• اخر تحديث : 2024-04-22 16:34
news-details
مقالات مترجمة

"ذي ناشونال انترست": لماذا يجب أن يفكر الغرب مرتين قبل اختبار روسيا في القرم؟


كتب دومينيك سانسون في مجلة "ذي ناشونال انترست" الاميركية مقالاً يتناول حادثة اقتراب مدمرة بريطانية من سواحل شبه جزيرة القرم، ومحاولة الولايات المتحدة وحلفائها ضم أكرانيا إلى حلف الناتو، ويعتبر أن على هؤلاء أن لا يتجاهلوا مصالح روسيا الوطنية وأمنها القومي، كما إن أميركا وحلفائها في الناتو لا يرغبون أبداً بخوض حرب في الأراضي الروسية. وفيما يلي النص الكامل للمقال:

هناك روايات مختلفة لما حدث حينما مرت المدمرة البريطانية "اتش ام اس ديفندر" قبالة ساحل شبه جزيرة القرم في 23 حزيران/يونيو الفائت. التقارير المتناقضة وردود الفعل في أعقاب الحدث توضح كيف يفهم كل طرف مصالحه الاستراتيجية في المنطقة.

في الحالة الروسية، قدم الحدث وقوداً لرواية موسكو المحلية، بأن كييف، ببساطة، بيدق غربي في خدمة تحريك قوات العدو بالقرب من الحدود الروسية. بالنسبة للولايات المتحدة، يقدم هذا النوع من الأحداث، سيناريو عالي المخاطر، بمقابل فوائد منخفضة، حيث لا تملك واشنطن الكثير لتكسبه، أو لتخسره في صورتها ونفوذها.

صرح رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن المدمرة "اتش ام اس ديفندر" كانت تقوم ببساطة برحلة عبر المياه الإقليمية لأوكرانيا "وفقاً للقانون الدولي"، وشدد جونسون على مسألة عدم اعتراف بريطانيا بضم روسيا لشبه جزيرة القرم.

من المتوقع أن يتضامن البعض مع كييف وأن يوجه اللوم إلى روسيا بشأن شرق أوكرانيا؛ لكن ذلك لا يبرر لعضو في حلف" الناتو" الإفلات من العقاب حين يخترق أحدهم ما تعتبره روسيا (تاريخياً) مياهها الإقليمية، وهو بذلك يسيء إلى تقديرات الكرملين بتحديد مصالحها الوطنية وأمنها القومي.

يزعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الحركة البريطانية كانت متعمدة وبالتنسيق والمشاركة النشطة من الولايات المتحدة. وذكر أن طائرة استطلاع أميركية أقلعت من مطار "للناتو" في صباح اليوم نفسه أثناء التوغل البريطاني غير الشرعي.. بالنسبة لموسكو لا يحدث شيء ذو أهمية عسكرية بدون اليد التوجيهية لواشنطن. ومضى بوتين في الادعاء بأن الهدف الأساسي لمرور السفينة البريطانية هو التجسس على الميناء الروسي في شبه جزيرة القرم.

وبحسب الكرملين، فإن أحداث الأسابيع العديدة الماضية تشير إلى طموحات غربية لتجاهل القانون الدولي، والى رغبة بنقل القواعد العسكرية إلى القرب من الحدود الروسية، وما قامت به البحرية البريطانية يعتبر محاولة مباشرة لتقويض روح "قمة جنيف" بين الرئيس الروسي ونظيره الأميركي. وكان قد سبق القمة المذكورة، وقبل عدة أشهر قبول موسكو للقلق الغربي بشأن مناورات القوات الروسية التي كانت تجريها بالقرب من الحدود الأوكرانية، وأمر ت بتعليقها.

الأكثر إثارة للقلق في حادثة "اتش ام اس ديفندر" التضليل للسكرتير الصحفي للبنتاغون، جون كيربي، حول إطلاق نيران تحذيرية على المدمرة البريطانية، في وقت اختارت فيه روسيا عدم التصعيد عن طيب خاطر، وتراجعت خطوة إلى الوراء.

تعتبر موسكو ضم أوكرانيا إلى حلف "الناتو" غير مسموح به من الناحية الاستراتيجية، ولا أن تتحول إلى موقع غربي على حدودها. ولإثبات عزمها مواجهة عدوان من هذا النوع، أجرت روسيا تدريبات عسكرية في البحر الأسود في 3 تموز/يوليو، شاركت فيها المقاتلات الحربية بقصف السفن المعادية.

يطرح الخطاب المتصاعد في أعقاب حادثة "اتش ام اس ديفندر"، السؤال التالي: ما الميزة الاستراتيجية التي يكتسبها الغرب من هذا النوع من المناورات الاستفزازية؟

قد يجادل البعض بأن الهدف من وراء ذلك هو تعزيز علاقتنا العسكرية مع أوكرانيا والتعبير عن التزامنا تجاه كييف كحليف. ومع ذلك، لا نحتاج إلى قبول ضم شبه جزيرة القرم لتجنب استعداء موسكو دون داع، والمخاطرة بمواجهة عسكرية.

مرة أخرى، يمكن لواشنطن أن تستمر في دعم الطريق إلى الديمقراطية لبلد طموح، لكن الواقع يفرض أن تأخذ الولايات المتحدة الحقائق التاريخية والجغرافية في الاعتبار. موسكو لن تقبل انضمام أوكرانيا إلى الناتو؛ يضعها بوتين في المنظور الصحيح عندما قال إن روسيا لن تتراجع أبداً عن المواجهة العسكرية على حدودها قبل أن يتراجع الغرب.

يخلص النهج الواقعي للسياسة الخارجية إلى أن شبه جزيرة القرم هي أمر واقع بالنسبة لروسيا، على الأقل في الوقت الذي تخضع فيه الدولة لإدارة بوتين، ومن المرجح أن يكون هذا هو الحال في المستقبل المنظور.

يمكن خدمة السياسة الخارجية للولايات المتحدة وحلفائها بشكل أفضل من خلال الاستمرار في دعم عملية التحول الديمقراطي في أوكرانيا، وتقديم الدعم إلى كييف وهي تنفذ الإصلاحات المحلية التي تعالج الفساد المستشري وتراجعها الحالي نحو الاستبداد. مع ذلك، يجب تبديد الوهم القائل بأن الولايات المتحدة أو أي عضو في "الناتو" مستعد لخوض حرب طويلة الأمد على أراضي روسية. وإن اتباع استراتيجية حافة الهاوية في هذه المنطقة لن يؤدي إلا إلى تشويه سمعة واشنطن وحلفائها.