تستمر الانتقادات الداخلية في "إسرائيل" لأداء بنتيامين نتنياهو وتصريحاته، بما يتعلق تحديداً بتشكيل الحكومة الجديدة، حيث أعلن أن تشكيلها كان "أكبر حالة تزوير انتخابي في تاريخ البلاد". الصحفي يعقوب كاتس شبّه في صحيفة "جيروزاليم بوست" الصهيونية ما يفعله نتنياهو بما فعله دونالد ترامب بعد خسارته الانتخابات الرئاسية الأميركية، وذلك في مقالٍ تحذيري عنونه "إسرائيل في خطر. نحن بحاجة إلى أن نكون يقظين". وفي ما يلي نص المقال المترجم:
هل سينتهي هذا باقتحام الكنيست، أو منزل بينيت، أم اعتداء جسدي على عضو كنيست؟ لا نعلم.
ما حدث في 6 كانون الثاني/ يناير، مع اقتحام مبنى الكابيتول الأميركي، كان محاولة لمنع جو بايدن من أن يصبح رئيساً. وما فعله بنيامين نتنياهو، أمس الأحد، هو محاولته منع نفتالي بينيت من تولي منصب رئيس الوزراء.
الاستماع إلى كلام نتنياهو أمس الأحد، في جلسة كتلة الليكود، يجب أن يثير قلق جميع الإسرائيليين. في حين أنه لم يدعُ الناس علانية لاقتحام الكنيست، فقد فعل كل ما في وسعه لنزع الشرعية عن الحكومة التي يخطط نفتالي بينيت ويائير لابيد لتشكيلها هذا الأسبوع.
وقال إن هذه الحكومة الجديدة هي "أكبر حالة تزوير انتخابي في تاريخ البلاد"، وزعم أن الناس يشعرون "بالغش"، ومن حق الجميع التحرك والاحتجاج على تشكيل الحكومة.
قال نتنياهو لأعضاء الليكود "نحن نتحدث عن أحزاب تتحدث عن انتمائها لليمين، لكنها تتصرف مثل أحزاب اليسار وتخدع ناخبيها. أريد أن أقول الحقيقة البسيطة التي يفهمها الجميع: لا داعي للخوف من مهاجمة المعلّقين الإعلاميين واستوديوهات التلفزة وآلة الدعاية التي تعمل لصالحهم. هذا جزء من الخداع. لا تخافوا من قول الحقيقة".
قد لا يبدو هذا الحديث تحريضياً من تلقاء نفسه، لكنه يأتي فيما كل عضو في حزب "يمينا" تقريباً يخضع لحراسة أمنية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، بسبب تصاعد التهديدات ضدهم وضد عائلاتهم. تتم حماية بينيت من قبل "الشاباك"، وآيليت شاكيد من قبل حرس الكنيست، وحتى يوم أمس، أصبح عضوا الكنيست عيديت سيلمان ونير أورباخ محاطين أيضًا بحراس مسلحين.
جاءت تصريحات نتنياهو بعد أقل من يومٍ على إصدار رئيس "الشاباك" تحذيراً علنياً نادراً، دق فيه ناقوس الخطر من أن مستوى التحريض في إسرائيل اليوم قد ينتهي بإراقة دماء. هل منع ذلك نتنياهو من نزع الشرعية عن الحكومة الجديدة، أو دعوة أتباعه لمهاجمة وسائل الإعلام وأعضاء الكنيست (بطريقة قانونية، كما شدد)؟ للأسف لا.
صحيح أن نتنياهو قال كلام رفع عتب بعد تصريح رئيس "الشاباك" المندد بالتحريض، لكنه سرعان ما قام بالهجوم، مما أدى إلى صب الزيت على النار. بالنسبة لأتباعه، كانت هناك نصيحة واحدة في خطابه، وهي الاستمرار في القتال والهجوم ومقاومة إنشاء ما يسمى بتحالف التغيير.
إذا حدث عنف، لا سمح الله، فإن نتنياهو سيفعل ما يفعله على أفضل وجه: غسْلُ يديه من أية مسؤولية، وردّ دعوته للمقاومة لتكون ضمن حدود القانون. في حين أن هذا قد يكون ما قاله، هناك أيضاً الموسيقى في طريقة الكلام.
وصف شيء ما بأنه احتيال، وقيام الناس بالوقوف والمقاومة، يمكن تفسيره بعدة طرقٍ مختلفة. عندما يحذر رئيس الأمن الداخلي لديك من إراقة الدماء، وتتجاهل تلك الدعوة، وتتحدث بالطريقة التي تحدث بها نتنياهو، فأنت مسؤول عما سيحدث بعد ذلك. في بعض الأحيان، يكون الأمر بهذه البساطة.
هذه منطقة خطرة بالنسبة لإسرائيل، تذكرنا بالطريقة التي حارب بها دونالد ترامب لقلب ونزع الشرعية عن انتخابات 4 تشرين الثاني/نوفمبر. هل سينتهي هذا باقتحام الكنيست، منزل بينيت، أم اعتداء جسدي على عضو كنيست؟ نحن لا نعلم.
نتنياهو لا يريد أن يَغضب أتباعه. يريدهم أن يشعروا بالغش. وبهذه الطريقة يمكنه أن يبقيهم في صفه إذا تم تشكيل حكومة بينيت ـ لابيد. وعندما يتم تشكيلها سيلعب دور الضحية، ويريد من أتباعه أن يشعروا بأنهم ضحايا أيضًا. إنه لا يريد أن يعطي ولو لحظة واحدة من السماح للحكومة الجديدة لتنجح حيث فشل. يريد أن يكون الجميع على حافة الهاوية طوال الوقت.
هناك بديل: الاعتراف بتشكيل حكومة جديدة والتنازل بأمانة. قد يعني ذلك دعوة بينيت ولابيد لعقد اجتماع، وجعل كبار الموظفين يجتمعون مع كبار الموظفين على الجانب الآخر، والتأكد من أن الانتقال يتم بأسهل طريقة ممكنة وأكثرها مسؤولية.
هذا ليس ما يفعله نتنياهو. إنه يريد خوض القتال، لأن عقد مثل هذا الاجتماع سيعطي الحكومة الجديدة شرعية، وهذا شيء سيرفض نتنياهو القيام به.
على الإسرائيليين أن يظلوا يقظين، لأن ما سمعناه أمس الأحد ليس مجرد كلامِ سياسيٍّ خسر الانتخابات. إنه حديث شخصٍ مصمم على فعل كل ما في وسعه لوقف انتقال السلطة إلى رئيس وزراء آخر، وحكومة جديدة تهدف إلى استبداله. إذا كان هذا يعني المزيد من إضعاف مؤسسات الدولة والقيم الديمقراطية، فليكن.
إسرائيل بحاجة إلى توخي الحذر.