الكاتب الإسرائيلي بن كسبيت يقول في مقال في موقع "المونيتور" إنه "بخلاف الأجواء الإيجابية في العلن للمحادثات الاستراتيجية الإسرائيلية - الأميركية، "في الجوهر الوضع سيء وربما سيء جداً"، ويتحدث عن أن "إسرائيل فشلت في إقناع الأميركيين بإجراءات ضد إيران ولا حافزية وتصميم لديهم وهذا يرعبها". وفي ما يلي نص المقال منقول إلى العربية:
لم يُطمئن اجتماع المجموعة الاستشارية الاستراتيجية الأميركية - الإسرائيلية هذا الأسبوع في البيت الأبيض، بل على العكس.
التقى مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان ونظيره الإسرائيلي إيال حولاتا وفريقيهما في البيت الأبيض في 5 تشرين أول/أكتوبر في إطار المجموعة الاستشارية الاستراتيجية بين الولايات المتحدة و"إسرائيل". ووصف البيان الصحفي الذي أعقب الجلسة بأنها كانت "بناءة" و"منفتحة".
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية للصحفيين، بشرط عدم الكشف عن هويته، إن إدارة بايدن ملتزمة بإجراء محادثات مع إيران لمنعها من الحصول على أسلحة نووية، لكن إذا فشلت الدبلوماسية قال: "سنكون مستعدين لاتخاذ إجراءات ضرورية".
وأضاف: "من الواضح، إذا لم تنجح هذه (الدبلوماسية)، فهناك طرق أخرى يجب اتباعها، ونحن ملتزمون تماماً بضمان عدم امتلاك إيران مطلقاً لسلاح نووي"، لكنه رفض التفصيل.
في الوقت نفسه، وفقًا لتقارير إعلامية إسرائيلية، ستطلب "إسرائيل" من الأميركيين وضع حزمة من العقوبات ضد إيران في حالة فشل المحادثات.
يتنامى الإحباط الإسرائيلي، كما هو الحال مع الإدراك بأن "إسرائيل" والولايات المتحدة ليستا على نفس الصفحة وأن تصوراتهما الاستراتيجية للتهديد النووي الإيراني تختلف اختلافاً جوهرياً.
مسؤول أمني إسرائيلي كبير، لم يشارك في المحادثات لكنه كان مطلعاً على مضامينها بحكم موقعه المقرب جداً من وزير الأمن بيني غانتس، وصف الوضع لـ"المونيتور" على النحو التالي: "نعم، كانت المحادثات جيدة، وكانت الأجواء ودية للغاية ومنفتحة، وتم نقل الرسائل، لكن من حيث الجوهر، فإن الوضع سيء. وربما حتى سيء جداً".
وأضاف للمونيتور: "في الوقت الحالي، لا توجد خطة طوارئ عملياتية مشتركة ضد إيران إذا فشلت جهود العودة إلى الاتفاق النووي. والأسوأ من ذلك، أن الأميركيين ليس لديهم أي حل على الإطلاق لمثل هذا الوضع. ليس لديهم خطة ب. ليس لديهم بدائل وما يُقلق حقيقةً هو أنهم غير مهتمين بها فعلاً. إنهم يرون الأحداث بطريقة مختلفة تمامًا عما نراه نحن. بالطبع، هذا حقهم، لكنه مصدر قلق كبير لنا".
وتابع المسؤول الكبير: "صحيح، يواصل الأميركيون التأكيد - بناءً على طلبنا - على أنه إذا فشل المسار الدبلوماسي في تحقيق نتائج، فهناك خيارات أخرى، لكن ليس من الواضح ما إذا كانوا يقصدون ذلك. إنهم لا يركزون على إيران، بل يركزون على الصين والقضايا المحلية الأميركية، وباء الكورونا، وحقيقة أن الإدارة - تماماً مثل الحكومة الإسرائيلية - يجب أن تكافح لدفع كل قانون أو قرار من خلال الكونغرس. الأضواء في واشنطن مضاءة في الليل ليس بسبب إيران، وهذا مقلق".
تركز الجهود الإسرائيلية على محاولة التوضيح للأميركيين وإقناعهم بأن العمل العسكري يمكن أن يوفر أيضاً حلاً لمشكلة إيران النووية، وليس فقط المحادثات، وأن عليهم إظهار النوايا الجادة وإقناع إيران بأنه إلى جانب الجزرة، فإن الولايات المتحدة تمسك بعصاً أيضاً.
لقد فشل هذا الجهد في الوقت الحالي. علم (موقع) "المونيتور" أنه خلال الاجتماعات العديدة بين الجانبين، اقترح العديد من المسؤولين الإسرائيليين، وعلى رأسهم غانتس، سلسلة من الإجراءات، مثل تكتيكات تضليل لزيادة الضغط على إيران.
وفقاً لمسؤول أمني كبير، كان من الممكن أن تتضمن هذه التكتيكات "مناورة عسكرية ضخمة في الخليج أو في دولة مجاورة، تحركات قوة مثل حاملة طائرات أو اثنتين من حاملات الطائرات المنتشرة في الخليج، مثل تسريب حول اختبار إضافي للقنابل الخارقة للتحصينات.. أشياء من هذا القبيل". ومع ذلك فإن الأميركيين "ليسوا على متن القطار. جوهر الأمر أنهم لا يشعرون بالضغط. إن شدة الموقف لا تزعجهم حقاً؛ لا يعتقدون أن الأمن القومي الأميركي مهدد بجهد نووي إيراني. بقدر ما هم قلقون، ليس هناك دراما. بدأنا نشتاق لإدارة أوباما".
خلال المحادثات الأميركية - الإسرائيلية، عندما سئلوا عما يخططون لفعله إذا رفض الإيرانيون العودة إلى الاتفاق النووي، ادّعى الأميركيون بحسب الظاهر أنهم قد يختارون في النهاية القيام بعملٍ عسكري، لكن الجانب الإسرائيلي غير مقتنع.
"كيف يمكنك الانتقال مرة واحدة من صفر إلى 100؟ التحضير لعملية عسكرية يستغرق وقتاً. يتطلب إجراءات وخطة مركّبة؛ يتطلب إظهار التصميم والحافزية. لم نحدد أياً من هذه الأمور في الجانب الأميركي وهذا يخيفنا حتى الموت"، قال المسؤول الإسرائيلي الكبير.
تزوّد "إسرائيل" الأميركيين بكميات هائلة من المعلومات الاستخبارية الطازجة. من الآن، تُعتبر "إسرائيل" واحدة من أكبر مستودعات المعلومات الاستخبارية في العالم حول القضية النووية الإيرانية، بعد أن ورد أن إيران قامت باختراق وإسقاط شبكة استخبارات أميركية رئيسية تعمل هناك.
تركز "إسرائيل" على إثبات نوايا إيران الحقيقية في الحصول على قدرة عسكرية نووية، وتوضيح النتائج المحتملة لنجاحها. ووفقاً للمصدر الإسرائيلي، فإن هذا يعني إظهار إلى أي مدى سيؤثر ذلك على المنطقة، وإلى أي مدى يشكل تهديداً ليس فقط لأمن "إسرائيل" القومي بل وكذلك للشرق الأوسط بأكمله والولايات المتحدة أيضاً.
وأضاف: "نحن نحاول ببساطة أن نثبت لهم أن القصة الإيرانية يمكن أن تنتهي مثل قصة كوريا الشمالية، إذا استمر النعاس الحالي. في الوقت الحالي، لا يبدو أننا أقنعناهم".
رسميًا، يُقر الأميركيون بأن زمن اختراق إيران قد تقلص من حوالي عام إلى عدة أشهر. حدث هذا التقلّص بسبب الانسحاب الأميركي من الاتفاق من قبل الرئيس دونالد ترامب وتحت تأثير رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.
يصف الأميركيون هذه الفترة الزمنية القصيرة بأنها مثيرة للقلق، لكن الإسرائيليين يصرون على أن محاوريهم الأميركيين لا يتصرفون كقلقين.
وبالإضافة إلى إعداد خيار نووي حقيقي، تعتقد "إسرائيل" أن هناك حاجة أيضاً إلى حزمة عقوبات جديدة، عقوبات تكون نافذة ومؤلمة بوجهٍ خاص، ليتم فرضها على إيران في حالة فشل المحادثات. على ما يبدو، لم يقم الأميركيون بوضع مثل هذه الحزمة أيضاً، ولا يبدو أنهم متحمسون كثيراً للقيام بذلك.
الوضع الموصوف هنا يولّد نوعاً من الاكتئاب الوجودي في الجانب الإسرائيلي. لا أحد يتحدث عن الإدارة بطريقة مُهينة، كما فعل الإسرائيليون في ذلك الوقت حيال إدارة أوباما. تظل العلاقات منفتحة وعادلة وصادقة مقرونة بالاحترام المتبادل.
ينعكس الإحباط في الغالب في المناقشات الجارية في "إسرائيل" بشأن تسريع الجهود لإحياء الخيار العسكري الإسرائيلي وحشد أكبر عدد من حلفائها في الشرق الأوسط، مثل السعودية والإمارات وغيرهما، مما من شأنه أن يضيف أصواتهم إلى صوتها للضغط على واشنطن.
بالطريقة التي تبدو عليها الأمور الآن، لا يزال الطريق طويلاً ولا أحد على استعداد للمراهنة على النتيجة: قنبلة إيرانية أو ضربة أميركية أو شيء ما بينهما.