ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الصهيونية، أن مسؤولين سابقين في إدارة ترامب قالوا إن الرياض قريبة جداً من مستوى معين من الاعتراف بـ"إسرائيل"، فيما تدرج الإدارة الأميركية الجديدة العلاقات السعودية الأميركية تحت خانة "إعادة تقويم". وفي ما يلي نص المقال المنقول إلى العربية:
يبدو أن التحالف الخليجي الإسرائيلي ضد إيران في الطريق، ورداً على أسئلة من جمهوره على تطبيق "زوم" في حدث الليكود في يوم الأربعاء، تحدث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن سببين لتطبيع أربع دول عربية العلاقات مع "إسرائيل" في العام الماضي، فيما المزيد من الدول ترغب في الانضمام إليها، مركزاً على المزايا الاقتصادية للتعاون وأهداف الأمن المشترك.
وقال رئيس الوزراء: "إذا كان هناك شيء يجلب السلام أكثر من أي شيء آخر، فهو أن الدول العربية توقفت عن رؤية "إسرائيل" كعدو، وبدأت ترانا كحليف في الأمن والاقتصاد".
وأردفت الصحيفة، هذا اختلاف في الأشياء التي كان نتنياهو يقولها لبعض الوقت، حتى في كثير من الأحيان منذ أن جازفت الإمارات العربية المتحدة والبحرين بخطوة جريئة وطبّعتا العلاقات مع "إسرائيل" العام الماضي: "لقد اجتمعنا معاً بسبب عدو مشترك، ثم وجدنا مزايا أخرى للعلاقات".
ما لم يذكره نتنياهو هو أن المحادثات جارية لتعزيز التعاون في المسائل الأمنية والاستخبارية، ليس فقط مع البحرين والإمارات، بل وعلى الأرجح مع السعودية أيضاً، على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية بين القدس والرياض.
هذه الدول، التي كانت تنظر بقلقٍ متزايد إلى خطوات إيران الأخيرة نحو امتلاك سلاح نووي، تعتقد أن عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 لن تمنع طهران من الحصول على قنبلة، وهي تعمل معاً لمواجهتها.
في الأسبوع الماضي، نشرت العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية، بما فيها "جيروزاليم بوست"، قصصاً بهذا المعنى، حيث أكدت كل منها تقارير غيرها وإضافة تفاصيل صغيرة خاصة بها.
وفي بعض القصص، تشارك دولة غربية في جمعها، وفي بعضها مجموعة غير متبلورة من دول الشرق الأوسط، بينما في حالات أخرى تكون الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمملكة العربية السعودية على وجه التحديد.
ويشير البعض إلى أن هذه الدول تتجه نحو تحالف دفاعي منظم، بينما ذكرت "جيروزاليم بوست" أن الأمر "قيد المناقشة بشكل غير رسمي".
وذكرت الصحيفة، أن مسؤولاً إسرائيلياً قال: "هناك الكثير الذي يمكن تحقيقه من خلال توسيع التعاون"، كما قال مكتب رئيس الوزراء إنه "لم يؤكد التقرير، لكننا مهتمون دائماً بتطوير العلاقات مع شركائنا في الشرق الأوسط".
وجاءت التقارير في وقت تزايدت فيه الاتصالات بين "إسرائيل" ودول عربية، بمستويات متفاوتة من المخاوف بشأن إيران. وتحدث نتنياهو مع ولي عهد البحرين، والتقى وزير الأمن بيني غانتس بالعاهل الأردني الملك عبد الله، والتقى غابي أشكنازي بنظيريه الأردني والإماراتي.
كما تحدث أشكنازي مع وزير خارجية عمان - وهي دولة أخرى لا تقيم معها "إسرائيل" علاقات دبلوماسية رسمية، على الرغم من أن مسقط كانت منفتحة بشأن اتصالاتها مع القدس. فيما وصل أول سفير لدولة الإمارات العربية المتحدة إلى "إسرائيل" هذا الأسبوع، ولاقى ترحيباً حاراً بشكل خاص.
ويبدو، بحسب "جيروزاليم بوست"، أن المحادثات حول زيادة التعاون الدفاعي هي أوّلية للغاية في هذه المرحلة. ويبدو أن فكرة إنشاء ناتو الشرق الأوسط، حيث تلتزم كل دولة بالدفاع عن المجموعة ككل، فكرة لا فرصة لها، لكن حلف يهدف إلى مواجهة الأعداء المشتركين للدول المعنية مطروح على الطاولة.
وتابعت أن مصدر مطلع في أبو ظبي قال إن الإمارات والبحرين و"إسرائيل" مستعدة للمضي قدماً، مشيراً إلى أن السعودية أقل وضوحاً. "القنوات مفتوحة" بين القدس والرياض، لكن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، المعروف باسم MBS، يتسم بالسرية الشديدة بشأن أي تفاصيل.
وكانت هذه السرية واضحة في تشرين الثاني/نوفمبر، عندما التقى نتنياهو ومحمد بن سلمان في مدينة نيوم السعودية عالية التقنية، على ساحل البحر الأحمر. ولم تنشر "إسرائيل" أي نوع من المعلومات الرسمية، لكن سرعان ما تسربت الرحلة إلى وسائل الإعلام. وأصدرت الخارجية السعودية بياناً لم ينفِ؛ وردوا على بعض التفاصيل ذات الصلة التي تم الإفادة عنها مثل لقاء وزير الخارجية آنذاك مايك بومبيو بمحمد بن سلمان في نيوم في ذلك اليوم، لكنهم لم ينفوا صراحة لقاء محمد بن سلمان ونتنياهو.
هذا الأسبوع، كان هناك مؤشران مثيران للاهتمام على أن المملكة العربية السعودية مستعدة لاتخاذ بعض الخطوات نحو الاعتراف بـ"إسرائيل".
أولاً، رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، رونالد لاودر، كتب مقالة رأي في صحيفة "عرب نيوز"، أعيد نشره في "جيروزاليم بوست"، يدعو إلى "حلف ناتو للشرق الأوسط".
قال لاودر إن اتصالاته في الدول العربية تعتبر "إسرائيل" الحليف الوحيد الموثوق به ضد إيران، وأن معظم الإسرائيليين الذين تحدث معهم ينظرون إلى العالم العربي على أنه "الحليف الوحيد، ضد إيران، الذي يثقون به دون تحفظ".
وقال إنهم "يفكرون، مذعورين، في عجز الغرب عن وقف هذه التطورات العدوانية والخطيرة" فيما يتعلق باستئناف إيران لتخصيب اليورانيوم، وتقييد وصول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة النووية إلى المواقع النووية.
وكتب لاودر: "في مواجهة التهديد المتسارع لإيران وضعف العالم المصاب بفيروس كورونا، يبدو أيضاً أن الطريق نحو الاعتماد على الذات هو السبيل الوحيد للمضي قدماً. يجب على الإسرائيليين والعرب اغتنام الفرصة للعمل معاً لإنقاذ الشرق الأوسط من كارثة التطرف والتسلح النووي التي تلوح في الأفق".
بصرف النظر عن كون لاودر على اتصال جيد ودراية، فإن المقال الافتتاحي بارز بسبب مكان نشره. المملكة العربية السعودية ليس لديها صحافة حرة، و"عرب نيوز" هي صحيفة يومية تصدر باللغة الإنكليزية تنشر في المملكة، مملوكة للأمير تركي بن سلمان آل سعود، نجل الملك سلمان وشقيق محمد بن سلمان، وينظر إليها على أنها تعكس وجهات نظر الحكومة السعودية الرسمية.
بعد ساعات، أعطى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، مؤشراً أقوى على مكان هبوب الرياح في الرياض: "نسعى لإنجاز الكثير مع السعوديين لإنهاء الحرب في اليمن وتخفيف الأزمة الإنسانية في اليمن، لاستخدام قيادتنا لإقامة علاقات عبر الانقسامات الأكثر مرارة في المنطقة، سواء كان ذلك إيجاد مخرج من حافة الحرب مع إيران في حوار إقليمي هادف، أو إقامة سلام تاريخي مع "إسرائيل"،
وقال برايس في مؤتمر صحفي "ستحدد الإجراءات السعودية مقدار ما يمكننا تحقيقه من هذه الأجندة الإيجابية المشتركة الطموحة". بعبارة أخرى، "إقامة سلام تاريخي مع "إسرائيل" هو جزء من "أجندة إيجابية مشتركة طموحة" بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.
بالنظر إلى مقدار المعنى الذي يتم تضمينه في كل اختيار للكلمة في لعبة الدبلوماسية الدقيقة، فمن غير المرجح أن يقوم برايس بإدراج السلام مع "إسرائيل" في قائمة الأشياء التي تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقها مع المملكة العربية السعودية، إذا لم يكن ذلك شيئاً يناقشه البلدان بالفعل.
وفي الواقع، قال مسؤولون سابقون في إدارة ترامب منذ فترة طويلة إن الرياض قريبة جداً من مستوى معين من الاعتراف بـ"إسرائيل"، ربما ليس بالدفء أو التام مثل العلاقات مع الإمارات والبحرين، ولكن هناك شيء مفتوح، وربما لكان حدث بالفعل لو كان ترامب أعيد انتخابه. هذه ليست ضربة للرئيس الأميركي جو بايدن. أراد السعوديون فهم وجهات نظر الإدارة الأميركية الجديدة قبل اتخاذ خطوة كبيرة.
ولا يزال، مع اقتراب المملكة العربية السعودية من الاعتراف بـ"إسرائيل" على مستوى ما، فإن الرسائل القادمة من واشنطن قد تكون مثبطة للرياض.
برايس قال إن هذه القائمة الكاملة للأشياء التي تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقها مع المملكة العربية السعودية ممكنة فقط "في شراكة مع المملكة العربية السعودية تحترم القيم الأميركية".
"إعادة تقويم"، كما تسميها إدارة بايدن، للعلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، هي قضية معقدة تتجاوز نطاق هذا المقال، لكنها إما أن تقف في طريق تقارب "إسرائيل" والمملكة العربية السعودية - مع عدم العمل الولايات المتحدة على تشجيعها، طالما أن السعوديين لا يقومون بتغييرات داخلية كبيرة - أو تجمع البلدان معاً، مع كون الاعتراف بالدولة اليهودية هو خطوة سعودية نحو احترام القيم الأميركية.
وتتابع الصحيفة، أنه في غضون ذلك، يظل تعاون القدس والرياض تحت الرادار، حتى مع تنامي العلاقات الأمنية والاستخبارية بين "إسرائيل" والخليج في ظل التهديد النووي الإيراني.