يقول ستيفن مارتن والت أستاذ الشؤون الدولية في كلية جون كينيدي لعلوم الحكم بجامعة هارفارد إن على أميركا أن تكف عن استخدام قواتها العسكرية في إدارة بلدان أخرى، وإعادة تشكيلها على صورتها.
وأضاف في مقال له بموقع "فورين بوليسي" الأميركي، إن الرغبة في إدارة السياسات الداخلية للدول الأخرى، والاعتقاد بأنها يمكن أن تفعل ذلك بشكل فعّال؛ تظل متأصلة بعمق في مؤسسة السياسة الخارجية للولايات المتحدة، ولذلك من المهم للغاية مقاومة تلك الغريزة لأن الولايات المتحدة لديها مهام أكثر إلحاحا وأهمية يجب معالجتها.
وقال إن الرئيس الأميركي جو بايدن حقق من خلال إنهاء الحملة العسكرية غير المجدية للولايات المتحدة في أفغانستان رغبته في إنهاء "الحروب إلى الأبد"، لكن عبارة "إنهاء الحروب إلى الأبد" لا تقدم سوى القليل من الإرشادات حول كيفية تعامل أميركا الآن مع قضايا الأمن القومي الرئيسية.
خيبات الأمل
وللقيام بذلك، تحتاج الدولة إلى استخلاص الدروس الصحيحة من خيبات الأمل التي حدثت في 20 عاما الماضية، وتحديد المبادئ والأهداف التي ينبغي أن توجه سياسة الأمن الخارجي والوطني من هذه النقطة فصاعدا.
وحدد الكاتب خيبات الأمل هذه في فشل الاعتقاد الأميركي بأن الديمقراطية الليبرالية هي موجة المستقبل، وأن القوة العسكرية التي لا مثيل لها للولايات المتحدة يمكن أن تكون أداة قوية للترويج لها، وافتراض أن الدول الأخرى ستدعم جهود واشنطن لتوسيع نظام عالمي ليبرالي، وافتراض أن العولمة تطور إيجابي تماما من دون أي آثار سلبية، إلى أن حدثت الأزمة المالية من عام 2007 إلى عام 2009، بالإضافة إلى توهم إمكانية القضاء على "الإرهاب الدولي" بالقوة العسكرية والعقوبات وتغيير الأنظمة.
ظهور عالم متعدد الأقطاب
وقال إن السياسات التي شجعتها هذه المعتقدات أدت إلى تسريع وتيرة تدهور أولويات أميركا، وعودة ظهور عالم متعدد الأقطاب؛ فقد أثبتت الأنظمة الاستبدادية أنها مرنة بشكل مدهش، بينما كانت الديمقراطية تتراجع في جميع أنحاء العالم لأكثر من عقد وتتعرض للخطر بشكل متزايد في الولايات المتحدة نفسها.
وأضاف أنه قد ثبت أن الإرهاب الدولي أقل خطورة بكثير مما ادعى قادة الولايات المتحدة، خاصة عند مقارنته بالعنف الذي يمارسه المتطرفون المحليون اليمينيون أو وباء كوفيد-19، الذي قتل ما يقرب من 575 ألف أميركي.
ومضى الكاتب يقول إن قرار بايدن إنهاء الحرب في أفغانستان يشير إلى أنه يتفهم هذه الدروس، لكن تخفيف الميل للتدخل سيصبح أكثر صعوبة بمجرد أن تبدأ ذكريات العراق وأفغانستان في التلاشي.
المهام الملحة والمهمة
وأوضح أن المهمة الأكثر إلحاحا الآن هي تجاوز الوباء، والمهمة الأكثر أهمية هي معالجة تغيّر المناخ، لأن الخراب المحتمل الذي سينتج عن ارتفاع 3 أو 4 درجات إضافية في درجات الحرارة العالمية مثل غمر السواحل بالفيضانات، وتشريد عشرات الملايين، وتحويل مناطق بأكملها غير صالحة للسكن، وفقدان تريليونات الدولارات من الثروة المفقودة؛ ستجعل المشاكل التي كان المجتمع السياسي قلقا بشأنها طوال 25 عاما الماضية تبدو تافهة.
ويختم الكاتب بالقول إن القضية الحاسمة الأخرى هي الصين، فمن الناحية الجيوسياسية البحتة تعد الصين أخطر منافس واجهته الولايات المتحدة منذ نهاية القرن 19.