تطرقت وکالة "مهر نیوز" الإیرانیة في مقال حول تحولات الأیام الأخیرة للحرب الیمنية ومعرکة مأرب وتقدم انصار الله في السیطرة علی اطراف واسعة من هذه المدینة المهمة للغایة کأحد أهم قواعد حزب الإصلاح الیمني ومطالبة الأخیر مساعدة ترکیا و اجلائها لمئاتٍ من الإرهابيين من محافظة إدلب السوریة إلی الیمن، لمنع فقدان سیطرة حزب الإصلاح المیدانیة والسیاسیة علی الأراضي الیمنیة وعدم تكرار السيناريو اللیبي في اليمن، فإن القادة الإماراتيين لایریدون بأي حال تكرار سيناريو بلادهم في ليبيا وأن يتكبدوا هزيمة أخرى في اليمن.
الترجمة الكاملة للمقال:
تستمر حالیاً المعارك حول مدينة مأرب وسط اليمن حیث وصلت إلی ذروتها، وبالتالي فإن إحدى القواعد الأخيرة والأكثر أهمية لحزب الإصلاح والتحالف السعودي قد باتت مهددة بالسقوط. في حین تبعد قوات المقاومة اليمنية حالیاً عن مدينة مأرب حوالي 8 كيلومترات من المحور الغربي.
وتزامناً مع جهود القوات اليمنیة المكونة من الجيش وحرکة أنصار الله لاختراق آخر خطوط دفاع التحالف في أطراف مأرب، یمد حزب الإصلاح يد العون للحكومة التركية حتى یتمکن الهروب من ساحات القتال ومنع المزید من الخسائر في ساحات المعارك.
في الواقع، يدرك حزب الإصلاح أنه بانسحابه من مدينة مأرب، سینخفض نفوذه الميداني والسياسي على الأراضي اليمنية بشكل كبير، لأنه في وقت سابق کان قد خسر مدينة عدن والمناطق الجنوبية في صيف عام 2019، وأصبحت هذه النقاط الاستراتيجية تحت سيطرة قوات مدعومة من الإمارات.
بالإضافة إلى ذلك، تنازل حزب الإصلاح خلال العام الماضي عن مساحات واسعة في محافظتي الجوف (مدينة الحزم عاصمة المحافظة) ومأرب، وبقي علی مدينة تعز باعتبارها آخر قاعدة رئيسية للحزب، وبالتالي لم يعد هذا الحزب أحد أطراف السلطة الثلاثیة في اليمن. في الواقع، تُشكّل حركة أنصار الله مع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي (المدعومة من الإمارات) وحزب الإصلاح (المدعوم من التحالف السعودي) مثلث القوة في اليمن.
في غضون ذلك، تمكنت أنصار الله وقوات مجلس الانتقال الجنوبي من الحفاظ على المناطق الواقعة تحت سيطرتهم وتوسيعها، لكن حزب الإصلاح، قد خسر بشكل كامل المناطق الواقعة تحت سيطرته في المحور الجنوبي (عدن) والمحور الشمالي (مناطق عديدة من محافظة الجوف ومارب).
ومن خلال طلب مساعدة حزب الإصلاح من اردوغان، شدد مسؤولو المخابرات التركية تحركاتهم في المناطق المحتلة، شمال غرب سوريا (محافظة إدلب) لنقل عناصر جبهة النصرة (الفرع الرسمي للقاعدة في سوريا) والجيش السوري الحر، إلى مدینة مأرب الیمنیة؛ حیث یقال إنه سیتم اجلاء المئات من الإرهابيين من محافظة إدلب، وستقوم أنقرة بدفع جمیع التكاليف فیما یخص عملیة الإجلاء.
جدير بالذكر بأن موضوع التواجد التركي في اليمن لا يختصر فقط بتطورات الأيام الأخيرة والحفاظ على مدينة مأرب فقط، حیث بدأت أنقرة مفاوضاتها مع حزب الإصلاح اليمني، منذ أشهر، وهناك أسباب مختلفة لذلك.
بالتالي، للحصول على فهم أفضل، لما یحدث لحزب الإصلاح، لا بد من العودة إلى دراسة سلسلة التطورات التي حدثت في العامين الماضيين. وفي هذا الصدد یبدو أن مراجعة الجذور التاريخية لعلاقات حزب الإصلاح مع أنقرة لتقدیم تفسیر واضحٍ عن مکانة ترکیا فی الیمن قد بات من الضروریات. لأن البعض يعتقد أن تركيا لا علاقة لها بأطراف السلطة في اليمن وهي فكرة خاطئة وغیر صحیحة تمامًا.
كما ذکر سابقاً، فیما لو هُزم حزب الإصلاح في مأرب، فإن تواجده في الیمن سيقتصر على مدينة تعز فقط.
في غضون ذلك، استولت قوات حزب الإصلاح المدعومة من تركيا على السلطة في هذه المدينة وواصل حزب الإصلاح تعاونه مع التحالف السعودي الإماراتي، حتى صيف عام 2019، لكن عندما سيطرت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي علی مدینة عدن (القاعدة الرئيسية لحزب لإصلاح)، تغيرت مسار العلاقات بين الجانبين.
وعندما وافق السعوديون رسمیاً علی تواجد قوات الإمارات فی مناطق الجنوب، تضاعف قلق حزب الإصلاح، وأدرك أنه لا یمکنه الاعتماد علی السعوديين بعد الآن، وبالتالي ذهبوا إلی البحث عن شريك آخر جديد.
ولم ينس قادة حزب الإصلاح، وقوع الانقلاب السعودي والإماراتي على حكومة الإخواني، محمد مرسي، ولهذا السبب ذهبوا إلى ایجاد العلاقات مع تركيا لتجنب تكرار السيناريو اللیبي في اليمن والآن غادر القادة السياسيون في حزب الإصلاح، السعودية واستقروا في تركيا.
إن هدف تدخل تركيا في التطورات في اليمن لا يقتصر على مدينة مأرب، لأن حزب الإصلاح فقد تركيزه الأساسي على تثبيت موقعه في مدينة تعز ایضاً.
حالیا وبحسب مجری المعارك، يتواجد حزب الإصلاح محاصر في مدينة تعز من المحاور الشمالية والجنوبية والغربية ويحاول إجبار قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على الانسحاب من مدينة تعز، مما يمهد الطريق للوصول إلی ميناء مخاء والمياه الحرة في البحر الأحمر. في الوقت الذي کانت قد استولت القوات المدعومة من الإمارات علی ميناء المخا في عام 2017.
في الحقيقة، إن الإمارات لا تحبذ تكرار السیناریو اللیبي (التدخل التركي وانسحاب القوات الإماراتية) في اليمن. لهذا السبب، قد تبذل قصارى جهدها لمنع بروز تغییرات علی مسار التطورات في مدینة تعز وميناء مخا، مما یهدد هذا التغيير المحتمل، المصالح الاقتصادية لدولة الإمارات في كل من البحر الأحمر وشرق ووسط أفريقيا.