نشرت صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية مقالا لمحرر الشؤون الدولية بالصحيفة ديفيد غاردنر، يقول الكاتب إن "كارثة الولايات المتحدة والغرب في أفغانستان تدق ناقوس الخطر من شرق أوكرانيا إلى مضيق تايوان .. لكن في الشرق الأوسط، ساحة الغزوات الأنغلو - أمريكية المتسلسلة، كان رد فعل القادة على استسلام الولايات المتحدة متحفظا. لقد بدا بالفعل للحلفاء والخصوم على حد سواء، أنهم لا يستطيعون الاعتماد على الولايات المتحدة".
ويضيف "أظهر الغزو والاحتلال بقيادة الولايات المتحدة للعراق عام 2003 حدود قوة أمريكا وعدم قدرتها على تشكيل الجغرافيا السياسية في المنطقة".
ويرى الكاتب أن "عدم الموثوقية الأمريكية دفعت القادة في جميع أنحاء الشرق الأوسط إلى بدء حوار يهدف إلى الانفراج، بدلا من الاعتماد على الأطراف الخارجية".
ويوضح الكاتب في هذه النقطة أن "دونالد ترامب كان يتجه بالفعل بشكل فوضوي نحو الخروج من سوريا والعراق عندما أبرم، في فبراير/شباط من العام الماضي، اتفاق الانسحاب مع طالبان، مما أدى إلى تقويض الحكومة الأفغانية التي لم يكلف نفسه عناء التشاور معها. الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لحلفاء الولايات المتحدة، رفض ترامب تقديم المساعدة للسعودية بعد أن كشفت إيران ضعف المملكة بهجوم مدمر بطائرة بدون طيار وصواريخ على شركة أرامكو السعودية في عام 2019".
وينقل الكاتب عن وزير خارجية عربي "مخضرم"، ملاحظته أن"المشكلة الأساسية هي اعتماد العرب على الأجانب، وبعد ذلك، عندما يغير الأجانب سياساتهم، نكون ضائعين".
والآن، وفق الكاتب، "يحاول القادة العرب استباق موجة الأحداث قبل أن تنهار عليهم. الأعداء يتحدثون مع بعضهم البعض. بدأت إيران والسعودية، على خلاف من اليمن إلى سوريا والعراق إلى لبنان، الاجتماع في أبريل/نيسان. تحاول الإمارات العربية المتحدة ومصر، على طرفي نقيض لتركيا وقطر في الحرب الأهلية الليبية، إصلاح العلاقات. العراق، الذي يكافح من أجل البقاء كدولة موحدة، استضاف يوم الأحد الماضي قمة جمعت خصوم المنطقة".
ويعتبر الكاتب أن "كل هذا مؤقت. كان ترامب يعرض شيكات على بياض للسعودية وإسرائيل. ومع ذلك، فقد رفض بايدن المندفع محمد بن سلمان، ولي العهد والحاكم الفعلي للسعودية، وأصبح أكثر حزما تجاه إسرائيل التي شجعها ترامب على ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة من جانب واحد".
لكن الكاتب يعتبر أنه "يتعين على بايدن الآن إيجاد طريقة لمنع الكارثة الأفغانية من زيادة جرأة إيران. ساعدت السياسة الأمريكية طهران في بناء محور عبر الأراضي العربية منذ غزو العراق".
ويلفت إلى أن أحد أهداف بايدن الرئيسية يتمثل "في إحياء اتفاق ضبط النفس لعام 2015 الذي وقعته إيران مع الولايات المتحدة وخمس قوى عالمية، والذي انسحب منه ترامب من جانب واحد في عام 2018. وتريد الولايات المتحدة وحلفاؤها أيضا كبح إيران والقوات شبه العسكرية المدعومة من طهران في بلاد الشام والخليج".
ويشرح الكاتب "أدت الاجتماعات غير المباشرة في فيينا إلى اقتراب واشنطن وطهران إلى حد كبير من التوصل إلى اتفاق نووي قبل انتخاب الرئيس الإيراني المتشدد الجديد إبراهيم رئيسي. وقال إن إيران ستدعم الاتفاق النووي الذي يرفع العقوبات التي أعاد ترامب فرضها .. تقول الولايات المتحدة إن هذا مطروح على الطاولة في فيينا. لكن قد يحتاج بايدن إلى الذهاب أبعد من ذلك. انسحبت الولايات المتحدة من اتفاق 2015 من جانب واحد، لكن إيران لم تبدأ في انتهاك حدودها النووية إلا بعد عام. يمكن أن يبدأ بايدن في رفع العقوبات من جانب واحد، وتحديد موعد نهائي لإيران للعودة إلى الامتثال بشكل يمكن التحقق منه. قد تكون إيران أيضا على استعداد للتعاون مع الولايات المتحدة بشأن أفغانستان للحماية من إعادة احتضان داعش".
ويخلص الكاتب إلى أنه "في منطقة تم تعليمها للتو درسا آخر في عدم موثوقية الولايات المتحدة، سيكون من المفيد بالتأكيد أن تستكشف واشنطن قوة المصلحة الذاتية للآخرين".