زعم الصحافي الصهيوني أنشل بفيفر، مراسل صحيفة "هآرتس" للشؤون اليهودية والدولية والعسكرية، في مقالة له في صحيفة "ذا تايمز" البريطانية، أن حركة حماس الفلسطينية خسرت أصدقاءها في الآونة الأخيرة. فقد تم طرد حركة المقاومة الفلسطينية من سوريا عندما اختارت دعم المتمردين الذين يقاتلون الرئيس السوري بشار الأسد، وفي مصر طاردها الرئيس عبد الفتاح السيسي، مما جعل المنطقة تبدو غير مواتية بشكل متزايد لتوجهها الإسلامي، بحسب الكاتب.
وقال الكاتب الصهيوني إن تركيا قدمت استثناء، كون حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه الرئيس طيب رجب أردوغان يتشارك هذه الأيديولوجية مع جماعة الإخوان المسلمين، مصدر الإلهام الأصلي لحركة حماس، وقد قدم أردوغان تأشيرات إقامة طويلة الأجل وحتى الجنسية التركية لبعض أعضاء حماس الرئيسيين.
وادعى أن حماس بدأت في العمل بحرية في تركيا، كما كشفت صحيفة "ذا تايمز" العام الماضي، حيث بدأت في استخدام إسطنبول كقاعدة لعمليات سرية، بما في ذلك الهجمات الإلكترونية، على دول أخرى. وتظهر الآن تفاصيل جديدة حول أنشطتها، بما في ذلك التركيز على تجنيد الطلاب الفلسطينيين الذين يدرسون الهندسة والطب في الخارج لعمليات سرية.
وزعم الكاتب أن الرئيس التركي يصر علنياً على أن تركيا لا تزال تدعم الفلسطينيين ضد "إسرائيل"، لكن واقعة أن "حماس" يبدو أنها تجاوزت تفويضها من دون علمه أعطت أردوغان العذر لبدء تقليص أنشطتها في البلاد.
وفسّر الكاتب ذلك بأنه على مدار السنوات الماضية، كان أردوغان يشعر بالعزلة الدولية. فقد أثار حفيظة حلفائه في حلف الأطلسي "الناتو"، ولا سيما الولايات المتحدة، بسبب مغازلته روسيا، والآن تتدهور هذه العلاقة. وقد شاهد جارتيه وخصميه اليونان وقبرص تبنيان تحالفات جديدة مع "إسرائيل"، كما فعلت الإمارات العربية المتحدة ودول عربية أخرى. كما أن سياسته الخارجية في حالة يرثى لها، لذلك يحاول أردوغان إعادة التواصل مع حلفاء بلاده القدامى، بما في ذلك "إسرائيل". واعتبر الصحافي الصهيوني أن لديه ورقة مساومة واحدة يهتم بها الإسرائيليون هي حركة حماس.
وأشار بفيفر إلى أن الحكومة التركية قد بدأت في تضييق الخناق على عمليات "حماس" في الأسابيع الأخيرة. فلم يعد يُمنح أعضاؤها الجنسية أو تأشيرات طويلة الأجل، بحسب تقارير وسائل الإعلام التركية، وتم اعتقال أحد أعضاء "حماس" في مطار إسطنبول وتم ترحيله.
وزعم الكاتب أن التحقيق التركي، إلى جانب العمل الاستخباراتي لدول أخرى، في إشارة إلى "إسرائيل" ودول خليجية، عن شبكة من المنظمات الأمامية تستخدمها حماس في اسطنبول، تحت غطاء الجماعات الخيرية الإسلامية الداعمة للطلاب. والهدف الأساسي لإحدى وحدات "حماس" السرية، "الرائد"، هو تجنيد فلسطينيين يدرسون الهندسة والطب في الخارج. كان أحد هؤلاء الطلاب هو أحمد سيدار، 28 عاماً، من أريحا، الذي جنده اثنان من أعضاء "حماس" في إسطنبول عام 2018، واستخدما اسم شريف ونظامي.
وقد وافق سيدار على العمل مع "حماس"، وتلقى تدريباً في بيوت آمنة. وعندما عاد إلى الضفة الغربية، مزوداً بهاتف ذكي، تم توجيهه للبدء في تجنيد شبكته الخاصة، لكن الاستخبارات الإسرائيلية اعتقلته وهو محتجز الآن في سجن عوفر العسكري بالقرب من رام الله ومحاكمته جارية.
ويدير وحدة "الرائد"، سامح سراج القيادي البارز في قيادة "حماس" في غزة وقائدها على الأرض ماهر صلاح الذي يسافر بين اسطنبول وبيروت.
ولم يقل الكاتب الذي يعبّر عن مزاعم واتهامات سلطات الاحتلال الصهيوني واستخباراته أن وحدة الرائد وتجنيدها لهؤلاء الطلاب هو للعمل لمصلحة مقاومة الاحتلال في الضفة الغربية.
لكن قال إن المراقبة في اسطنبول، من دون أن يبيّن إن كانت مراقبة الموساد أو أي استخبارات أخرى، قد كشفت أن حماس تعمل من مكاتب في حي باشاك شهير في الجانب "الأوروبي" من المدينة. وأضاف أن هذا الحي هو أيضاً موطن لمجموعات مثل "التحالف العالمي لمساعدة فلسطين والقدس"، وجمعية حكماء فلسطين، ومعهد رايا، وجمعية الأيادي البيضاء، التي تتهمها الاستخبارات الغربية، لعلها الإسرائيلية، في أنها منظمات واجهة. وأوضح أنها رسمياً مجموعات خيرية تدعم الطلاب حيث يستخدم عملاء الرائد العديد من المطاعم في الحي.
وذكّر الكاتب أنه في الشهر الماضي، قال أردوغان للصحافيين في أنقرة: "نحن مهتمون بجلب علاقاتنا مع "إسرائيل" إلى مكان أفضل". وكانت الدولتان ذات يوم حليفتين استراتيجيتين، لكن أردوغان أراد تصوير نفسه على أنه حامي الشعب الفلسطيني وقام بخفض العلاقات مع "إسرائيل".
وأشار بفيفر إلى أن تحركات الرئيس التركي على المسرح العالمي قد أدت إلى نتائج عكسية. فلا تزال تركيا عضوًا في حلف الناتو، لكن الولايات المتحدة ألغت بيع مقاتلات الشبح من طراز F-35 إلى القوات الجوية التركية العام الماضي رداً على قرار أردوغان شراء نظام دفاع صاروخي روسي متقدم هو S-400.
وقال مسؤولون صهاينة في الأسابيع الأخيرة إن مفتاح تحسين العلاقات بين "إسرائيل" وتركيا هو تخلي أنقرة عن دعمها لحركة حماس. ويبدو أن أردوغان قد تلقى هذه الرسالة، بحسب زعم الكاتب الصهيوني.
وقد نفت "حماس"، المزاعم التي ساقها تقرير الصحافي الصهيوني في صحيفة "التايمز"، من توجيه تركيا رسائل للحركة بشأن حضورها ونشاطها. وقال القيادي في الحركة سامي أبو زهري في تصريح صحافي إن ما ورد في التقرير عبارة عن مزاعم لا أساس لها من الصحة، مؤكداً على أن علاقة تركيا بالفصائل الفلسطينية جيدة ومستقرة ولا تعاني من أية توترات.
ولفت أبو زهري إلى أن التقارير التي تروّج لوجود توتر بين حماس وتركيا، "تقف خلفها جهات ولوبيات إسرائيلية تهدف لضرب العلاقة التي تجمع بين الطرفين". وأكد أن الحركة "اعتادت على مثل هذه التقارير التحريضية ضد علاقاتها وتواصلها مع المحيط العربي والإسلامي وحتى الدولي، والتي عادة ما تقوم بها جهات تستند على مصادر مشبوهة وافتراضية وكاذبة".