نشرت صحيفة "التايمز" البريطانية مقالا لمراسلها لشؤون الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر، بعنوان "الاشتباكات في سوريا تثير معضلة 'حرب أبدية' أخرى لبايدن".
ويقول الكاتب "فُتحت جبهة جديدة في 'الحرب الأبدية' الأخرى، في سوريا، والتي تختبر مرة أخرى استعداد الرئيس بايدن للتدخل في الشرق الأوسط".
ويشير إلى أنه "منذ أسابيع، قصفت قوات النظام بلدة درعا بالقرب من الحدود الأردنية.. كان من المفترض أن يستعيد النظام درعا في صيف 2018، إلا أن اتفاقا أبرم وقتها وضع نهاية لسبعة أعوام من القتال. لكن في الأسابيع القليلة الماضية، أعادت القوات الحكومية فرض الحصار، ردا على هجمات المتمردين الذين سُمح لهم بالبقاء في المدينة بأسلحتهم بموجب الاتفاق".
ويربط الكاتب بين الأحداث في درعا وحدث قد لا يبدو على صلة بالأمر وقع في لبنان. "فقد اقترحت دوروثي شيا، السفيرة الأمريكية في بيروت، حلا تقوده الولايات المتحدة لأزمة الوقود في لبنان، الذي يعاني من شلل الحياة اليومية. وقالت السفيرة إنه يمكن إلغاء بعض العقوبات على سوريا للسماح بتوصيل الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان عبر خط أنابيب قائم عبر الأردن وجنوب سوريا"، بحسب الكاتب.
ويلفت إلى أنه "من شبه المؤكد أن الجزء السوري من خط الأنابيب سيتطلب إصلاحا وتحديثا، لكنه يمر بشكل ملحوظ عبر محافظة درعا في طريقه شمالا إلى حمص، ومن هناك إلى مدينة طرابلس شمال سوريا".
وتقول الكاتبة إن "شيا لم تشرح ما وراء المخطط، وكان التفسير الأكثر وضوحا هو أنه لمنع إيران، المنافسة لأمريكا، من أن تظهر بصورة المنقذ في لبنان. فيما يعد الإيرانيون بشحن الوقود إلى هناك عبر حليفهم، حزب الله".
وقال بسام بربندي، الدبلوماسي السوري السابق الذي انشق عن الحكومة في دمشق ويراقب الأحداث في درعا إن خط الأنابيب "يمر عبر درعا، لذا فإن المزيد من السيطرة الإيرانية على المدينة تعني أن بإمكانهم قطع خط الأنابيب".
"وسواء التزم الإيرانيون بشروط الاتفاق المبرم مؤخرا في درعا أم لا ، فإن النتيجة النهائية هي إعطاء المحور المناهض لواشنطن الناشئ في موسكو وطهران قدرة لإعاقة التدخل الأمريكي في المنطقة، خاصة إذا مضت الولايات المتحدة قدما في خطة خط الأنابيب الخاصة بها. حيث تشعر كل من إيران وحزب الله بالقلق إزاء محاولات الإمارات العربية المتحدة إقناع ليس فقط الولايات المتحدة ولكن إسرائيل أيضا بالتعامل مع الأسد كوسيلة لتقليل نفوذ إيران عليه".
ويرى الكاتب "أن إعلان شيا غير المتوقع جاء في وقت يخضع فيه مستقبل العمليات الأمريكية في سوريا على نطاق أوسع للمراجعة".
ويقدر دبلوماسيون إقليميون، بحسب الكاتب، أن الولايات المتحدة "ستستمر في الانخراط في الشرق الأوسط، على الأقل لحماية إسرائيل وحلفائها في الخليج، على الرغم من وعود الرؤساء المتعاقبين، أوباما وترامب وبايدن، بالانسحاب من الحروب الأبدية".
"لكن بدون بيان نوايا واضح، ومع تخلي الولايات المتحدة عن حلفائها وسط مشاهد فوضوية في كابل، لا يمكن لأحد أن يكون متأكدا"، يقول هؤلاء.
ويخلص الكاتب "كما هو الحال مع العديد من مجالات السياسة الخارجية الأمريكية، ينتظر العالم قرارات من الرئيس الذي وعد بإنهاء الفوضى التي سادت سنوات ترامب، لكنه، باستثناء المفاوضات مع إيران بشأن الاتفاق النووي، تمسك عمليا حتى الآن بشكل وثيق بنموذج سلفه".