• اخر تحديث : 2024-04-19 15:15
news-details
إصدارات الأعضاء

"الوساطة المصرية" في (الملف الفلسطيني الاسرائيلي) وتأثيره على مستقبل المقاومة


مع اشتداد معركة (سيف القدس) بين الصهاينة وقوى المقاومة في غزة، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن (سيكون لأصدقائنا في المنطقة مثل مصر وبقية الشركاء دور في انهاء هذا القتال).

السؤال الذي دار في خلد الكثير من الكتاب؛ لماذا مصر بـ (الاسم) دون بقية الاطراف الصديقة لاميركا؟

العلاقة المصرية الاميركية شهدت تحولات كثيرة في عهد (عبد الفتاح السيسي) وكان فيها الضغط الاميركي شديدا على مصر في ملف (حقوق الانسان) وتعامل حكومة السيسي مع المعارضة (اخوان المسلمين) وكذلك مع بقية الاطراف السياسية الاخرى بقسوة وغلظة، كما انها خنقت الاعلام كثيرا وجيرته لصالح السلطة.

 

مصر احست اخيرا بان الادارة الاميركية باتت ترى فيها مجرد صديق قديم خدم المراحل السابقة للمخططات الاميركية بالمنطقة، وما عاد سبقها بـ (التطبيع) يساوي شيأ، بعد ان تقدمت دول خليجية (غنية) لهذا الميدان، وليس لشعوبها من تأثير على قرارات التطبيع مثل (الامارات).

الاردن ما عاد لها من تأثير يذكر، بعد ان رفعوا عنها (الوصاية) على المقدسات الدينية واعلان الرئيس الاميركي السابق ترامب بان القدس عاصمة لإسرائيل.! كما ان الاردن بلد فقير ويعيش على المعونات الاميركية والخليجية وباتت تشكل ثقلا ماليا على الولايات المتحدة ودول الخليج، وليس لها من تأثير على اي ملف يذكر، وحتى لا تظهر احتجاجها على (تهميش دورها) صنعوا لها مسرحية (الفتنة)!

مصر وجدت في الدعوة الاميركية للدخول في وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية واسرائيل، عنوانا جيدا لاستعادة مكانتها كلاعب اول في المنطقة وخاصة في القضية الفلسطينية، ورأت ان (الظرف) مناسب الان للقيام بالمهمة التي قد يعجز عنها الاخرون وللأسباب الاتية؛ -

1-ان الولايات المتحدة ترغب بالانسحاب من منطقة الشرق الاوسط والتوجه الى المحيط الهادئ حيث (الخصم) الصيني هناك، فاحتاجت الى من توكله في ملفات عديدة ومنها ملف (فلسطين).

2-ان اسرائيل لم تعد اسرائيل (السابقة) فإنها تعيش اوضاعا داخلية سياسية واقتصادية وعرقية صعبة، لذا فان حاجتها لمصر ستكون أكثر من اي وقت مضى، خاصة وأنها تملك معها تاريخا من (التطبيع) يفوق الاخرين.

3-ان المقاومة الفلسطينية ترى في جوار مصر والمعابر ومحبة الشعب المصري وتفهمهم وتفاعلهم مع مشروعية حقوق الشعب الفلسطيني وسيطا أفضل من غيره وأكثر مقبولية مع الملاحظات الكثيرة لدى قادة المقاومة عن (الحكومة المصرية)، وهم يراقبون عن كثب كل خطوة تخطوها مصر بما في ذلك مبلغ الـ (500) مليون دولار التي اعلنت عنها مصر لإعمار غزة، كونه مبلغا يفوق امكانية مصر التي تبلغ ديونها الخارجية (144) مليار دولار. وكذلك في ذهنهم (حصار المعابر)

4-الدول العربية عموما ترى في مصر صديقا للجميع وسياستها أكثر هدوء لذا لم تعلن اي من الدول العربية خشيتها من الوساطة المصرية مع الحذر لدى الاطراف المناهضة للمشروع والسياسة الاميركية التي ترى ان مصر ليست بأكثر من (عميل) لأمريكا خاصة في ظل حكومة السيسي الذي اشترته المخابرات الاميركية ايام ارساله لدورة في جورجيا في ثمانينات القرن الماضي، وتبعها بدورة اخرى ومعه اسرته في الولايات المتحدة، ويرون ان اميركا وراء مجيئه للسلطة.

5-تحرك الوسيط المصري تجاه الجانب الفلسطيني، وتحديداً تجاه "حماس"، وتمت اتصالات مباشرة مع إسماعيل هنية مباشرة وباقي الفصائل الأخرى، وخاصة أن مصر يربطها بكل الفصائل علاقات جيدة، وسبق أن شاركت أغلب الفصائل في حوارات القاهرة التي تمت بخصوص الانتخابات الفلسطينية التي ألغاها الرئيس محمود عباس.

6-دخول الجانب الروسي على خط الاتصالات وعلى مستوى عالٍ، حيث تمت اتصالات بين وزيري الخارجية المصري والروسي، ودعوة بوتين للأطراف الفلسطينية للحضور الى روسيا والتفاهم

يجعل (المقاومة) أكثر اطمئنانا على مصير المفاوضات ومستقبل القضية الفلسطينية بشكل عام، اما عدم دخول الصين ميدان التحركات الجديدة للقضية الفلسطينية كونها كانت حاضرة بمجلس الامن وشكلت احراجا كبيرا لأميركا بعد ان وضعتها منفردة للاعتراض على اصدار بيان في مجلس الامن يطالب بوقف العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين.

معادلة المعركة الاخيرة (سيف القدس) والتضامن العالمي مع القضية الفلسطينية وما كان من انتصارات للمقاومة فاجأت الجميع، وجعلت المقاومة الفلسطينية تمسك بالعصا بقوة وقادرة ان تفضح اي مخطط يتسلل لإضعاف دور المقاومة او كشف مصادر قوتها وذخيرتها.

الدول الداعمة للمقاومة الفلسطينية والمتمثلة بشكل رئيسي (إيران وقطر ) غير منزعجين كثيرا من "الوساطة المصرية" لانهم يرون بالتقارب المصري الفلسطيني يصب بمصلحة المنطقة لان مصر البلد الاكثر عددا بالسكان ،والمتميزة بالثقافة والعلوم بالإضافة الى موقعها الجغرافي الاستراتيجي ويمكن من خلال خيوط الترابط هذه ان تغير في المعادلة في العلاقات والتفاهمات الجديدة ،خاصة وان ايران تمتلك اوراقا كثيرة لقلب اي معادلة لا تصب بمصلحة (عمقها الاستراتيجي) ناهيك ان التشاورات و(غرف التنسيق) مستمرة بين المقاومة وايران في احلك الظروف .

اما (قطر) ودعمها المالي المتميز الى غزة وشعبها وكذلك دعمها الاعلامي وتغطياتها التي طالما ازعجت (الخصوم) بما في ذلك (الصهاينة) فهي ترى ان المقاومة الفلسطينية (صديق) لم ينكر الدعم فيما يمثل لها رقما ضاغطا في المعادلة الامنية والسياسية بالمنطقة، بالإضافة الى إيران ووقفتها معها يوم حاصرها (الاخوة الاعداء) لتكون لها ترسا ضد اي اعتداء او تجاوز او تهميش، ناهيك ان قطر الان عرضت مواقفها السياسية خلافا لمجلس التعاون الخليجي لتمنح نفسها شخصية متميزة وخاصة بنكهة (الدول الداعمة للمقاومة)

من جهتها فان اميركا غير منزعجة من من قطر ودعمها للمقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني رغم موقفها الداعم لإسرائيل لأنها ترى في قطر (صديقا) مهما حلق بعيدا او قريبا و(صديقا) مضمونا بالولاء ووجهه مكشوفا وواضحا في اي نشاط وموقف، والدليل ان بايدن عندما فكر بوقف لإطلاق النار بين الصهاينة والمقاومة الفلسطينية، كان من ضمن حساباته (قطر).

المقاومة الفلسطينية الان اذنت للأليات المصرية ان تدخل لرفع أنقاض المباني التي طالها القصف الصهيوني، في وقت تراقب السماء التي غتتها الطائرات الصهيونية يوم أمس واسقطت اثنين منها، وتراقب الارض التي سيتحرك بها العملاء لكشف اسرار وقوة المقاومة، وتراقب السياسة الدولية وحركة الشعوب التي بدأت تتسع واخرها منع تفريغ حمولة باخرة (اسرائيلية) في أحد موانئ كاليفورنيا بالولايات المتحدة.

في ذات الوقت هي تراقب الوضع بالداخل الصهيوني وما الت اليه العملية السياسية والانهيارات المتتابعة التي عبرت عنها صعوبات تشكيل الحكومة واقتضى الامر الى (حكومة تناوب) وهي احدى علامات (الانهيار) فما من دولة اعتمدت نظام (التناوب) في ادارة البلد الا وانهارت.!

المكان الذي تقف عليه المقاومة الفلسطينية ما كانت لتصل اليه لولا "العمق الاستراتيجي" للمقاومة الاسلامية الممتدة من إيران الى العراق فلبنان وسوريا وفلسطين واليمن، وأدراك اسرائيل ان اي تجاوز للخطوط الحمراء ستنهال عليها الصواريخ من جميع حدوده، هذا (العمق) ما كان ليكون لولا صبر وتحمل قادة الجمهورية الاسلامية وتحمل الضغوط الاميركية التي وصلت الى (1700) عقوبة، ولولا حكمة وصبر الشعب الايراني والالطاف الالهية لانهارت الدولة.

امام "المقاومة الاسلامية "طريق واحد يتحمل المناورة ولكن لا يتحمل (التغيير) وهو طريق (السلاح) وتطويره لان اسرائيل لا تتحمل ضربة اخرى، ومدى ما احست بخطورة الموقف ستهرب الى الخلف حتى تتلاشى.

ستحاول مصر ومَنْ (خلفها) الدخول بقوة الى غزة والاغداق على شعبها (المتعب) نتيجة تعاقب المعارك وصعوبة الحياة من حصار وغيره، ليعيشوا بنوع من (الدعة) الى (حين) فمبلغ الـ (500) مليون دولار ستدفعه جهات عديدة مرتبطة وغير مرتبطة بالمخطط الصهيوني الاميركي وان يبدو امام العالم ان مصر هي من (تدفع) ليحق لها المزيد من التدخل بالشأن الفلسطيني وسيبدو "محمود عباس" الاكثر انسجاما مع (التدخل) المصري.

ان اسلم طريق ومنهج للاستفادة من انتصار معركة "سيف القدس" ان تبحث عن انتصار ثانٍ وان كان مكلفا بالمال والارواح والسلاح ،فالمعركة توا بدأت على ان يتم الاستفادة من ظرف تاريخي ينزلق فيه العدو في عدوانه من اعتداءات في الداخل على الارض والانسان الفلسطيني ،او في تجاوزته على الضفة الغربية وغزة ،بسم الله الرحمن الرحيم (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) وحين تغلب المشاكل الداخلية على الداخل الصهيوني ويرى في المنازلة مع المقاومة نهاية له ،فالطريق الى التفاوض يبدأ برفع منسوب المطالب لتصل الى جلاء الصهاينة من ارض فلسطين جميعا، وقد لاحت بشائر ذلك ان شاء الله ،فالظروف التاريخية التي تشكل بها الكيان الصهيوني تغيرت وما عاد له من نصير.