كتب غاري أندرسون في صحيفة "واشنطن تايمز" الأميركية حول توجهات الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن في الشرق الأوسط، مشيراً الى أن حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين سعداء بالرئيس الجديد، ولكن حلفاءنا التقليديين في الشرق الأوسط أقل انشراحاً، وهذه بداية سيئة.
وكتب "يبدو أن أعداءنا الشيعة في المنطقة يكافؤون بينما شركاءنا السنة يُنبذون. قال لي أصدقائي الإسرائيليون إنهم ينتظرون الخطوة التالية في العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة والدولة العبرية. ويخشى أصدقاء عراقيون سُنة وشيعة أن تطلق الولايات المتحدة يد إيران في بلاد ما بين النهرين، ما سيؤدي إلى المزيد من العنف الطائفي، مع اشتداد قمع الميليشيات الشيعية للأقلية السنية".
هذا القلق لا ينبع عن تكهنات. إذ أن فريق الأمن القومي لبايدن تحرك بسرعة لعرقلة الشراكة الإسرائيلية السنية في المنطقة. ويشكل إعلان الإدارة الأميركية عزمها على العودة إلى الانخراط مع طهران في المسائل النووية دون أن تربطه بخفض النشاطات السلبية الأخرى لإيران في المنطقة، عودة إلى مرحلة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، والاضطراب الإقليمي.
وأدركت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب ن الميزان الاستراتيجي العالمي قد تغير. واستقلالية أمريكا في موارد الطاقة جعل المنطقة أقل أهمية لواشنطن مما كانت عليه في القرن الماضي.
وأدركت إسرائيل والقوى السنية في المنطقة هذا الأمر، واتجهت نحو تأسيس تحالف استراتيجي جديد يقل اعتماده على الولايات المتحدة يوماً بعد يوم. إن فريق بايدن يبدو عازماً على العودة إلى المستقبل.
اختار بايدن فريقاً للسياسة الخارجية من المؤيدين التقليديين لتدخل أميركا في الشؤون الدولية، ومن الذين لا يمكنهم تصور العالم دون تورط أميركي في كل مكان، حتى عندما يكون الأمر غير مرغوب فيه، أو بلا ضرورة.
حقيقة ثابتة
وبالنسبة لإيران، هناك حقيقة ثابتة. فهي ستواصل السعي سراً لامتلاك السلاح النووي، بصرف النظر عما تفعله واشنطن. وعندما تصبح قريبة من القنبلة النووية، فإن الإسرائيليين، ومن المحتمل بالتعاون مع لاعبين إقليميين آخرين، سيحولون البرنامج النووي الإيراني إلى حفرة دخان في الأرض، تاركين الولايات المتحدة عاجزة وضعيفة.
وفي الوقت نفسه، ستواصل إسرائيل والدول السنية الرئيسية بناء تحالف مناهض لإيران، دون الولايات المتحدة. وإذا ضغطنا عليهم في الموضوع الفلسطيني، غير المهم استراتيجياً، وفي قضايا حقوق الإنسان، فإنهم سيبدأون التعامل مع الروس والصينيين.
وفي الوقت عينه، سنرى أعمالاً سنية إسرائيلية مشتركة في العراق وسوريا لإضعاف النفوذ الإيراني في البلدين. وفي منطقة تتراجع فيها المصالح الوطنية الحيوية، فإنه في بعض الأحيان تكون النصيحة الأفضل "لا تفعل شيئاً. ابق مكانك".
ولا يزال في إمكان الولايات المتحدة أن تلعب دوراً في المنطقة. والجنود الـ2500 في العراق قد يشكلون ورقة ضغط. فإيران تريدهم أن يرحلوا، بينما تريد واشنطن من مستشاري الحرس الثوري الإيراني أن يرحلوا أيضاً.
وكذلك الأمر بالنسبة إلى سوريا حيث لا تزال هناك قوة أمريكية. وقد ترتبط المقايضة بإبطاء البرنامج النووي الإيراني، إذا أردنا ألا نخدع أنفسنا بأن الإيرانيين سيتخلون عن هدف الحصول على أسلحة نووية. كما أن الولايات المتحدة لا تزال لديها مصلحة، وإن كات حيوية، في ضمان حرية الملاحة في البحار والعمل رادعاً لنشاطات إيرانية سلبية أخرى في المنطقة، وكذلك لردع المغامرات الروسية.