يقول الكاتب ديباسيش روي شودري إن "الديمقراطية" الكلمة الوحيدة التي تطرح كثيرا عندما تتحدث الهند وأميركا عن علاقاتهما.
ويضيف -في مقاله بمجلة "تايم" الأميركية- أن الديمقراطية تشكل أساس "القيم المشتركة" و"الرابطة المشتركة" بين الشركاء "الطبيعيين"، وجميع هذه العبارات التي تظهر دائما في البيانات الرسمية الصادرة عن هؤلاء الشركاء.
وهكذا كان الأمر عندما تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن إلى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في الثامن من فبراير/شباط الحالي.
لكن الرئيس الأميركي الجديد -كما يقول شودري، وهو مؤلف مشارك لكتاب "قتل الديمقراطية.. ممر الهند إلى الاستبداد"- بدأ يعتقد أنه لن يكون من السيئ تذكير الهند بالروابط المشتركة بين البلدين أيضا.
المعايير الديمقراطية
فقد جاء في بيان البيت الأبيض خلال الاجتماع أن "الرئيس أكد رغبته في الدفاع عن المؤسسات والمعايير الديمقراطية في جميع أنحاء العالم، وأشار إلى أن الالتزام المشترك بالقيم الديمقراطية هو حجر الأساس للعلاقات الأميركية الهندية".
وعلق الكاتب بأن الولايات المتحدة تود أن ترى الهند مضادا أيديولوجيا وإستراتيجيا لصعود الصين، ولكن أصبح من الصعب بشكل متزايد التغاضي عن المعايير الديمقراطية المتراجعة في الهند، حيث ازدادت الاعتداءات اليومية على الحريات المدنية، وكذلك التهديدات التي تتعرض لها الأقلية المسلمة في الهند، في ظل حكم حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي، الذي يتزعمه مودي، وهي تهديدات تزايدت وبشكل ملحوظ منذ إعادة انتخاب مودي عام 2019.
واعتبر الكاتب أن ما يجري يشكل كابوسا لبايدن، الذي يتولى زمام الأمور في وقت تعزز فيه الصين قوتها وتأثيرها العالميين، في حين يظل المزاج المحلي في الولايات المتحدة يركز على الداخل.
وأشار إلى ما وصفه بتوازن بايدن الذهبي، وهو تحالف عالمي للديمقراطيات لمواجهة الصين بشكل جماعي، الذي وعد به في حملته الانتخابية، وهو ما أطلق عليه "قمة للديمقراطية" لتجديد الروح والهدف المشترك لدول العالم الحر.
المجموعة الرباعية
ويضيف الكاتب أنه عندما تقلد بايدن منصبه بدأ يدفع في الاتجاه نفسه، حيث احتلت المجموعة الرباعية (منتدى إستراتيجي لـ4 ديمقراطيات من منطقة المحيطين الهندي والهادي: الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند) مكانة بارزة في بيان البيت الأبيض بشأن محادثة بايدن مع مودي.
وأردف الكاتب أنه لكي ينجح التحالف المبدئي الجديد للديمقراطيات ضد الصين يجب أن تكون مكوناته ديمقراطية، بمعنى أن الضغط على الصين بشأن حقوق الإنسان مع تجاهل الانتهاكات الجسيمة من قبل الحلفاء ليس نظرة جيدة للزعيم الجديد للعالم الحر، لا سيما أن بايدن يقدم نفسه على أنه النقيض الأخلاقي لسلفه دونالد ترامب.
ورأى الكاتب أن بايدن لا يستطيع تحمل هذا النوع من الصمت وهو يتولى الرئاسة في وقت تزايدت فيه الاعتداءات على الحريات المدنية في الهند، كما زاد الوعي العالمي بها. وإذا كانت دائرة بايدن الانتخابية تتوقع منه ضمان العدالة العرقية ونبذ عنصرية البيض في الداخل، فسيجد صعوبة في تبرير الخنوع لأنواع أخرى من العنصريات في الخارج.
واختتم مقاله بأنه بعد عقود من التوازن بين الصين والولايات المتحدة، انخرطت الهند مع حليف بعيد للتحوط ضد عدوها القريب. ومن جانبها، تجد الولايات المتحدة في مودي حليفا يمكن الاعتماد عليه. وإذا لم تجد الهند التي يحكمها مودي طريقة لعكس مسار تدهورها الديمقراطي، فسيجد البلدان نفسيهما في الوضع المأساوي نفسه؛ ليسا منفصلين بسبب إكراه الصين وغير قادرين على التعايش.