اثبت سقوط العاصمة كابل عاصمة افغانستان كأخر مدينة على يد طالبان باننا لا يمكن ان نثق بأمريكا كما كنا دائما فالتاريخ يحدثنا عن الدمار الذي تخلفه امريكا وعدم مصداقيتها وعدم الوثوق بها وبوعودها وببقائها فهي مصدر الازمات والمشاكل والمصائب اينما حلت وكما أكد كيسنجر باننا نخلق الازمات ونمسك بخيوطها في العالم.
اسيا عموما ومنطقة الشرق الاوسط خصوصا لا زالت ملتهبة ومستهدفة في نفس الوقت من خلال الحروب ودعم التنظيمات الارهابية والتدخل في شؤونها وتهديدها ومحاولة جرها الى الحروب لإضعافها ومحاولة جعلها تحت وصاية وحماية الدول الاستكبارية التي تحاول ان تضع يدها في كل مكان.
ما حصل من سقوط لدولة افغانستان نتيجة طبيعية لاتفاق سلام مسبق بين امريكا وطالبان في بداية عام 2020 مشترطة انسحاب القوات الامريكية في عام 2021 على ان يتم التسوية مع الحكومة الافغانية وإطلاق سراح 5000 من حركة طالبان وتم ذلك مقابل ان لا تدعم طالبان القاعدة او اي تنظيم ارهابي.
ان سقوط المدن الواحدة تلو الاخرى كان لاسباب اهمها ان الجيش الذي دربته امريكا لمدة عشرين عاما لم يجدي نفعا ولا التسليح لذا انهارت القوات الامنية اما السبب الثاني فان الحكومة الافغانية يئست من اي مساعدة امريكية او من بقية دول حلف الناتو، وكان المشهد يدار بين طالبان وامريكا، والسبب الاخر ان امريكا تفاوضت مع الطرف الاقوى في معادلة النزاع وهي طالبان، ولم تتفاوض مع الحكومة لأنها واثقة من زوالها، واثبتت الاحداث بأن تجربة امريكا انتهت بقرار من طالبان وليس بقرار من الحكومة الافغانية او امريكا.
ان حركة طالبان استفادت من تجربة فيتنام بحيث كانت تفاوض من جهة وتقاتل من جهة اخرى حتى حسمت الموقف لصالحها.
ورغم فشل الادارة الامريكية في تمكين تنظيم "داعش" الارهابي في السيطرة وحكم العراق، وتنظيم النصرة الارهابي في حكم سوريا الا انها نجحت في تمكين حركة طالبان لاعتبارات كثيرة ومنها تغيير الخطط الاستراتيجية لأمريكا لمواجهة الصين وروسيا وجمهورية إيران الاسلامية وستعيد تموضعها قرب افغانستان بحجة مراقبة ومحاربة المنظمات الارهابية لكنها في الواقع ستعقد اتفاقية مع طالبان مستقبلا.
على السياسيين العراقيين الذين يثقون بأمريكا ان يعيدوا حساباتهم ويستوعبوا الدرس جيدا، فأمريكا ايضا لا تثق بأحد وعلى الجميع ان يعي دور الحشد الشعبي ومساندته لأنه الظهير القوي للجيش العراقي (الذي تصر امريكا على تدريبه) الحشد الذي حرر العراق من دنس "داعش" وسيبقى يحارب بعقيدة التضحية والايمان، وان لم يمتلك سلاحا قويآ.