لا شك أن من كانوا يأملون بعد احتجاجات مستمرة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو أن ينتهي مع فوز نفتالي بينيت برئاسة الوزراء فصلٌ مزعج في حياتهم؛ أصيبوا الآن بخيبة أمل كبيرة.
هذا ملخص ما جاء في مقال للكاتب الصحفي ريني باكمان بموقع "ميديا بارت" الفرنسي، مبينا أن من اعتقدوا أن ضمّ حكومة "التغيير" التي شكلها بينيت ممثلين عن اليسار اليهودي، مثل ميرتس وحزب العمل بل وحتى ضمها وزيرا إسلاميا؛ يعني انفتاحا سيصابون اليوم بالإحباط، إذ تبين -بعد 4 أشهر فقط من أخذه زمام الأمور- أن بينيت ليس "الأفضل" بل هو "أسوأ من نتنياهو".
صحيح أن هذا الرجل أعطى الأمر بإصدار 15 ألف تصريح عمل في إسرائيل للفلسطينيين في الضفة الغربية، ونقل من 7 آلاف إلى 10 آلاف عدد تصاريح دخول تجار غزة لإسرائيل، وصاحب تلك الإجراءات تسهيل وتسريع العمليات عند نقاط التفتيش في إسرائيل؛ لكن القصد -كما يقول باكمان- من وراء مثل هذه الإجراءات هو -رسميًّا- التعبير عن "بوادر حسن نية" لمساعدة الاقتصاد الفلسطيني على الخروج من حالة الركود، وتخفيف أعباء الحياة اليومية على سكان الأراضي المحتلة أو المحاصرة.
ولكن في الواقع -وفقا للكاتب- فإن الأمر لا يتعلق -قبل كل شيء- سوى باستغلال الضعف الحالي للسلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس عبر "شراء" حيادهم أو حتى تعاونهم، كل ذلك مع فتح خزان للعمالة الرخيصة لصناعة البناء الإسرائيلية، التي يمكن أن توظف ما يصل إلى 80 ألف عامل فلسطيني للاستجابة لسوق الإسكان المزدهر.
لكن وراء "بوادر حسن النية" هذه -حسب ما يقول باكمان- لا شيء قد تغير في العلاقات بين المحتلين ومن يحتلونهم؛ إذ يقول تقرير للأمم المتحدة بتاريخ 22 أكتوبر/تشرين الأول الحالي إن الجيش الإسرائيلي قتل 331 فلسطينيا منذ بداية العام الحالي، أي بمعدل أكثر من قتيل في اليوم، كما جرح أكثر من 15 ألفا آخرين، وخلال هذه الفترة تم تدمير ما يقرب من 700 مبنى فلسطيني، وتعرض الفلسطينيون لـ389 اعتداء من قبل المستوطنين.
وينقل الكاتب -عن صحيفة هآرتس الإسرائيلية قولها إنه -منذ بداية العام حتى الآن- تم حرق 8 آلاف شجرة فاكهة مملوكة لفلسطينيين في الضفة الغربية أو قطعها أو تدميرها، وفي كثير من الأحيان من قبل مستوطنين تحت حماية أو حتى بتواطؤ من الجيش، من دون حسيب ولا رقيب.
كما أنه لا شيء قد تغير سواء في ما يتعلق بإستراتيجية الاستيطان، الذي كان سلاح نتنياهو الأساسي في تدمير أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، وهو يقوم على مبدأ بسيط: الاستمرار في زيادة عدد ومساحة وسكان المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، ويبدو أن بينيت -الذي يعرف تركيبة ناخبيه ويعرف الدور الرئيسي الذي تلعبه منظمات المستوطنين في أغلبيته الهشة- مستمر على نهج سلفه، وعازم مثله على ضم غور الأردن لإسرائيل، وفقا للكاتب.
ولقد كان نتنياهو ووزراؤه ينتقدون المنظمات الفلسطينية التي تكشف الانتهاكات الإسرائيلية المتعددة للشرعية الدولية، وهي انتهاكات دفعت الأمم المتحدة للتنديد في أكثر من قرار بإسرائيل.
وضيق نتنياهو على هذه المنظمات وانتقد الدول التي تقدم لها دعما، لكنه لم يصل حد حظرها واعتبارها منظمات إرهابية، كما فعل بينيت ووزير دفاعه بيني غانتس.
ويعلق الكاتب على ما حصل بالقول "هذه المنظمات غير الحكومية تلعب أمام النظام الإسرائيلي دورًا سياسيًّا رئيسيًّا في وقت أصبحت فيه السلطة الفلسطينية فاقدة لمصداقيتها بسبب عجزها وفي وقت لم تعد لها شرعية ديمقراطية، ولم يعد أحد يستمع لها".
ويختتم الكاتب بأن ثمة تضامنا واسعا مع هذه المنظمات حتى داخل إسرائيل، إذ عبرت نحو 20 منظمة مجتمع مدني إسرائيلية غير حكومية عن تضامنها مع المنظمات الفلسطينية المحظورة، ونشرت إعلانًا مشتركًا في صحيفة هآرتس اليومية تقول فيه إن "تجريم عمل منظمات حقوق الإنسان عمل جبان من سمات الأنظمة القمعية والاستبدادية".