• اخر تحديث : 2024-07-03 03:33
news-details
تقدير موقف

النقطة الأولى هي اننا في ظروف قاسية وربما تكون أقسى في الآتي من الأيام والأشهر بالأخص الى حين الإنتخابات الأميركية، وهذا متوقع وأكيد، والظروف ستكون أقسى على مستوى الاقتصادي والاجتماعي وربما بعض التوتير الأمني (على مستوى الساحة اللبنانية).

 

المهم في الموضوع والنقطة الأساسية هي في المعطى النوعي والمستجد: اننا انتقلنا في الصراع مع ادوات الأميركي الى صراع مباشر مع الأميركي بذاته على امتداد ساحات المحور ونحن واياه وجها لوجه.

سأتكلم بـ ٣ او ٤ افكار بناءً على القراءة السياسية وبشكل جريء ومباشر وبخلاصة:

  • على مستوى التوصيف:

نحن في معركتنا مع الأميركي بلا شك أضعفنا ادواته وتراجع في مجالات قوته وتوجه الآن الى المجال الاقتصادي لمواجهتنا اي انه يريد ان يحقق في السياسة من باب الاقتصاد ما لم يستطع تحقيقه في السياسة والعسكر والحرب الناعمة.

من هذا المنطلق، نحن نتقدم بقوة في المواجهة نظراً للسياق العام ونسجل نقاط مهمة جدا وفي كل الساحات ولكن هذا يضعنا في جو هائل من الضغوط (خاصةً في الشق الاقتصادي الاجتماعي) لأن طبيعة الضغط الحالي لا يطال بيئة محددة فقط او شريحة واحدة كما كان يجري في باقي المجالات (العسكرية وغيرها) بل يطال الجميع بنسب متفاوتة. لذا المواجهة فيها أصعب ووسائل وادوات المواجهة مختلفة عن السابق.

ايضا من النقاط الإيجابية في المواجهة مع الأميركي ان مستواه السياسي تراجع في المنطقة والتواجد العسكري ايضا في المنطقة ولم يحقق مكانا يصبو اليه.

ما اجبر الاميركي (بعد ضعفه في السياسة والعسكر والحرب الناعمة) الى التوجه لما نحن عليه حالياً اي المعركة الاقتصادية والاجتماعية.

وربما تكون من آخر المجالات وبالتالي إذا فشل قد لا يجد خيارات أخرى، ونكون قد خرجنا من آخر المجالات التي بإمكان الأميركي مواجهتنا فيها كمحور مقاومة عن قوة وقدرة.

بطبيعة الحال، الكل يسأل ما نقوم به وما سنقوم به، نحن نقول ان في هذه المواجهة نحن امام قوة كبيرة وليست ضئيلة، هو ليس قوة خارقة (فلو كان كذلك لما تراجع بهذا الشكل في العشرون سنة الماضية وفي أكثر من ساحة)، إذا هو قوة تضعُف وتُهزَم وبإمكان هزيمتها والانتصار عليها وقد يكون قوة في طور الأفول من المنطقة (وهذا التوصيف السياسي والاستراتيجي العميق)، فقد يكون كل ما يقوم به هو فعل في سياق الأفول وليس في سياق المبادرة الاستراتيجية وهي وجهة نظر العديد.

المواجهة مع الأميركي وجها لوجه تستدعي الحذر الشديد وبحاجة لوعي عالي وشجاعة وجرأة (لا خوف ولكن مع حسابات بدقة عالية) لأن اي خطأ من الطرفين يعيد الحالة لسنين الى الوراء.

نحن في اشتباك حاد جدا وقاسي جدا في كل تفصيل من التفاصيل (في لبنان: في المالية والمصارف وكل الملفات وصولا للمنطقة ككل) ونحسب نحن والأميركي بحذر منتظرين الأخطاء من اجل الاستفادة وتعزيز اوراق القوة واقتناص الفرص. في ظل هذا الاشتباك الدقيق جدا نحن نعيش ما نعيش عليه اليوم.

  • على مستوى مجريات الأمور:

بصراحة، نحن امام تحدي عبارة عن سفينة تغرق (السفينة اللبنانية) والأميركي كان لفترة قريبة (وربما ما زال) محتار بأخذ هذه السفينة للإغراق الكامل ام للإشغال الكامل من اجل تمرير صفقة القرن ومشاريعه في لبنان والمنطقة.

بالحد الأدنى هذه السفينة تتجه نحو الغرق، وقد يكون لدى الأميركي مقاربة أخرى وهي الضغط الكامل والدفع نحو اقصى درجات الغرق للتسليم في السياسة.

وبالحد المتيقن، من الآن لغاية الانتخابات الأميركية، يتجه ترامب في هذا المسار وهو يريد ان يحقق في السياسة الخارجية انجاز لمصلحة إسرائيل، ما بعد الانتخابات (في حال بقاء ترامب ام لا) هناك حديث آخر،

ولكن بكل الاحوال، نحن امام أشهر عصيبة الى حين الانتخابات، وهنا نعيد التأكيد اننا للمرة الأولى ندخل في مواجهة مباشرة مع الأميركي.

هناك امور ايجابية وسلبية في هذا الطرح:

الأمور الإيجابية: اننا خلال كل مسارنا في العقدين الماضيين نحن في حالة تصاعد وان كل ادوات الاميركي الرئيسية في المنطقة ولبنان ضعفت ولا تستطيع المواجهة أكثر ما استدعى تدخله المباشر في المواجهة في كل الساحات (إيران - العراق - لبنان وغيره) وهو امر مهم ويعني اننا نتقدم.

ولكن الأميركي بطبيعة الحال اقوى من ادواته واهم ولديه مجموعة من نقاط القوة يجب الا يستهان فيها للمواجهة (وفي الساحة اللبنانية سنشهد تعقيدات كبيرة لكن لن نصل الى حالة حرب أهلية).

الملفت اننا في حال انتصارنا في المواجهة سنقدم المشروع المتكامل عسكريا وسياسيا واقتصادياً وستتدحرج الأمور في المنطقة كأحجار الدومينو لخروج الأميركي، هذا يعني ان الأميركي والإسرائيلي في موقف صعب وحرج جدا.

وهل سيرضون بهذا الواقع ام لا؟ هذا سؤال مهم، ونحن ملتفتين لهذه المسألة ومهيئين لها ومتحضرين (بالرغم من كون الأميركي قد لا يكون له رغبة في خوض حروب في المنطقة) لكن ايضا خسارة الاميركي للمنطقة تعني خسارته لحضوره العالمي فالمسألة معقدة جدا بالنسبة له.

خلال الاشهر المقبلة وما قد تمثله من مرحلة انتقالية، نحن كبيئة مقاومة ومجتمع مقاومة علينا ان نعمل بنظرية الا يكون هناك اي محتاج (قدر المستطاع) في لبنان، وهذا يدعونا كقوى واحزاب وبيئات ومجتمع لبناني للتكافل والتضامن والتعاضد في هذه الأشهر وبحاجة لتعاون الجميع.

هناك نقطة حساسة جداً يجب ان نذكرها، وهي انه قد يكون كل الضغط الحالي هو من أجل تمرير صفقة القرن وان الخطوات هي للدفع في هذا الإتجاه والإسرائيلي على عجلة لتمريرها، لذا في حال تصدى الفلسطيني للصفقة وافشالها قد نشهد مواجهة بين الإسرائيلي والفلسطيني قاسية جداً.

وفي هذه اللحظة ربما لا يكون موقفنا كما كان مع غزة في السابق (الدعم على مستوى المساندة الغير مباشرة او المساندة الإعلامية) وربما نتقدم في هذه اللحظة بخطوة للأمام لمساندة الإخوة في غزة في حال شعرنا انه أُحيط بهم، فقد تكون فرصة تاريخية:

١- على مستوى لحمة الوضع السني الشيعي من بوابة فلسطين

٢- النجاح في افشال صفقة القرن يعني اننا اطحنا بترامب وبكل المشاريع الأميركية في المنطقة

لذا علينا ان نكون في اعلى الاستعداد في حال اراد الاميركي فرض صفقة القرن بالقوة العسكرية على اهل غزة وفلسطين، ان يشعر ان كل محور المقاومة متضامن مع غزة ليس فقط باللسان بل ابعد بكثير (الكيفية والأسلوب غير واضحة بالنسبة لي ولكن بالتحليل السياسي هذا ما قد يحدث بأن يكون موقفنا وحضورنا اقوى معنويا وغير معنويا).

الصعوبة في الموضوع، والفرصة الهائلة التي قد تنتج من رحم هذه المعاناة هي:

- التعقيدات الموجودة في حلحلة الضغط الاقتصادي، فمن اجل ايقاف الانهيار الاقتصادي علينا ان نحارب الفساد ونسترجع الاموال وغيره، وتعقيدات هذا الملف كبيرة جداً واي خطوة قد تذهب بالبلد لأزمات خطيرة بسبب طبيعة البنية الاقتصادية الفاسدة في لبنان مع وجود بنية سياسية فاسدة في لبنان ونظام سياسي مهشّم واقتصادي غير واضح والمنظومة الحاكمة وحماية الطوائف وعدم القيام اي جهة سياسية بنقد ذاتي.

- بتجميع هذه العناصر، نجد ان امكانية محاربة الفساد في لبنان معقدة وصعب تحصيل نتيجة قريبة والأميركي يستفيد منها ويفعّلها للضغط علينا كمقاومة وبيئة مقاومة ووضعها امام خيار تحمل الثمن في مقابل سلاح حزب الله.

الامور تتجه نحو المزيد من الأزمات، وبدأ الأميركي تحريك كل العناصر لتأزيم الوضع أكثر ووضع حزب الله في مواجهة الناس (من بيئته اولا ومن ثم المجتمع اللبناني ككل) والموقف ليس سهلا.

نحن امام تحدي كبير، نجد ان سوريا مأزومة وفرض قانون قيصر يزيد الموضوع وبالتالي يؤدي الى خنق لبنان أكثر وربما يؤدي الى ازمات في سوريا وتنعكس على لبنان، اي اننا نحن امام خنق اقتصادي للبنان تام وشامل.

بالتفكير في الحلول، تبين ان المسار الذي يمشي فيه الأميركي قد يولد فرصة كبيرة بنقل لبنان نحو موقع جديد وحالة جديدة على مستوى التحرر الاقتصادي، وهي فرصة نحن من خلالها نتواصل فيها مع الصين والدول الشرقية (نحن نتواصل منذ فترة) ونرى الإمكانيات، ومنذ أشهر نحن بدأنا بالتلميح لهذا الموضوع وكان الشارع والسلطة غير راضين بهذا الطرح حتى من هم معنا من الفرق السياسية.

لذا بسبب ضغط الأميركي وعدم وجود حل للقوى والسلطة السياسية، وإذا ما انفجر الشارع (وقد ينفجر) فانفجاره سيكون بوجه هذا الطاقم السياسي وبالتالي سنكون الاقل تضررا (حزب الله) لأسباب كثيرة، وهذا الطقم السياسي سيحترق مستقبله وورقة قوته، وما يدفع الامور بتهديد مستقبلهم السياسي هو الأميركي.

نحن نطرح الموضوع ان امام هذه الطبقة حلين:

- اما ايجاد حل سياسي لإنقاذ البلد للمحافظة على مستقبلكم السياسي.

- إما نحن امام ازمة وبالتالي ستخسرون كثيرا وسنكون اقل المتضررين في حال انفجر الشارع.

ويجب ان يكون هناك حل لإنقاذ البلد من هذا الوضع، وقد وضعناه على الطاولة لننقذ بلدنا عبر التوجه شرقا، وهذا المعطى الجديد لم يكن ليتواجد لولا الخطوة الخاطئة من الأميركي المتمثلة بالضغط على لبنان اقتصادياً، وسوء تقدير الأميركي قد يؤدي الى تغيير ليس فقط الوضع بل الوجه الاقتصادي للبنان.

بالختام، مقارنة بين اوضاع كل القوى الموجودة في الداخل والمنطقة نحن نمتلك ٣ اشياء موجودة لدينا وغير متوافرة لدي البقية:

- القيادة الحكيمة الواعية والحريصة والشجاعة وغيرنا لا يمتلك القيادة (على مستوى المنطقة).

- لدينا القضية الحقة ونحن اهل حق وايمان وابناء محمد وعلي.

- نمتلك القوة بفضل الله وتوفيقه.

لذا، إذا ما وصلنا الى لحظة كما قال سماحة السيد: السلاح او الجوع، فنحن نمتلك قوة توازن الضغط وقد نصل للحظة استخدام قوة توازن الضغط مع الأميركي والإسرائيلي والسعودي وكل المنطقة ولن نستسلم والمجتمع اللبناني يتألم ويبكي من الجوع.

قد نصبر ونتحمل ولدينا الصبر الاستراتيجي ونراقب بشكل كبير ولكن نحن نمتلك قوة بلحظة من اللحظات بإمكاننا ان نقوم بتوازن ضغط على صعيد الاقليم، وإذا جعنا لن نسمح لأحد ان يأكل في الاقليم وإذا كنا سنموت لن نسمح لأحد ان يعيش، هذا الكلام ليس شعرا او للمعنويات بل هو من باب المعرفة بالحقائق والوقائع، لا السعودي ولا الإسرائيلي ولا الأميركي سيقوم بتجويعنا.

الوضع ضاغط وصعب والامور صعبة لكن لن نسمح بوصول المجتمع اللبناني للجوع وما زال بإمكاننا حاليا ان نتحرك ونناور ونعمل كل ما بإمكاننا لتجاوز هذه الأزمة بأقل الخسائر وأكثر المكتسبات الممكنة

امامنا أشهر اساسيات ومفصليات، اتمنى على الجميع الثقة بهذه المسيرة وما قدمت من شهداء ونرى الأمل في عيونهم ونثق بقيادتنا والا نتحرك الا بوعي كبير جدا، وهذه المقاومة وما راكمت من انجازات هي اقوى مما هي عليه سابقاً وأميركا وحلفائها هم أضعف مما كانوا عليه.

وهذا التحدي سنتجاوزه بالتوكل والثبات والتصميم والثقة والصبر.