• اخر تحديث : 2024-11-15 12:27
news-details
مقالات مترجمة

في ذكرى تأسيس الحشد الشعبي في العراق، نشرت وکالة "ایرنا" الإيرانية مقالا أشارت فيه لتفاصيل تتعلق بتأسيسه والوحدات والألوية ومختلف الأطياف التي يتكون منها، كما عرض المقال الضغوط السياسية الدولية ومحاولات حله ومن ثم الصيغة القانونية الحكومية التي حصل عليها والتي عززت هيكلته أكثر من أي وقت مضى.

من خلال فتواها التاريخية الصادرة في 13 يونيو 2014، اعترفت المرجعیة الدینیة العلیا في العراق بـ"الحشد الشعبي" كمؤسسة حاضنة للمنظمات العسكرية غیر الحکومیة. وقد اعتمد آية الله المرجع السيد علي السيستاني، منذ البدایة، وبحسب الخبراء السیاسیین، الطريقة الأكثر حكمة للحفاظ على بقاء هذه القوة الشعبیة من خلال ربطها بالقيادة العامة للقوات المسلحة العراقية.

يمثل الحشد الشعبي قوة رادعة للمشروع الأمريكي الذي يهدف الى تقسيم العراق وتفكيكه. ویتکون من جمیع فئات المجتمع العراقي. حيث تضم وحدات وقوات الحشد الشعبي مجموعات وفصائل عرقية واجتماعية مختلفة في العراق، بما في ذلك الفصائل السنیة والکردیة والمسيحية وحتى الأيزيدیة.

في تصريح سابق للشهید ابو مهدي المهندس حول الأيام الاولى لتشکیل الحشد الشعبي، أشار الى أنه، بعد إصدار المرجعیة الدینیة العلیا لفتوی الجهاد الکفائي، تشکلت النواة الأولی للحشد في اجتماع ضمّ عدد من قادة فصائل المقاومة في منطقة" زیونة "في بغداد. وأضاف أنه بالنظر إلى اجتذاب الملايين من المتطوعين لقتال داعش بعد صدور فتوى الجهاد الکفائي، كان من الضروري تشكيل منظمة لاستقطاب وتنظيم هذا العدد الهائل من المتطوعين، وعلى هذا الأساس تم تشكيل الحشد الشعبي في صيف عام 2014.

على الرغم من ممارسة الضغوط الداخلية والخارجية المختلفة لحل وتفكيك هذه القوة الشعبیة، أكد كل من رؤساء الوزراء السابقین "حيدر العبادي" و"عادل عبد المهدي" مرارًا وتكرارًا أن الحشد الشعبي تم إنشاؤه بفتوى صادرة عن المرجعیة ولا يمكن حله إلا بفتوى من ذات الجهة.

في هذا السياق، وبعد حصول عادل عبد المهدي، علی الثقة لحکومته من مجلس النواب، وخلافاً للتوقعات بسبب الضغوط الامريكية، أصدر قرارا يتكون من 10 مواد، والتي بموجبها لم يتم حل الحشد الشعبي بل تم تعزيز هيكلته أكثر من أي وقت مضى.

بعد إقامة سلسلة من النقاشات والمباحثات، تم تشكيل الهيكل التنظيمي الجديد للحشد الشعبي في 21 سبتمبر2019، وذلك، بعد مرور أقل من ثلاثة أشهر على إصدار رئيس الوزراء العراقي تعليماته لإحداث تغیير تنظيمي في هذه القوة المسلحة العراقية. وقد تم الإعلان عن هذا المرسوم عقب ارتفاع بعض الأصوات من داخل وخارج العراق تطالب بضرورة حل الحشد الشعبي بعد انتهاء الحرب مع داعش أواخر تموز/ يوليو 2016.

 وفقاً للهيكلیة التنظيمية الجديدة، أصبح للحشد الشعبي رئيس ونائبان أحدهما في هيئة الأركان العامة والآخر للشؤون الإدارية. وتم الإبقاء على "فالح الفياض"، الذي كان قد ترأس التنظيم سابقًا، وتولى الشهید أبو مهدي المهندس منصب معاون سابق لرئاسة أركان قوات الحشد الشعبي. كما أصبحت مدیریة التفتيش العام، والإعلام، والعلاقات العامة، والتخطيط، والتبرير والتوجيه الديني، والتفتيش والرقابة، والأمن، والأمور المالیة، والإدارة والشؤون القانونية مرتبطة مباشرة بصلاحیات رئيس الحشد الشعبي. إضافة الى ذلك تم تحدید أربع قيادات للحشد الشعبي في مناطق مختلفة من العراق، منها "قائد المناطق الشمالية" و"المناطق الغربية" و"المناطق الوسطى" و"القيادة العامة"، کما تم تصنيف مناطق مثل نينوى وكركوك وشرق الدجلة وسامراء وبغداد والجزيرة (بين محافظات الانبار وصلاح الدين ونينوى والرمادي) ومنطقة الفرات الاوسط (كربلاء والنجف وبابل والديوانية والسماوة) كمناطق تواجد قوات وقواعد الحشد الشعبي.

لم يحدد الحشد الشعبي أي تواجد لقواته أو وجود قاعدة له في المناطق الجنوبية، بما في ذلك محافظات البصرة وذي قار وميسان والوسط، ومعظمها قريبة من الحدود المشتركة مع المملكة العربية السعودية والكويت والخليج الفارسي.

لعبت السلطات العراقية والتيارات السياسية الداعمة للحشد الشعبي في العراق دورًا رئيسيًا في الحفاظ على هذا التنظيم العسكري وتطویره خطوة بخطوة خلال السنوات الماضية. وقد أصدر رئيس الوزراء في ذلك الوقت حيدر العبادي مرسوماً حكومياً في 24 فبراير 2016، أثناء الأشهر الأخيرة من الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، أشار فيه إلی الحشد الشعبي باعتباره قوة مستقلة، وکمنظمة لمكافحة الإرهاب، تعمل تحت إشراف القيادة المباشرة للقوات المسلحة العراقیة.

ولمواصلة عملیة تطویر هذه المنظمة العسکریة، صادقت التيارات السياسية الداعمة للحشد الشعبي في 26 نوفمبر 2016 على "قانون الحشد الشعبي" في مجلس النواب بأغلبية الأصوات وذلك في إطار قوانین العراق. بعد المصادقة علی هذا القانون، حصل هذا التنظیم العسکري الشعبي عملياً، على كامل التوصيفات القانونية اللازمة في العراق.

باعتبار أن 60 إلى 65 % من سكان العراق البالغ عددهم 35 مليون نسمة، هم من الشیعة، فقد تشكلت نواة الحشد الشعبي من المجتمع الشيعي العراقي، كما شكّلت فصائل المقاومة الإسلامية العمود الفقري للتنظيم. حیث يوجد لدیها افراد مدربین علی أحسن المستويات العسکریة وتتلقی باستمرار التدریبات العسکریة الخاصة بها. كان قد صرح الشهيد "أبو مهدي المهندس" مؤسس ورئيس أركان قوات الحشد الشعبي في إحدى مقابلاته "إن السنّة يشكلون 40٪ من ترکیبة الحشد الشعبي. ویعتبر "الحشد العشائري"، وهو سني عموماً، من الوحدات المهمة في هذا التنظيم ويتمتع حالياً بحضور قوي وفعال في مجال حفظ الأمن في المحافظات السنية في مدن الأنبار ونينوى وصلاح الدين.

کما يعتبر "اللواء 110" من أهم وحدات الحشد الشعبي الذي أنشأه أكراد فیلي (أکراد الشيعة) في العراق ويعمل حالياً في محافظة "ديالى" للحفاظ على أمن هذه المحافظة حیث قدم عشرات الشهداء في ساحة القتال ضد داعش.

أما لواء "البابليون" بقيادة "ريان الكلداني" فيعتبر أیضاً من أهم الكتائب في الحشد الشعبي، ويتألف من المقاتلین المسيحيين ويتواجدون حاليا في مناطق ومدن مسيحية في محافظة نينوى. وهناك لواء "أبا عبد الله الحسين (ع)" التابع للحشد الشعبي، حیث يتواجد فیه بعض المقاتلين المسيحيين والذي تولى أيضا جزء من أمن المناطق المسيحية في محافظة "نينوى".

لدی "الإيزيديين" و"الشبك" و"التركمان" عدة كتائب داخل الحشد الشعبي، حیث یتواجدون لحفظ الأمن في مناطق "سنجار" - (محل إقامة الإيزيديين) ومناطق نينوى، والتي تعرف في العراق بـ "سهل نينوى" (محل إقامة الشبك)، وكذلك في المناطق الجنوبية من محافظة كركوك، حيث يتواجد تركمان العراق.

ووفقاً للتقارير، یتراوح العدد الاجمالي لقوات الحشد الشعبي بين 140 ألفاً إلی 160 ألفاً، بينما قُدّر هذا العدد خلال الحرب ضد داعش، بين 100 ألف و110 آلاف. ولا بد من الإشارة إلی أن فصائل المقاومة الإسلامية تشکّل العمود الفقري لهذه التنظيمات، كما أنّ لديها 23 عاماً من التجربة والنجاح في ساحات القتال ضد نظام صدام حسين خلال انتقاضة (1980-2003) وكذلك مقاومة قوات الاحتلال الأمريكية لمدة 9 سنوات (2003-2003).

ومن أهم هذه الفصائل یمکن الإشارة إلی "تنظيم بدر"- الفرع العسكري (بقيادة هادي العامري)، و"عصائب أهل الحق" (بقيادة قيس الخزعلي)، و"سرايا السلام" (بقيادة مقتدى الصدر)، و"كتائب حزب الله" (بقيادة أبو مهدي المهندس)، و"حركة النجباء" (بقيادة أكرم الكعبي)، و"كتائب سيد الشهداء" (بقيادة أبو آلاء الولائي)، و"سرايا الخراساني" (بقيادة علی الياسري) و"جند الإمام" (بقيادة أحمد الأسدي) ومجموعات أخری تتعلق بالمجلس الأعلى وتيار "الحكمة الوطنية" مثل "الجهاد والبناء" (بقيادة حسن الساري) و"أنصار العقيدة "( بقيادة الشيخ جلال الدين الصغير) و"سرايا عاشوراء" (بقيادة أبو أحمد الجابري). کما أن" لواء علي الأكبر (ع)" المتولي للحرم الشریف لأبي عبد الله الحسين (ع)، ولواء "أبو الفضل العباس (ع)" المتولي للحرم الشریف لأبي الفضل العباس(ع) یعتبران من الوحدات المهمة التابعة للحشد الشعبي، حیث يلعبان دورا مهماً في حمایة الزائرین لکربلاء وغيرها من الأماكن المقدسة في العراق. وبحسب تقرير الدعاية الحربية لقيادة عمليات نينوى المشتركة، استطاع الحشد الشعبي، کقوة مکافحة للإرهاب، تحرير 2600 كيلومتر مربع من الأراضي الواقعة غربي الموصل وتحرير مدينة تلعفر الاستراتيجية في غضون شهرين من بدء عملية الموصل.

هذا في الوقت الذي، قدرت إجمالي مساحة الأراضي المحررة شرقي الموصل بمشاركة قوات البشمركة الكردية والجيش العراقي ومنظمة مكافحة الإرهاب والدعم الجوي الأمريكي بـ 1،831 كم وتم تحرير 960 كم من الأراضي في جنوب الموصل من قبل الشرطة المركزية العراقية.

اٍنّ الحشد الشعبي هو الضمانة لوحدة العراق والقوة العراقية المسلحة الوحيدة التي نفذت جميع عملياتها دون مساعدة القوات الأمريكية، وحررت المناطق بأقل ضرر ممكن للبنية التحتية وللمدنيين العراقیین.

فبحسب تقرير الأمم المتحدة، سجّل 3 % فقط من الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، خلال عملية تحرير مدينة "تكريت"، عاصمة محافظة "صلاح الدين"، علی ید الحشد الشعبي في ربيع عام 2015، في حين قدر حجم الدمار في عملية تحرير "الرمادي "عاصمة محافظة الأنبار، بأكثر من 80% حیث تمت بمساعدة القوات الجویة الأمریکیة ودون مشاركة الحشد الشعبي.