوراً، وفقاً لرسالة قدمتها عائلة الجبري. وجاء في الرسالة أن أي مزاعم سعودية ضد الجبري "يجب معالجتها من خلال القنوات القانونية القائمة بشفافية كاملة".
وقال الكاتب إن هذه القضية الحساسة هي الآن على عاتق إدارة بايدن، التي تريد الحفاظ على الشراكة الأمنية الأميركية مع المملكة العربية السعودية ولكنها تسعى في الوقت نفسه إلى "إعادة تقييم" للشراكة تركز بشكل أكبر على قضايا حقوق الإنسان.
ونقل الكاتب الأميركي عن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية أنه أبلغه يوم الأحد: "ستواصل وزارة الخارجية التوضيح للسلطات السعودية أن أي مقاضاة لعائلة الجبري غير مقبولة. نحن قلقون من الظروف التي أدت إلى نفي [سعد الجبري] في كندا. سنواصل إثارة هذه المخاوف مع كبار المسؤولين السعوديين".
وأضاف أغناتيوس أن إدارة بايدن منزعجة بشدة من هذه القضية وتريد إرسال هذه الرسالة إلى السعوديين، وحيث أن محاكمة إبني الجبري بدأت قبل فترة طويلة من الانتخابات الأميركية، فإن المسؤولين الأميركيين لا يرون في ذلك تحدياً سعودياً مباشراً للرئيس بايدن. لكن بينما يراجع المسؤولون مجمل العلاقات الأميركية السعودية، سيبحث المسؤولون عن كثب في سجل حقوق الإنسان في الرياض وأي خطوات تتخذها المملكة في الاتجاه الصحيح.
وسادت قضية الجبري في الأسابيع الأخيرة؛ حيث أُدين عمر وسارة في محاكمة سرية في تشرين الثاني / نوفمبر 2020 بتهمة غسل الأموال والتآمر للهروب من المملكة، وحُكم عليهما بالسجن تسع سنوات وستة أعوام ونصف على التتالي، بحسب خالد الجبري. وقال خالد إن التهمة السعودية خاطئة، لأنها تعاملت مع بدلات المعيشة العادية لأشقائه على أنها شيء غير لائق، وأشار إلى أن خطة الهروب المزعومة جاءت أثناء إغلاق حدود البلاد بسبب وباء كورونا.
وأضاف خالد الجبري أن المدعي العام السعودي لم يقدم أي دليل مباشر على ارتكاب أخيه وأخته لهذه الجرائم، وأن المحامي الذي تم تعيينه لتمثيلهما لم يُسمح له بمقابلة موكلَيه في مكاني احتجازهما غير المعلنين.
وفي الأسبوع الماضي، اختفت القضية من السجل الرسمي للقضايا الجنائية السعودية على الإنترنت، لكن الأسرة لم تكن متأكدة مما يشير إليه ذلك.
وأشار أغناتيوس إلى أن أحد أسباب قلق المسؤولين الأميركيين، عبر إدارتين، من هذه القضية هو أن سعد الجبري كان شريكاً رئيسياً لوكالة الاستخبارات المركزية في جهودها لمكافحة الإرهاب ضد تنظيم القاعدة. وأشارت رسالة في تموز / يوليو 2020 موجّهة إلى ترامب من مجموعة مؤلفة من أربعة أعضاء في مجلس الشيوخ من الحزبين إلى أن الجبري "نُسب إليه الفضل من قبل مسؤولي وكالة الاستخبارات المركزية السابقين في إنقاذ آلاف الأرواح الأميركية من خلال اكتشاف المؤامرات الإرهابية ومنعها".
وقال أعضاء مجلس الشيوخ في الرسالة: "نعتقد أن الولايات المتحدة لديها التزام أخلاقي لفعل ما في وسعها للمساعدة في ضمان إطلاق سراح ولديه".
وكان إبنا الجبري من بين الأهداف الأولى لمحمد بن سلمان عندما استولى على السلطة في 21 حزيران / يونيو 2017، بإطاحة ولي العهد الأمير محمد بن نايف، الذي كان راعي سعد الجبري، عندما كان وزيراً للداخلية. وقد تم إيقاف عمر وسارة في مطار الرياض في ذلك اليوم. سارة، 17 عاماً، مُنعت من مغادرة البلاد؛ ورفض شقيقها عمر، الذي كان يبلغ من العمر 18 عاماً، المغادرة من دونها. وكان الاثنان في طريقهما إلى المدرسة في الولايات المتحدة، حيث كان يعيش والدهما.
وعندما رفض سعد الجبري طلب محمد بن سلمان بالتعاون في تبادل أيلول / سبتمبر 2017، حذر ولي العهد من أنه سيسعى إلى اعتقال الجبري من خلال مذكرة إلى الإنتربول أو "وسائل أخرى من شأنها أن تضر بك"، وفقاً لمراسلات قدمتها العائلة.
وعرض رئيس الوزراء الكندي السابق بريان مولروني التوسط في تشرين الثاني / نوفمبر 2017 وزار البيت الأبيض لمناقشة القضية مع جاريد كوشنر، صهر ترامب وكبير مستشاريه، بحسب خالد الجبري. وقال إن كوشنر رد، من خلال مولروني: "إنه وضع سام، كل شخص لديه الكثير على الآخر".
لكن الحكومة السعودية واصلت طلبها إصدار مذكرة توقيف من الإنتربول بحق الجبري، بدعوى الفساد. لكن لجنة الانتربول رفضت الطلب في تموز / يوليو 2018. وأشارت اللجنة في قرارها إلى أن "الإجراءات التقييدية غير المبررة على عائلته تشير إلى أن القضية لها دوافع سياسية وليست قانونية بحتة".
ورفع سعد الجبري دعوى قضائية ضد محمد بن سلمان في آب / أغسطس 2020 في محكمة جزئية فيدرالية في العاصمة واشنطن، على أمل فرض حل قضائي للقضية أو التفاوض على تسوية. وفي اليوم الذي رفعت فيه الدعوى، أرسلت وزارة خارجية ترامب خطاب دعمها الاستثنائي للجبري، واصفة إياه بأنه "شريك مهم للحكومة الأميركية، عمل معنا عن كثب لضمان سلامة الأميركيين". وجاء في الرسالة أن "أي اضطهاد لأفراد عائلة الجبري أمر غير مقبول".
وختم أغناتيوس بالقول إن إدارة بايدن تريد الحفاظ على شراكة استراتيجية مع السعودية، تماماً كما فعلت إدارة ترامب. لكن أي إعادة ضبط يجب أن تعالج القلق الواسع بين الحزبين في واشنطن بشأن انتهاكات حقوق الإنسان السعودية، وستكون القضية الزائفة ضد ولدي الجابري مكاناً جيداً للبدء.