قام رضا ستوده في مقال نشر علی موقع "مرکز الدراسات الاستراتيجية لرئاسة الجمهورية"، بتبیین دور الشرکات الأمنية الأمریکیة في العراق وبالنظر إلی إمكانية انسحاب القوات الأمريكية من العراق في مراحل مختلفة، وتزايد فعالیة الشركات الأمنية الموجودة في هذا البلد؛ فإن الهدف الأساسي من هذا المقال هو دراسة أنشطة الشركات الأمنية الأمريكية في العراق. ولقد عرض الکاتب، أسباب تواجد الشركات الأمنیة الأمريكية الخاصة في العراق، أهم هذه الشركات العاملة في العراق، فوائد تواجد الشرکات الأمنیة في العراق لأمیرکا، وختم الکاتب في نهایة المقال بالقول أن الولايات المتحدة ستستفید قدر الامکان من هذه الأنواع من الشركات كأداة لمواصلة تدخلها ونفوذها في المنطقة، لا سیما في المستقبل القريب حیث تضطر قواتها العسكرية إلى الانسحاب من العراق.
حالیاً أصبحت شركات الأمن جزءًا من صناعة مزدهرة علی مستوی العالم تستفيد منها الولايات المتحدة، إلى جانب المملكة المتحدة، لتعزيز مصالحها الوطنية.
في سياق النفوذ الأمريكي الناعم والصلب بعد غزو العراق، كانت استراتيجية تواجد الشركات الأمنية في منطقة غرب آسيا، وخاصة العراق، من أهم أدوات أمیرکا لتثبيت الدعم العسكري والاستخباراتي في المنطقة.
مع هذا التفسير، يمكن الإدعاء بأن الحكومات الأمریكية المتعاقبة طیلة فترة حکمها وحتی الآن لديها رغبة قوية في التواجد النشط لهذه الشركات في العراق. تشمل شركات الأمن أشخاصًا اعتباريين وحقيقيين يقدمون خدمات احترافية، أي أنهم يدربون الجنود حيث يصبحون أشخاص عسكريين معروفين فيما بعد في العالم.
تعمل هذه الشركات كوسيط بين الحكومة والجنود المحترفين بحيث لا يواجه الجنود، الحكومة أو أرباب العمل بشكل منفصل ومباشر.
تقدم هذه الشركات مجموعة واسعة من الخدمات، بما في ذلك الدعم الدبلوماسي، والعمليات التجارية، وإعادة الانتاج والأنشطة العسكرية والاستخباراتية، والمرافق الأمنية، وتقديم المشورة لقوات الأمن، واستجواب السجناء وما شابه ذلك.
تولت الشركات الأمنية الأمریكية مسؤولية حماية ومرافقة كبار الضباط العسكريين الأمریكيين بعد سقوط نظام صدام حسین ونفذت العديد من المهام على مختلف المستويات في العراق. وبسبب مشارکتها مع الجيش الأمريكي في العديد من العمليات، أطلق البعض اسم “الجیش الآخر" لأميرکا علی هذه الشرکات.
بالنظر إلی إمكانية انسحاب القوات الأمريكية من العراق في مراحل مختلفة، وتزايد فعالیة الشركات الأمنية الموجودة في هذا البلد؛ فان الهدف الأساسي من هذا المقال هو دراسة أنشطة الشركات الأمنية الأمريكية في العراق.
منذ بداية القرن الثالث عشر، عندما ظهرت القرصنة لأول مرة، سمحت الحكومات باستخدام قوات الأمن الخاصة. لغایة الآن، أمثلة مخصصة الأمن -حیث اتخذت مساحة واسعة من الدراسة، کانت ترتبط بالمساعدات التي أرسلت إلی البلدان الاجنبیة البعیدة لتحقيق الاستقرار أو تحویر المشكلات التي تعاني منها تلك البلدان.
تعتبر الولایات المتحدة هي احدی موردي هذه الشرکات حیث کانت الشرکات الأمنیة الأمریکیة في بدایة الأمر، تعمل تحت اشراف النقابات الصناعیة والعمالیة، لكن مع تصاعد قدرتها وارتباطها الواسع مع كبار مسؤولي البيت الأبيض، انسحبت تدريجياً من القیود القانونیة المحلية الأمريكية وعملت في الشؤون العسكرية والأمنية بشكل مستقل في أجزاء مختلفة من العالم ولا سيما في العراق.
-أسباب تواجد الشركات الأمنیة الأمريكية الخاصة في العراق
في الوقت نفسه وعلى الرغم من وقوع المعارك في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، تزاید دور الأمن الخاص في بیئة النظام الدولي بشکل کیبر.
إن التواجد المتساوي للقوات الحكومية بالنسبة إلى قوات الأمن الخاصة في العراق، وارسال أكثر من 100 شركة من مجموع حوالي 300 شركة أمنية عسكرية غربية، إلى منطقة غرب آسيا، تشیر إلى الاهتمام المتزاید واللافت بالقطاع الخاص في مجال الأمن.
من وجهة نظر سياسات الغطرسة الأمريكية، فإن هذه الأنواع من الشركات الأمنیة في الواقع هي من ترکیب ثلاث مجتمعات الجيش والتجارة والشركات متعددة الجنسيات.
ومع ذلك، يمكن تلخيص اهتمام حكومة الولايات المتحدة باستخدام شركات الأمن في أربع قضايا مهمة: أولاً، تأسیسها لا يتطلب أخذ موافقة الكونجرس. ثانيًا، ترتبط هذه الشركات بعلاقات قوية مع الجهاز السياسي. ثالثًا، قد يكون استخدام الجيش الخاص، لا سیما في المهمات الإنسانية، الخيار الأفضل لإرسال العسکرین الرسمیین، وفي النهاية أصبحت الولايات المتحدة تعتمد بشكل لافت على هذه الشركات.
من أهم هذه الشركات العاملة في العراق:
بلاكووتر: من أبرز الشركات العاملة في العراق والتي غيرت اسمها مؤخراً إلى أكاديمي. عند معالجة أنشطة هذه الشرکة في الشؤون العسكرية وکذلك تجنيد عملاء وكالة المخابرات المركزية المتقاعدين، یتبین أن هذه الشرکات تعمل على تقديم خدمات مثل وكالة المخابرات المركزية. لذلك تنظم هذه الشرکات إحدی أهدافها في إطار القيام بعمليات تجسس والتعرف على البيئة الداخلية والخارجية للعراق.
أرمو: لدی هذه الشرکة 9000 عامل وتقوم بحراسة القوافل غیر العسکریة في العراق. هذه المجموعة لدیها نشاط في أكثر من 125 دولة، بما في ذلك المناطق المتوترة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية.
تريبل كانوبي: هذه الشركة هي نوع آخر من شركات الأمن الأمريكية التي تم توظيفها لتحل محل قواتها الرسمية في العراق ومعظم قواتها من البيرو وأوغندا.
Dyncorp: هذه الشركة تقع في مدینة فرجينيا الأمريکیة وتم اختیارها من قبل وزارة الخارجية على وجه التحديد، لإبقائها في العراق، مع الانسحاب الرسمي للقوات الأمریکیة من العراق.
-فوائد تواجد الشرکات الأمنیة في العراق لأمیرکا:
حالیاً أصبحت شركات الأمن جزءًا من صناعة مزدهرة علی مستوی العالم تستفيد منها الولايات المتحدة، إلى جانب المملكة المتحدة، لتعزيز مصالحها الوطنية. ازدهرت هذه الصناعة لا سیما بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، وذلك بفضل العلاقات القویة التي تربط المحاربین القدامی بالمؤسسات السیاسیة. فیما یلي بعض فوائد هذه الشرکات العائدة للحکومات المتحدة.
الخلاصة والتقیيم:
بحسب الكاتب، وبالنظر إلى طبيعة وأهداف الشركات الأمنية الأمريكية والفوائد العائدة لحكومة الولايات المتحدة، فمن الواضح أنه في أي فترة رئاسية، يرغب صناع القرار في الاستفادة من الأنشطة التابعة لهذه الشركات في منطقة غرب آسيا، لا سيما في العراق.
مع تقدیم هذا الشرح، يمكن الاستنتاج أن الولايات المتحدة ستستفید قدر الامکان من هذه الشركات بطریقة ما، كأداة لمواصلة تدخلها ونفوذها في المنطقة، لا سیما في المستقبل القريب حیث تضطر قواتها العسكرية إلى الانسحاب من العراق.
لذلك، نظرًا لأن مثل هذه الشركات تحتاج إلى عدم الاستقرار وانعدام الأمن لتقوية الصناعة المزعومة والربح منها، وبينما يؤدي تعزيز السلام والأمن في البلدان المستهدفة إلى إنهاء عمل هذه الشركات، يمكن الاعتراف بأن اضعاف السيادة الوطنية، والحد من دور الحكومة في توريد السلع الأمنية وكذلك الثغرات السياسية هي من نتائج تواجد الشركات الأمنية الخاصة في العراق.
نتيجة لذلك، لم يكن وجود هذه الشركات على حساب الشعب العراقي والحكومة فحسب، بل سيكون له أيضًا تداعیات على بلد مثل إيران حیث تسعى إلى توفیر أمن المنطقة، بما في ذلك:
-المساعدات الاستخباراتية العسكرية للإرهاب التكفيري الناشط في العراق لتضخيم الحاجة إلى تواجد القوات الأمريكية في العراق.
- دعم المجموعات الإرهابية المعادية للثورة على الحدود المشتركة بين إيران والعراق من أجل تقويض الأمن القومي للجمهورية إيران الإسلامية.
-عدم الاستقرار وایجاد ثغرات في الحدود العراقية الإيرانية عن طریق المساعدة في تهريب الأسلحة والمخدرات.
-المراقبة الاستخباراتية على الحدود الإيرانية العراقية وتوفير الظروف المناسبة لفعالية المخابرات الأمريكية والکیان الصهیوني في المنطقة.
لذلك، مع العلم أنه مع انسحاب القوات الأمريكية من العراق سيزداد دور هذه الشركات في المستقبل، ونظراً لتداعيات وجود مثل هذه الشركات في العراق، والتي تم ذكر بعضها، فعلی المؤسسات الأمنية المحلية المشاركة الفعالة والذكية، والعمل لتعزيز ارتقاء المراقبة المعلوماتیة وزيادة وظيفة إدارة حدودها، ومراقبة أعمال ونشاط هذه الشركات قدر الإمكان وذلك من أجل تحييد المخاطر الأمنية في المستقبل.