كتب ستيفاني ليختنستين مقالة في موقع "بوليتيكو" الأميركي قال فيها إنه إذا كانت ثمة فرصة لإحياء الاتفاق النووي الإيراني فهي الآن وإلا فإن الاتفاق لن يستمر.
وقال إن المفاوضين الأميركيين والإيرانيين قد بدأوا يوم الجمعة الماضي الجولة الرابعة من المحادثات في فيينا، حيث أعربوا عن رغبة مشتركة في إحياء الاتفاق الموقع عام 2015، والذي ألغت الولايات المتحدة بموجبه العقوبات في مقابل تقييد إيران لبرنامجها النووي. لكن ثمة القليل من التوافق بين الجانبين حول كيفية التوصل إلى العودة للاتفاق.
فعلى الرغم من أسابيع من المناقشات، لا يزال الجانبان عالقين بشأن العقوبات التي يجب على الولايات المتحدة التراجع عنها. كما أنهم مختلفون حول ما يجب فعله بشأن التقدم النووي الإيراني منذ عام 2018، عندما انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق الأساسي.
في هذه الأثناء، تلوح في أفق المحادثات الانتخابات الإيرانية المقرر إجراؤها في 18 حزيران / يونيو المقبل، والتي يمكن أن تجلب المتشددين المشككين في التفاق النووي إلى السلطة وإفشال هذه الجهود كلها. ومع أخذ هذا التاريخ في الاعتبار، من المتوقع أن تستمر الجولة الحالية من المحادثات خلال هذا الأسبوع على الأقل.
وغرد إنريكي مورا، وهو مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي يشرف على المحادثات، قائلاً السبت: "أشعر بأن الوقت ملح. الوقت ليس في صالحنا".
وقال أحد الدبلوماسيين العاملين في محادثات فيينا في مقابلة: "بمجرد أن تتولى قيادة إيرانية جديدة، يمكن أن تصبح الأمور أكثر صعوبة بكثير". وأضاف أن "الهدف من هذه الجولة الرابعة هو أن نتوصل إلى نص موحد يتضمن العناصر الأساسية للاتفاق."هذا هدف طموح للغاية وليس هناك بالطبع ما يضمن أننا سنحققه".
وأشار الكاتب إلى أن الرهانات عالية وأن نتيجة المحادثات ستحدد مستقبل البرنامج النووي الإيراني وما إذا كان يمكن منع إيران من امتلاك القدرة على صنع قنبلة نووية. كما سيكون لهذه المحادثات حتما آثار غير مباشرة على الديناميكيات بين الولايات المتحدة و"إسرائيل"، التي تعارض الاتفاق النووي باعتباره غير كافٍ، وعلى علاقة إيران مع القوى الأوروبية، التي تريد إحياء الصفقة.
وقال منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في مؤتمر صحافي يوم أمس الاثنين: "أجرؤ على القول إنني متفائل. هناك فرصة سانحة ستبقى مفتوحة لأسبوعين، حتى نهاية الشهر، ولكن هناك حاجة إلى الكثير من العمل، والوقت محدود وآمل أن تدخل المفاوضات في مرحلة بلا توقف في فيينا".
في فيينا، انضم إلى المسؤولين الأميركيين والإيرانيين ممثلون من الأطراف الأخرى المتبقية في اتفاقية 2015 وهي بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا. وقد خاضت المجموعة ثلاث جولات من المناقشات، مع وجود تقدم بطيء. وبعد انتهاء الجلسة الأخيرة الأسبوع الماضي، أعرب الدبلوماسيون الأوروبيون عن إحباطهم من الوتيرة البطيئة للتقدم.
وقال ممثلو بريطانيا وفرنسا وألمانيا في بيان مشترك "لدينا الكثير من العمل والوقت القليل. في ظل هذه الخلفية، كنا نأمل في تحقيق مزيد من التقدم".
وقال الكاتب إن أحد المشكلات الرئيسية هو كون المحادثات غير مباشرة إذ لا تزال إيران ترفض التفاوض مباشرة مع الولايات المتحدة، مما يجبر الدبلوماسيين الأوروبيين على التنقل بين الوفدين الأميركي والإيرانية، المقيمين في فندقين منفصلين على طول شارع رينغشتراسه التاريخي في فيينا.
وأضاف أنه تم تقسيم المفاوضات إلى مجموعات عمل منفصلة. إحدى المجموعات تدرس التراجع عن العقوبات الأميركية. فيما تركز المجموعة الأخرى على إعادة البرنامج النووي الإيراني إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة لعام، كما يُطلق على الاتفاقية رسمياً.
وأشار إلى أن التحدي الآن هو دمج الملفين في نص واحد يحدد الخطوات التي يجب على كل من الولايات المتحدة وإيران اتخاذها للعودة إلى الامتثال. وأوضح أن ربط الموضوعين يعني حتماً الخروج بتنازلات ومقايضات، وهو أمر مثير للجدل. إذ سيعني ذلك تحديد ترتيب توقيت هذه الخطوات، وهو موضوع تتم مناقشته في مجموعة عمل ثالثة. ولكن من المرجح ألا تتم مناقشة هذا الأمر إلا بعد الاتفاق على الخطوات الأساسية التي يتعين على كل طرف اتخاذها.
ومن أجل تحقيق ذلك، يجب حل العديد من النقاط الشائكة.
التراجع عن العقوبات أو بعضها؟
يتعلق الخلاف الرئيسي بنوع وعدد العقوبات التي سيتعين على الولايات المتحدة رفعها. ففي عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني في 2018 وأعادت فرض عقوبات اقتصادية خانقة على إيران. ثم فرضت إدارة ترامب عقوبات إضافية على إيران لا علاقة لها بالاتفاق النووي في محاولة لتعقيد أي عودة للاتفاق.
فعلى سبيل المثال، فرضت إدارة ترامب عقوبات على البنك المركزي الإيراني وشركات النفط، وكذلك ضد الحرس الثوري الإيراني، متهمة إياها بتسهيل النشاط الإرهابي. خلقت هذه الخطوة شبكة معقدة من العقوبات يصعب فصلها.
ومع ذلك، أشارت الولايات المتحدة إلى استعدادها لرفع بعض هذه العقوبات المتعلقة بالإرهاب، بما في ذلك بعض العقوبات التي تستهدف القطاعين العام والصناعي، بالإضافة إلى العقوبات التي ألغيت في الأصل بموجب اتفاق 2015.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية لـ"بوليتيكو": "إذا اعتقدنا أن هذه العقوبات تتعارض مع العودة إلى الاتفاق النووي للحفاظ على تصنيف معين، فإننا مستعدون لرفعه. ولكن على العكس من ذلك، إذا اعتقدنا أنه يتفق مع خطة العمل الشاملة المشتركة للحفاظ عليها، فسنحافظ عليها.
وأوضح المسؤول الكبير أن الولايات المتحدة مستعدة لرفع العقوبات وإزالة التصنيفات الإرهابية التي من شأنها أن تمكّن إيران من التمتع بالمزايا الاقتصادية نفسها المنصوص عليها في الاتفاق النووي الأصلي.
ومع ذلك، فإن إيران، تتخذ علناً على الأقل، موقفاً متشدداً بشأن هذه القضية، وتصر على أنه يجب على الولايات المتحدة إزالة جميع العقوبات التي فرضها ترامب. كما تريد طهران التحقق بشكل مستقل من إزالة جميع العقوبات قبل أن تعود إلى الامتثال للاتفاقية بعد عدة أشهر، وتطلب بشكل أساسي من الولايات المتحدة تقديم تنازلاتها أولاً.
ووفقاً لمسؤول وزارة الخارجية الأميركية، فإن هذه المطالب "متطرفة" و"غير واقعية" في نظر واشنطن. وقال المسؤول: "إن إيران تطلب من الولايات المتحدة أكثر مما تتطلبه خطة العمل الشاملة المشتركة".
معالجة البرنامج النووي الإيراني
النقطة الشائكة الأخرى هي تفصيل الخطوات المحددة التي يجب على إيران اتخاذها للعودة إلى الامتثال للاتفاق النووي، بالنظر إلى أن البرنامج النووي الإيراني في مكان مختلف اليوم عما كان عليه في عام 2015. فبعد انسحاب ترامب من الاتفاق، بدأت إيران في إحراز تقدم في برنامجها النووي، واكتسبت خبرة ومعرفة علمية أكثر. ولمعالجة هذا الأمر، يجب تحديد تدابير إضافية لم تكن جزءاً من الاتفاق الأصلي.
انتقد المسؤول الأميركي إيران لفشلها في القيام بدورها في الموضوع، واصفاً إياه بـ"التعقيد". وقال: "علينا أن نجد طرقاً لمعالجتها".
كما أن الضغوط السياسية المحلية في كل من طهران وواشنطن لا تزال تشكل خطراً على إحياء الاتفاق النووي.
فالقوى المتشددة في إيران تحبذ العودة إلى الصفقة. وبالمثل، يعارض الجمهوريون المعارضون للدبلوماسية النووية مع إيران في واشنطن بشدة الإزالة الواسعة للعقوبات المتعلقة بالإرهاب والعودة إلى الاتفاق.
ومع ذلك، قال المسؤول الأميركي إنه يمكن التوصل إلى تفاهم بشأن العودة إلى الامتثال المتبادل "بسرعة نسبياً" إذا اتخذت إيران قراراً سياسياً بالقيام بذلك.
ويبدو أن المفاوضين مستعدون للبقاء في فيينا على الأقل خلال هذا الأسبوع في هذه الجولة الرابعة من المحادثات، على الرغم من قدوم عيد الفطر الخميس المقبل.
في غضون ذلك، قال دبلوماسيان لـ"بوليتيكو" إنهما يتوقعان تمديد الاتفاقية المؤقتة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي من المقرر أن تنتهي في 21 أيار / مايو. وبموجب الاتفاق، يحتفظ مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية بحق الوصول إلى أهم المواقع النووية في إيران. وبمجرد انتهاء الاتفاقية، هددت إيران بقطع الوصول وتدمير البيانات من كاميرات الوكالة داخل محطات إيران النووية.