• اخر تحديث : 2024-07-03 14:23
news-details
مقالات مترجمة

"هآرتس": الكلام غير العادي لقائد جبهة إيران


تحدثت صحيفة "هآرتس" الصهيونية عن المقابلة التي نُشرت عشية العيد مع رئيس شعبة الإستراتيجيا والدائرة الثالثة في هيئة الأركان العامة، اللواء طل كلمن. فيما يلي نص المقال المنقول إلى العربية لـ" صموئيل مائير":

يمكن أن نعرف من المقابلة التي منحها اللواء طل كلمن أن هيئة الأركان العامة بعيدة عن مواقف رئيس الحكومة سواء بالنسبة للاتفاق النووي وللمسودة التي تبلورها الإدارة الأميركية، أو بالنسبة لنفس الادعاء بأن إيران "تهرول نحو القنبلة".

سأبدأ من النهاية. العنوان الذي منحته "إسرائيل اليوم" للمقابلة التي نُشرت عشية العيد مع رئيس شعبة الإستراتيجيا والدائرة الثالثة في هيئة الأركان العامة، اللواء طل كلمن، ووفقها "لدى إسرائيل قدرة على تدمير تام للبرنامج النووي الإيراني" - هذا العنوان مضلل وغير شفاف.

إنه عنوان يدل أساساً على الرتابة الفكرية التي تفتقد للمبدأ ولا تساهم في فهم الصورة في القضية الإيرانية عموماً، وهذا ما تبين أثناء المقابلة مع كلمن خصوصاً.

قراءة معمّقة لكلام كلمن، "قائد جبهة إيران" بلغة غير رسمية، تظهر الشكل الذي ينظر فيه الجيش الإسرائيلي إلى التهديد الإيراني وإلى محتوى بنية القوات مقابل الجمهورية الإسلامية. كلامه مهم لا سيما في هذا التوقيت، المصيري جداً لاستمرار وجود الاتفاق النووي، (JCPOA) حيث تعلن كل من الولايات المتحدة الأميركية وإيران عن استعدادهما للعودة إلى تطبيقه الكامل، ومع كل هذا المسألة عالقة ومتقلقة.

كلام كلمن يشير إلى تفكير عسكري غير عادي، لا ينسجم مع اللهجة السائدة في الحديث المتبع عندنا حول النووي الإيراني. هو لا ينسجم أيضاً مع اللازمة المحددة التي يطلقها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، حول "قنبلة إيرانية غداً صباحاً".

وفقاً لكلمن، التهديد الإيراني هو "التهديد رقم 1" على "إسرائيل" والوحيد الذي من شأنه أن يُعتبر تهديداً وجودياً. لكن يظهر من كلامه أن المسألة لا تتعلق بتهديد جوهري وفوري، إنما تهديد محتمل مستقبلي.

عبارة "في المدى الطويل" التي تكررت عدة مرات طوال المقابلة، ليس صدفة كما يبدو. "هذا ليس لصباح الغد، هم (الإيرانيون) ينظرون إلى 30-40 عاماً إلى الأمام"، قال من جملة أمور في هذا السياق.

ثمة مقولة إضافية أوردها كلمن وهي أن الأذن الإسرائيلية غير معتادة على الإستماع، مرتبطة بأنه رغم كل التجاوزات والانتهاكات التي قامت بها إيران منذ انسحاب إدارة ترامب بشكل أحادي الجانب من الاتفاق النووي، هي ليست قريبة جداً من القنبلة. حسب رأيه، إيران لا تهرول نحو النووي، الانتهاكات قابلة للتغير ومخصصة لحاجات تفاوضية دبلوماسية.

في هذا التقدير اعتمد كلمن في كلامه على عمل "استخبارات ممتازة" بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية".

على هذه القاعدة، قال إن فرصة امتلاك إيران مكونات سرية غير معروفة هي فرصة "ضئيلة جدا".

هذا الكلام أيضاً يتناقض مع تحليلات معيارية في محافل مثيرة للمخاوف وناسفة للاتفاق في "إسرائيل" وفي الولايات المتحدة الأميركية.

انطلاقاً من شفافية كلمن التحليلية والواضحة يمكن فهم أن التهديد الإيراني ليس تحدياً عملانياً - عسكرياً فقط وأنه يجب معالجته بطرق أخرى، لا سيما من مجالات الدبلوماسية والاقتصاد.

المفهوم الأمني الكلاسيكي الذي يتمسك به الجيش الإسرائيلي منذ عهد بن غوريون - نقل الحرب إلى أرض العدو - غير ساري المفعول هنا. أيضاً المفاهيم المقبولة في الحديث العسكري لـ ردع - دفاع - حسم ليست ذات صلة بالحالة الإيرانية.

الجمهورية الإسلامية هي دولة كبرى إقليمية على بعد 1000 كلم من "حدود إسرائيل"، ولذلك أدوات مواجهتها مختلفة. الفكرة هي ليست الفكرة المقبولة عن دولة معادية خلف الحدود.

يجب أن يُعد الجيش الإسرائيلي لنفسه خياراً عسكرياً لحالة خطأ في التقدير الإستخباري، لكن لا يبدو أن كلمن مسرور به ولا يبدو أيضاً أن الجيش الإسرائيلي "ركض" لتفعيله.

حسب كلامه، لدى "إسرائيل" قدرة "واضحة" على إحباط ومهاجمة برنامج عسكري لتطوير سلاح نووي في إيران، إذا أصبحت هكذا أو في حال اجتازت مسار إحرازه.

الكلمة الصغيرة "إذا" هي مهمة وسقطت غالباً في الحديث الإسرائيلي، "ربما عندما كنت شاباً أردت (شن هجوم عسكري)، لكن اليوم أنا أدرك أنه يجب أن يكون الحل الأخير"، قال كلمن بصراحة نادرة.

إذاً يمكن الاستفادة من كلام كلمن، فهو أن الحرب الوقائية ضد مواقع النووي الإيراني، بينما هي موقعة على الاتفاق النووي منذ تموز 2015، هي ليست على رأس أهداف الجيش الإسرائيلي. في كل ما يتعلق بالخطة الأميركية لعودة سريعة إلى الاتفاق النووي، يظهر من كلام كلمن أن المقاربة الأساسية في هيئة الأركان العامة تؤيد الاتفاق.

يوجد في كلام قائد منطقة إيران أكثر من تلميح إلى عدم رضا من سياسة ترامب (وبالمناسبة انتقاد مبطن لـ نتيناهو) التي أوصلت الاتفاق إلى حافة الانهيار وجراء ذلك فشلت تماماً السياسة - الأميركية - الإسرائيلية في عهد ترامب. "لو كنا تحت ظل الاتفاق، القضية الإيرانية (أي انتهاكات الاتفاق؛ الكاتب) لما كانت عموماً على جدول الأعمال".

يبدو أن كلمة كلمن العفوية هذه تقول كل شيء تقريباً. هو يتراسل ويردد هذا الكلام الذي أسمعه لـ أ، "الذي خسر في السباق على رئاسة الموساد، في مقابلة لـ "يديعوت أحرونوت"، ومفادها أن إيران لم تنحرف "مليمتر واحد حتى" عن قيود الاتفاق النووي إلى حين مجيء ترامب ووزير خارجيته، مايك بومبيو.

يبدو أن الجيش الإسرائيلي، بعكس إعلانات نتنياهو، يريد الخطة التي تبلورها إدارة بايدن لعودة الولايات المتحدة في المرحلة الأولى إلى الاتفاق النووي الأصلي. في المرحلة الثانية فقط - وهنا يستخدم كلمن قاموس مهندسي الاتفاق النووي واليوم وزير الخارجية أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جاك ساليفان - تخطط الولايات المتحدة الأميركية للدخول في مفاوضات مع إيران حول اتفاق" "أطول وأقوى"، تستطيع فيه "إسرائيل" التنسيق مع واشنطن والتأثير.

يظهر من كلامه أنه من الجدير أن تصر "إسرائيل" على خطة مركزة أدنى ما يمكن: فقط لمعالجة قضية النووي "وعدم الدخول في مواضيع إضافية".

بمعنى، الابتعاد عن المقولات العادية حول تآمر إقليمي وصواريخ بالستية بعيدة المدى. أنا أيضاً أعتقد أن الاتفاق النووي يتصدر اتفاق منع سلاح نووي.

صواريخ باليستية، طالما هي تقليدية، تشكّل تهديدا لكن بدرجة أقل.

بالنسبة للجانب النووي: هنا يقترح كلمن التركيز فقط على تمديد مواعيد "إخماد حرارة" الاتفاق الأصلي. أي، ينبغي إهمال خطة بومبيو - نتنياهو لاتفاق جديد "صفر أجهزة طرد مركزي، صفر تخصيب يورانيوم" والتركيز على مواعيد إلغاء: عام 2025 الذي سينتهي فيه مفعول القيود على البحث والتطوير في أجهزة طرد مركزي متطورة، وعام 2031 الذي سيتلاشى فيه القيد الكمي على تخصيب اليورانيوم بمستوى منخفض (300 كلغ وفقا للاتفاق).

في هذا الشأن كلمن لم يكن دقيقاً في المقابلة، إذ أنه في العام 2031 لن يتلاشى الاتفاق كله وإيران ستبقى مع قليل جداً من القيود. منع إيران من التخصيب لدرجة عسكرية عالية (90%) هو تام وليس عليه قيد زمني وفقاً لميثاق منع انتشار السلاح النووي (NPT).

وبدون مادة قابلة للانشطار - لا يوجد قنبلة.

طوال المقابلة يسير اللواء كلمن على حبل رفيع من الانتقاد والتحفظ من خطوات نتنياهو في قضية النووي. كلامه قيل بشكل مبطن بسبب خضوع المستوى العسكري للمستوى السياسي، لكنه قيل.

"قائد منطقة إيران" يؤمن بالحوار مع الولايات المتحدة تتمكن "إسرائيل" بواسطته من التأثير على طابع الاتفاق الذي سيتم التوقيع عليه مع إيران. على هذا النحو هو يقترح تصحيح وضبط الخطاب الفظ لرئيس هيئة الأركان العامة، أفيف كوخافي، قبل نحو شهرين، حول "الاتفاق النووي السيء" الذي يقود مباشرة إلى قنبلة إيرانية في الوقت القريب. هو لا.