• اخر تحديث : 2024-07-01 12:23
news-details
مقالات مترجمة

"فورين بوليسي": شيك واشنطن المفتوح للإمارات يجب أن يتوقف


ينظر البعض في الولايات المتحدة إلى الإمارات العربية المتحدة بوصفها حليفا حيويا لردع إيران ومواجهة الإرهاب وتعزيز الاستقرار الإقليمي ويدعون للتعامل معها وفق هذه الرؤية، غير أن ذلك "مقاربة معيبة للغاية".

هذا ما يراه جون هوفمان -المتخصص في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط والإسلام السياسي- بمقال له بمجلة "فورين بوليسي" الاميركية، بدأه بالإشارة إلى وصف وزير الدفاع الأميركي السابق جيمس ماتيس للإمارات بأنها أصبحت "سبارتا" الصغيرة وذلك بسبب القدرات العسكرية غير المتناسبة لأبوظبي مقارنة بحجمها الجغرافي الصغير.

وقال إن الإمارات أصبحت في الآونة الأخيرة أحد العناصر الأساسية في سياسة واشنطن الرامية إلى التنصل من أعبائها الإقليمية في الشرق الأوسط ووضعها على كاهل بلدان في المنطقة لأن بوصلة واشنطن أصبحت متجهة نحو آسيا.

وعلى الرغم من أن الإمارات قد تنخرط أحيانا في تدخلات إقليمية أو ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان، فإن وجهة النظر هذه تجادل بأن مثل هذه الإجراءات لا تضر بمصالح الولايات المتحدة وأن الإمارات تظل رمزا للاستقرار والتقدم في منطقة مضطربة.

ويبدو -وفقا للكاتب- أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تبنت هذا المنهج؛ حيث وافقت على بيع أسلحة بقيمة 23 مليار دولار -بما في ذلك طائرات "إف-35" (F-35)- إلى أبوظبي، بل وأشادت بالإمارات باعتبارها "شريكا أمنيا رئيسيا" للولايات المتحدة.

وبعد انتخابها مؤخرا كعضو غير دائم بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لفترة عامين تبدأ في يناير/كانون الثاني 2022، تكون أبوظبي الآن قادرة على مساعدة الولايات المتحدة على تعزيز مصالحهما المشتركة على المسرح عالمي.

لكن هذه المقاربة معيبة للغاية، وفقا لهوفمان، إذ على الرغم من التفاؤل الذي أبداه أتباع مثل هذا المنظور، فإن تجاهل السلوك المارق لدولة الإمارات العربية المتحدة كان ضارا بمصالح الولايات المتحدة ليس فقط داخل الشرق الأوسط بل حتى في داخل أميركا نفسها، فالسياسات التي تتبعها الإمارات في الشرق الأوسط مزعزعة للاستقرار بطبيعتها، وقد فاقمت العديد من الحروب الأهلية المستمرة في المنطقة، كما أنها تنتهك القوانين الدولية، وتعمل بنشاط على تخريب محاولات التغيير الديمقراطي، وفضلا عن ذلك فإن أبوظبي ما فتئت تحاول التدخل في السياسة الداخلية للولايات المتحدة على أعلى المستويات، ناهيك عن مراقبة الدبلوماسيين والمسؤولين الحكوميين في جميع أنحاء العالم.

غير أن الكاتب -وهو خبير إستراتيجي- شدد على أن الولايات المتحدة تحتاج إلى إعادة تقييم مثل هؤلاء "الحلفاء" الذين تسعى لجعلهم يصونون مصالحها في الشرق الأوسط قبل أن تتحول إلى مسارح أخرى، كما يجب عليها محاسبة أولئك الذين يسعون إلى التدخل بشكل غير قانوني في السياسة الداخلية للولايات المتحدة، وللقيام بذلك، يجب إنهاء "شيك واشنطن على بياض" للإمارات العربية المتحدة، على حد تعبير الكاتب.

وبعد أن تدججت بالأسلحة الأميركية المتقدمة، يقول هوفمان، برزت الإمارات العربية المتحدة كواحدة من أكثر الدول تدخلا في شؤون الآخرين بالمنطقة، كما تتبعت سياسات أطالت أمد الحروب الأهلية في المنطقة، وخلقت أزمات إنسانية، كما سحقت التطلعات الديمقراطية للشعوب، وغذت المظالم الكامنة؛ مما أدى إلى اضطرابات وقلاقل.

وأورد الكاتب بعض الأمثلة كتدخلها في مصر لإسقاط الرئيس الراحل المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي، وفي سوريا، أظهرت أبوظبي دعمها للرئيس السوري بشار الأسد من خلال التعبير عن دعمها للتدخل العسكري الروسي عام 2015، والمشاركة مع موسكو في "عمليات مكافحة الإرهاب"، وإعادة فتح سفارتها في دمشق عام 2018، وحث جامعة الدول العربية على نطاق أوسع، والمجتمع الدولي؛ لتقبل بشار الأسد الذي أثنت عليه أبوظبي "لقيادته الحكيمة".

كما أنها دعمت الجنرال المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا، وهي متهمة بتمويل المرتزقة السودانيين والروس، علما أن قوات حفتر متهمة بارتكاب جرائم حرب.

كما تورطت الإمارات العربية المتحدة في جرائم حرب وتعذيب وتجنيد أطفال في اليمن ووجهت حملات اغتيال باستخدام جنود أميركيين سابقين يعملون حاليا كمرتزقة، وقد أعلنت كذلك دعمها للانقلاب الذي شهدته تونس، وفضلا عن ذلك يرى البعض أنها سعيدة بما يجري في السودان وذلك بسبب علاقاتها الخاصة مع العسكر هناك.

وتمثل أيضا تصرفات أبوظبي الإقليمية والدولية -وفقا للكاتب- ضررا بالغا بسمعة الولايات المتحدة العالمية، وتجعل وعد الرئيس الأميركي جو بايدن باتباع سياسة خارجية أميركية تركز على حقوق الإنسان يبدو مجرد نفاق.

وبالإضافة إلى سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان بالداخل ومساهمتها في الأزمات الإنسانية بالمنطقة، فقد دعمت الإمارات اضطهاد الصين لسكانها المسلمين من الأويغور، واحتجزت ورحلت أعدادا منهم إلى الصين.

وحذر هوفمان من أن أبوظبي لم يقتصر دورها على الإضرار بالمصالح الأميركية في الخارج وتقويضها، بل سعت كذلك إلى التدخل المباشر في السياسة الداخلية للولايات المتحدة فيما ينبغي اعتباره هجوما مباشرا على الديمقراطية الأميركية.

وعدد الكاتب بعض الأمثلة على تلك التدخلات، مطالبا إدارة بايدن بإعادة تقييم علاقة الولايات المتحدة مع الإمارات العربية المتحدة، وعلى نطاق أوسع، طالبها بالتخلي عن الاستقرار الاستبدادي، وفق قوله.