• اخر تحديث : 2024-05-03 21:39
news-details
إصدارات الأعضاء

اسرائيل وتداعيات هزيمة اميركا في افغانستان


قد تبدو المسافة بعيدة شيئا بين افغانستان والكيان الصهيوني، ولكنها قصيرة بالمنطق (الجيوسياسي).

ان أكثر دولة تتأثر بالسياسة الاميركية هي (اسرائيل) لان وجودها مرتبط بمصير اميركا عسكريا وسياسيا واقتصاديا.

حاولت اسرائيل ان تصنع لنفسها كيانا لا تحتاج فيه الى اميركا، فامتلكت القنابل النووية وتسلحت بأسلحة متطورة وبنت مجموعة من المصانع والمعامل، وشيدت الموانئ والمطارات ووسعت من علاقاتها لتشمل أربع دول عربية، فيما امتلكت خيوط صناعة الازمات بأي دولة تحاول المساس بها.

اسرائيل نسيت امرا مهما، انها مهما كبرت او صغرت فإنها في وجهة نظر الولايات المتحدة ليست بأكثر من عميل، وتلك هي سياسة الولايات المتحدة ترفض ان يكون لها (شريك) بل مجرد (عميل) لذا ابقت اسرائيل عبارة عن قاعدة عسكرية تستخدمها متى ما تشاء اسوة بجميع الدول التي تحظى برعايتها.

حاولت اسرائيل في فترات عدة ان تفلت من المدار الاميركي الغربي وان تستفيد من الثروات البشرية والاقتصادية العربية لتشكل قطبا بالمنطقة مستفيدة من علاقاتها الخارجية ومن رؤوس الاموال (اليهودية) بالعالم واستقدامها للاستثمار، لكن اصطدمت بإرادة اميركية منعتها من اقامة اي علاقة مع دولة الا برعايتها واشرافها، ولنقرأ هذا الخبر معا: (عام 2020اختارت السلطات الإسرائيلية شركة محلية لتنفيذ عقد بناء محطة لتحلية المياه، بعد استبعاد شركة صينية، وسط تقارير عن ضغوط من واشنطن، ورفضت إسرائيل عرضا قدمته مجموعة شركات هونغ كونغ (هاتشيسون)، في وقت تتزايد فيه الضغوط الأميركية لتجنب الاستثمارات الصينية في البنية التحتية الرئيسية)، واضح من الخبر كم هو (التأثير الاميركي عليها) كذلك فان جميع علاقات (التطبيع) التي اجرتها اسرائيل مع الدول العربية كانت برعاية اميركية تماما .!

اميركا ابقت اسرائيل خاضعة للمساعدات الاميركية اسوة بالأردن وغيرها من الدول ولم تأذن لها بالتحرك دون اذن منها.

قد يتحدث البعض عن (لوبي صهيوني) وتأثيره على القرار الاميركي فهذا (حقيقة) ولكنها قرارات واجراءات يجب ان لا تؤثر على (الاستراتيجية الاميركية).

استفادت اميركا من الوجود الصهيوني في قلب الامة العربية والاسلامية وكانت ومازالت سببا في انتكاسات كبيرة للامة وتأخرها، لذا فهي موجودة لخدمة اميركا التي اخضعت المنطقة لهيمنتها بالتعاون مع الصهاينة، ومع عملاء اميركا الاخرين بالمنطقة وخاصة دول الخليج .

لا اريد ان اطيل في هذا الموضوع عن الترابط المصيري بين الولايات المتحدة واسرائيل بما لا يشبهه ارتباط اخر، خاصة وان اسرائيل تعلم انها (مغتصبة) لأرض غيرها، وأنها (لمم) من دول متعددة لا تربطهم روابط تاريخية ولا قومية ولا غيرها، ما عدا (اكذوبة ارض الميعاد) التي لم يصدقها اليهود أنفسهم.

أكثر (دولة) تأثرت بتصريح الرئيس الاميركي السابق ترامب (لم يعد الشرق الاوسط من اولوياتنا) اسرائيل.

ان مشروع (صفقة القرن) محتواه الاساسي طمأنة اسرائيل و(اصدقاء اميركا) بأنهم تحت الرعاية الاميركية وعليهم (تدبير) امورهم دون حماية عسكرية اميركية بعد الانسحاب من المنطقة، ولكنها (صفقة) خاسرة لا يمكن تطبيقها في ظل الوقائع على الارض.

كانت معركة (سيف القدس) بين المقاومة في غزة والكيان الصهيوني اعلانا بان اميركا غير جاهزة لـ (التورط) في (حروب اسرائيل) !، وجاء تدخلها بمجرد (التهدئة) وارسال من ينوب عنها (مصر) لحل الازمة.

الانسحابات العسكرية الاميركية من المنطقة اقلقت اسرائيل كثيرا وهي تراقب انسحاب قوات لها من العراق صوب الكويت وسحب بطاريات الباتريوت من العراق والاردن والكويت والسعودية، وسحب قواعد لها من قطر باتجاه الاردن.

الاوضاع الداخلية الاميركية المقلقة ظهرت جلية في الاعلام الصهيوني الذي بات يرى في (انهيار اميركا) محقا لوجوده.

المتابع للإعلام الصهيوني خلال انسحاب القوات الاميركية من افغانستان يدرك حجم الخوف الذي انتابهم وسأنقل تصريحا واحدا لعشرات التصريحات لمسؤولين صهاينة سابقين او عاملين يقول وزير الدفاع الإسرائيلي السابق موشيه يعالون، (إن سيطرة حركة طالبان على أفغانستان ستؤثر على أمن إسرائيل).

ونشر يعالون تغريدة له على حسابه الرسمي على "تويتر"، ذكر من خلالها أنه رغم المسافة البعيدة بين أفغانستان وإسرائيل، إلا أن انسحاب الولايات المتحدة وسيطرة طالبان على أفغانستان ستكون لهما تداعيات على موقف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وعلى أمن إسرائيل.

اسرائيل الان محاصرة بالصواريخ من جميع الجهات، ويمكن في اي لحظة ان تنهال هذه الصواريخ على خارطتها (الصغيرة) التي لا تسمح باستدارة طائرة حربية، وتضيق بعض المساحات فيها لتصل خمسين كم فقط.

اسرائيل تدرك ايضا ان غضبا شعبيا عربيا واسلاميا وانسانيا يتقدم باتجاهها، وان الحامي لها والراعي ما عاد مهتما بمصيرها بقدر اهتمامه بمصالح دولته، يقول أحد كبار المفكرين المختصين بالشأن الصهيوني (بانتهاء المصالح بين اسرائيل واميركا ينتهي الوجود الصهيوني) كان هذا قبل خمسين عاما!

ان ما يساعد على تفكك وهزيمة اسرائيل انها تعاني من ازمات سياسية حادة جعلها تشكل خمس حكومات في ظرف عامين بسبب التشظي السياسي لأحزابها وعدم التوافق، وتعاني من ازمة اقتصادية حادة وكذلك اجتماعية وقومية.

ان واحدة من اسباب استمرار التماسك الداخلي في اسرائيل هو تحريض شعبها للعداء للأخر! وانهم (فئة متفوقة ومظلومة) لذا تجد لا يمر اسبوع دون معارك بين الصهاينة وعرب الداخل، ومثل ذلك مع شعب الضفة الغربية وغزة، وهذه (الكراهية للأخر) غريبة بحيث انهم يرفعون لافتات كبيرة بالملاعب الرياضية فيها شتيمة للنبي محمد (ص) رغم انهم يعيشون مع مسلمي الداخل ومحاطين بدول اسلامية!!

هذا (التراكم) مخزون في ضمير الامة وينتظر لحظة الانتقام واسرائيل عارفة به، بحيث ان سفير اسرائيل لدى مصر كتب تغريدة (اعيش كآبة بالقاهرة واشعر أني في ثكنة عسكرية ولست في سفارة)!

ما حدث في افغانستان وكيف تركت اميركا (اصدقاءها) خلفها وانهزمت فيه موعظة كبيرة، ومصير تنتظره (اسرائيل).