• اخر تحديث : 2024-11-15 12:27
news-details
إصدارات الأعضاء

مؤتمر (جوار العراق).. اسباب "الدعوة" و"النتائج" المتوقعة


قد يجد المواطن العراقي غرابة في قرارات الحكومة الخارجية، فقد كانت المفاجأة عندما تم الاعلان عن (القمة الثلاثية) التي ضمت (العراق ومصر والاردن) واجتمع رؤساء هذه الدول ثلاث مرات دون ادنى منفعة سوى اعلانات عن ربط الطاقة والتجارة ولم نشهد من ذلك شيئاً، اما تخفيض اسعار النفط المصدر للأردن فانه امر سابق من زمن النظام البائد.

دخلت حكومة الكاظمي في جولات للحوار (الاستراتيجي) مع الولايات المتحدة وتشكلت لجان ووفود وانتهت بزيارة الى الولايات المتحدة والعودة الى الخلف باعتماد الاتفاقية الاستراتيجية لعام 2008 بين البلدين!

الدعوة التي تم الاعلان عنها قبل ايام الى مؤتمر لـ (دول جوار العراق) تضم من المفروض جميع الدول المجاورة للعراق (إيران، سوريا، الاردن، السعودية الكويت، تركيا)، فيها مفاجأة ايضا، حيث ان الدعوة الى مؤتمر (رؤساء) لا بد ان يعتمد الضوابط الاتية:

  1. اسباب الدعوة.
  2. تحضيرات لا تقل عن عام.
  3. قراءة للرؤساء الذين يمكن ان يحضروا او يرفضوا.
  4. قراءة للدول التي تقبل الدعوة او ترفض.
  5. توفير قناعة لدى هذه الدول بأهمية الحضور على مستوى (رئيس).
  6. قراءة لمخرجات المؤتمر ومدى نجاحه.

دعونا نتوقف عند امكانية العراق بالدعوة الى هكذا مؤتمر، حيث لو افترضنا ان اسباب الدعوة تعود لحاجة دول جوار العراق الى لقاءات وتفاهمات للتنسيق والعمل المشترك في الجانب الامني والسياسي والاقتصادي، فان اسبابا وتحديات اخرى تواجه هذه الدعوة:

  1. ان الحكومة العراقية غير مؤهلة لمثل هذه المهمة وللأسباب الاتية:
  • حكومة اشبه بحكومة تصريف الاعمال جاءت بسبب ظروف صعبة وانسداد العملية السياسية.
  • طاقم الحكومة غير متجانس بسبب الاملاءات الداخلية والخارجية.
  • وزارة الخارجية غير متجانسة في عملها بسبب تعدد توجهات اداراتها.
  • وزير الخارجية ليس لديه خبرة فهو يعمل لأول مرة بهذا المنصب ولم يسبق له اي وظيفة في العمل الدبلوماسي وليس بأكثر من (مدير مكتب) لمسعود.
  • ليس لدى رئيس الوزراء الكاظمي اي خبرة سياسية وادارة سلطة، كما ليس لديه غطاء سياسي سواء خارج البرلمان او داخله، ولذا تصعب التفاهمات في اي ملف.
  • كثير من الكتل السياسية وافقت مكرهة على ان يكون الكاظمي رئيسا للوزراء مثلما هناك كتل كانت سببا في مجيئه لكنها أدركت فشله في ادارة الحكومة، ولذا سوف لا يكون هناك تفاعل مع المؤتمر ومخرجاته.
  • الحكومة لا تمتلك عمقا جماهيريا يساعدها في دعم المؤتمر.

2.  ليس هنالك من حالة تفاهمات مسبقة بين دول الجوار لكي تحضر للمؤتمر:

- الدول الصديقة لأميركا (الكويت الاردن) لم نشهد لها تحركا مشتركا في اي ملف ثم ان لدى الاردن مشاكل داخلية (خطيرة) ولدى الكويت تأثيرات سياسية وانقسامات داخل مجلس الامة، حتما تمنع التطابق المعلن حتى مع المشروع الاميركي.

- لدى العراق مع الكويت ملف معقد ترفض الكويت فيه التنازل عن ديونها بل ترفض استلام المتبقي منها دفعة واحدة كي تطيل امد الضغط على العراق، ولم نشهد حوارا كويتيا عراقيا لهذا الملف!

- ورد ان المؤتمر - سواء (بشكل مباشر) او (على هامشه) سيناقش ملف الخلاف بين السعودية وإيران وامكانية اعادة العلاقات بين البلدين، وهنا نسأل: ان العراق أجرى ثلاث جولات من محاولات الصلح بين السعودية وإيران ولم يصل الى نتيجة فكيف للمؤتمر بسعة ملفاته (المعلنة) وقصر مدد انعقاده ان يحل هذا الاشكال؟

- هناك دعوات الى ضرورة دعوة سوريا الى المؤتمر، ولذا فان ملفها (معقد) ويحتاج الى قراءة مسبقة خاصة وان هناك عقوبات اميركية على الرئيس بشار الاسد وعلى افراد حكومته، وهناك خلاف بالاعتراف بحكومته.

خارج هذه القراءة الموضوعية للمؤتمر فان هناك رأي يؤكد ان الولايات المتحدة وراء هذا المؤتمر وللأسباب الاتية:

  1. ترغب الولايات المتحدة ان ترتب اوراق المنطقة قبل انسحابها من الشرق الاوسط بالكامل والذي بدأت تجلياته في افغانستان والعراق وقطر وسحب بطاريات الباتريوت وغيرها، ففكرت بعقد مؤتمرات لدول المنطقة بالشكل الذي تطمئن من خلاله لضمان مصالحها قبل الانسحاب.
  2. ترغب ان تدعم شخصية الكاظمي وحكومته لتسويقه للانتخابات المقبلة.
  3. ان تكون جميع الحلول المقبلة لدول المنطقة تحت ادارتها وهيمنتها.

من الدول التي اعلنت عن رغبتها المشاركة من خارج (دول جوار العراق) فرنسا حيث اتصل رئيسها (ماكرون) بالكاظمي وتم الاتفاق على حضور الرئيس الفرنسي، فيما يأتي السؤال: لماذا فرنسا دون بقية دول العالم؟

من الواضح ان الولايات المتحدة فقدت سمعتها بين العراقيين لما ارتكبته من جرائم بحق الشعب العراقي واخرها جريمة اغتيال (ابطال النصر) ولما لها من تداعيات على الساحة العراقية والعالمية، ناهيك من ميولها المطلق لصالح اسرائيل وعدائها للجمهورية الاسلامية لذا فلا تصلح للاستضافة بالمؤتمر!

بريطانيا لا تصلح ايضا لأنها فقدت سمعتها بين العراقيين من خلال انحيازها وصناعتها للازمات من خلال سفارتها.

الدولة المرشحة التي من الممكن قبول حضورها هي (فرنسا) التي عرفت باعتدالها في مواقفها كما ان لها علاقة صداقة سابقة مع العراق، ولكي تُطمئن احدى دول جوار العراق التي ممكن ان لا تحضر بسبب الحضور الفرنسي لقربه من الموقف الاميركي، عاجل ماكرون قبل يومين الاتصال بالرئيس الايراني ابراهيم رئيسي وتهنئته على (التنصيب) ثم التحاور بضرورة العودة للملف النووي.!

هل من المتوقع ان لا نحضر إيران للمؤتمر؟

هذا ما تجيب عنه زيارة وزير خارجية العراق فؤاد حسين الى إيران وعرضه الملفات التي يمكن الحوار بها، ومدى قناعة إيران بذلك، خاصة وان المسؤولين الايرانيين يحسنون التعامل مع الاحداث بكل هدوء، ويقرؤون الحرج الاميركي قبل الانسحاب من المنطقة.

لا نعرف الموقف التركي بعد ان استلموا رسالة الدعوة ان كإن ايجابيا او سلبيا، ولكن الميزان التجاري بين العراق وتركيا الذي يتجاوز الـ (20) مليارا يفرض عليها الحضور حتى دون تفاعل مع ملفات المؤتمر كما ان وجود قواتها على الاراضي العراقية وملف المياه يلزم ان تمنع الحوار في هذه الملفات، وربما سيجد فيها البعض معادلا موازنا للحضور الايراني، فيما يعرف الجميع ان تركيا ترغب ان تملأ الفراغ الاميركي بعد انسحاب الاخيرة من المنطقة، وحضورها المؤتمر سيوفر حركة لها اتجاه هذا الهدف.

هل من علاقة بين عقد المؤتمر وبين الانتخابات العراقية؟

الجواب فيه امران، الاول برغم (رمزية) المؤتمر فان فيه دعم للكاظمي عله يحظى بولاية ثانية، والثاني ان الولايات المتحدة تريد ان تطمئن (اصدقاءها) بالداخل العراقي بانها مازالت تتحكم بالملف العراقي وضرورة ان ينجحوا قدر المستطاع في انتاج حكومة (اميركية).

لماذا لم يطرح (خصوم اميركا) اسم دولة الصين او روسيا لحضور المؤتمر ليكون الامر متوازنا مع من يمثل الغرب (فرنسا)؟

 ربما لم يكونوا على بينة من ذلك!