امن هذا الكيان يعد اولوية في السياسة الامريكية، بل ويمكن توقع الحركة المقبلة لهذه السياسية بناء على متطلبات هذا الكيان. شعار هذا الكيان من الفرات للنيل منذ زرعه في صدر الوطن العربي، لم يأتي عن فراغ. والخطان الازرقان على علمه ايضا لم يأتي عن عبث.
فمنذ تشكيله وجمع العصابات الصهيونية في مطلع اربعينيات القرن الماضي، حاول هذا الكيان الوصول للفرات والنيل من خلال التوسع العسكري، بالعدوان المباشر على الدول العربية، المتاخمة له . وخاصة مصر وسوريا.
وانتقل بعدها الصراع لمستوى آخر بالاعتماد اكثر على القوة العسكرية الامريكية، التي حلت محل القوة البريطانية. ففي السبعينات، بعد ان وصل هذا الكيان للنيل بالمعنى السياسي من خلال معاهدة كامب ديفد. ركزوا اكثر على الفرات. على سورية والعراق. من خلال الاعتماد بشكل اساسي على جماعة الاخوان المسلمين، لإخضاء سورية و العراق لقبول الامر الواقع. وبعد فشل الاخوان، لجأوا للعدوان المباشر على العراق لتفتيته. والاستعانة بالفكر التكفيري لتفتيت سورية.
ولكن بسبب تماسك محور المقاومة وانتصاره على المشروع الاسرائيلي والامريكي الاكبر في المنطقة وهو. صفقة القرن. والصمود الاسطوري لشعوب هذا المحور، الذي الهم الكثير من شعوب العالم.
بدأت الولايات المتحدة في تغيير تكتيكها من الاعتماد على الجماعات المتطرفة التي يمكن ان تحقق حلم الكيان بالوصول للفرات والنيل. الى الاعتماد على الدول الحليفة لها وهي إثيوبيا تركيا.
ودفعها الآن لاقامت سدود لتجفيف مياه النهرين وحرمان سورية ومصر والعراق من حقها الطبيعي في مياه هذه الانهار .
وبالتأكيد لا يمكن فصل قضية جنوح الناقلة في قناة السويس، ان كانت مقصودة، من اجل التسويق لفكرة ضرورة استحداث قناة اخرى من البحر الاحمر للمتوسط من العقبة، وهي قناة بونغوريون التي بدأت فعلا اسرائيل بحفرها .
لذلك تطفوا على السطح الآن سياسة التعطيش، بعد فشل سياسة الترهيب، وهذا يعطينا خير مثال على ان التطبيع مع الكيان وامريكا لا يمكن ابدا ان يكون بديلا عن المقاومة. فثمن المقاومة فعلا ارخص. وخير مثال على هذا مصر التي الآن تعاني فرض سياسة التعطيش عليها رغم انها حليفة لامريكا، وهناك معاهدة سلام مع الكيان مازالت سارية.
اذن امن الكيان الصهيوني من كافة الجوانب هو خط احمر لا يمكن لا لعدو ولا لصديق ولا لحليف ان يقترب منه، واقصد هنا الامن المائي والاقتصادي والعسكري. فأمريكا مستعدة ان تضرب حلفائها من اجل امن اسرائيل. لذلك يبدوا ان ملامح صراح جديد في الشرق الاوسط بدأت ترتسم، ولكن هذه المرة لن تكون من اجل الغاز او النفط او مناطق النفوذ، بل ستكون من اجل قطرة الماء.