• اخر تحديث : 2024-11-23 11:50
news-details
مقالات مترجمة

"ناشونال إنترست": انهيار لبنان ينذر باندلاع اضطرابات أوسع نطاقا في المنطقة


حذر الباحث ألكسندر لانغلوا المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أن انهيار الدولة اللبنانية ينذر بإشعال فتن وصراعات إقليمية أوسع نطاقا.

وكتب لانغلوا في مقال نشرته مجلة "ناشونال إنترست" ،"أن لبنان يوشك أن يصبح دولة فاشلة، ومع ذلك يسهل لكثيرين غض الطرف عما يحدث هناك في خضم شرق أوسط مضطرب يفيض بالقضايا الإقليمية والأولويات المتضاربة.

وينذر الكاتب من أن الأوضاع الحالية في لبنان ستكون لها تداعيات سلبية عميقة ذات تبعات خارجية جوهرية. والشيء المؤكد أن الحالة اللبنانية تتشابك بشكل معقد مع جغرافية الشرق الأوسط السياسية، الأمر الذي ينبغي على زعماء العالم التسليم به "درءا للمصيبة القادمة التي ستمتد إلى ما وراء حدود لبنان".

ويمضي الكاتب في القول إن حجم القضايا السياسية والاقتصادية التي يرزح تحتها لبنان تنبئ عن مخاطر كامنة. ويرسم تقرير حديث صادر عن البنك الدولي صورة قاتمة؛ حيث جاء فيه أن "الأزمة المالية والاقتصادية في لبنان من المرجح أن تحتل مرتبة ضمن أكثر 10 أزمات حدة، وربما من بين أشد 3 أزمات ضراوة في العالم منذ منتصف القرن الـ19".

ويعلق الكاتب على ذلك بالقول إن المقاييس الاقتصادية لا تكذب، فقد تقلص إجمالي الناتج المحلي بنسبة تقارب 40% بين عامي 2018 و2020، وارتفع معدل البطالة من 28% في فبراير/شباط 2020 إلى 40% في ديسمبر/كانون الأول 2020، ووصل سعر الصرف الحقيقي لليرة اللبنانية في السوق السوداء إلى 17 ألف ليرة مقابل دولار أميركي واحد.

وانخفضت الواردات من السلع بشكل كبير بحوالي 45%، حيث أدى التضخم إلى زيادة في حجم العملة المتداولة بنسبة 197%. وفي النتيجة بات أكثر من نصف سكان لبنان يعيشون تحت خط الفقر.

ويصف تقرير البنك الدولي الأزمة الاقتصادية في لبنان بـ"الكساد المتعمد"، وهو مصطلح ملائم للحالة في تلك الدولة العربية؛ ذلك أن الطبقة الحاكمة هنا لم تفعل الشيء الكثير لمعالجة القضايا الهيكلية التي تكمن وراء أزمة يُعد الفشل في تشكيل حكومة لأكثر من 8 شهور أفضل تجلياتها.

وبدلا من التصدي للأزمة، انهمكت الرموز السياسية -حسب تعبير الكاتب- في السعي للمحافظة على نظام المحسوبية الذي أثْروا من ورائه، وذلك لأن أي إصلاحات هيكلية جادة من شأنها وضع حد لنهبهم ثروات البلاد. وكانت النتيجة "شلل سياسي مصطنع لن يضر أحدا سوى اللبنانيين".

ويرى الكاتب أنه من الصعوبة بمكان المجادلة بأن لبنان لا يتجه نحو الانهيار وما يتبع ذلك من صراع، فقد استعر أوار الفتنة الطائفية والعرقية بينما تحتدم الخلافات بين الأحزاب السياسية في إطار شبكات المحسوبية.

ويصدق ذلك بوجه خاص على العلاقة بين المواطنين اللبنانيين واللاجئين السوريين. فقد أُلقي اللوم بشكل غير مستحق في الضائقة الاقتصادية على 1.5 مليون لاجئ سوري -يعيش 90% منهم في فقر مدقع- واعتبروا "أكباش فداء".

وهنا يكمن البعد الإقليمي الأوسع نطاقا للأزمة اللبنانية وأحد المؤثرات الخارجية لزعزعة استقرار الدول، طبقا لمقال ناشونال إنترست. وبقدر ما يتعذر إلقاء اللوم في مشاكل لبنان الحالية على اللاجئين السوريين إلا أنّ وجودهم هناك أتاح للنخب السياسية "كبش فداء" لغرس بذور القلاقل بين المجموعات العرقية.

أضف إلى ذلك -يقول الكاتب- أزمة العملة السورية التي تحركها أزمة الليرة اللبنانية والعكس صحيح. وفي نهاية المطاف فإن عدم الاستقرار في إحدى الدولتين سيُنتج لا محالة وضعا مماثلا في الدولة الجارة.

وهذه الروابط المتبادلة بين سوريا ولبنان تتشابك مع الجغرافيا السياسية للمنطقة بشكل أوسع. ولعل جهود تطبيع العلاقات بين دول الخليج العربية ودمشق -رغم أنها تركز جزئيا على خطط إعمار مجزية- قد تبدو أيضا محاولة للتصدي للنفوذ الإيراني في كل من سوريا ولبنان.

ويمضي الكاتب في مقاله محذرا من أن انهيار لبنان قد يضرم سلسلة من الأحداث من شأنها أن تفضي إلى مزيد من زعزعة استقرار المنطقة. ثم إن تشظي لبنان ربما يحدث شرخا في التحالفات الداخلية التي تشكلت بمبادرات شخصية داخل الدولة، لكنها قد تختفي من الوجود في حال انهارت الدولة.

ويعتقد الكاتب أن نزعة إلقاء اللوم على الآخرين قد تنتهي بالبلاد إلى أتون العنف، مما سيترتب عليه تأثير سلبي عميق على المجتمع اللبناني والجهود الرامية لإرساء الاستقرار في المنطقة كالحوار الذي دار مؤخرا بين السعودية وإيران.

ويختم ألكسندر مقاله بالتشديد على أن تقاعس المجتمع الدولي إزاء ما يجري في المنطقة لا يطيل أمد معاناة اللبنانيين ومعهم اللاجئين السوريين والفلسطينيين فحسب؛ بل أيضا سيزيد الوضع سوءا.