• اخر تحديث : 2024-11-23 11:50
news-details
مقالات مترجمة

"هآرتس": قوة الفلسطينيين ليست إرهاباً


نشرت صحيفة "هآرتس" الصهيونية مقالاً للكاتب الصهيوني أفيف تاتارسكي، تحت عنوان قوة الفلسطينيين ليست إرهاباً، ويقول فيها إن ملايين الفلسطينيين اليوم يشكلون مصدراً لا بأس به للمقاومة وأثبتت أحداث السنوات الأخيرة أنّ الفلسطينيين ليسوا بالضعف الذي نتخيله. وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:

كانت إحدى حجج مناحيم ماوتنر ويوئيل زينغر، والتي جاءت في مقالتهما الداعمة لفكرة الكونفدرالية الإسرائيلية - الفلسطينية، أنّ حلّ الدولتَين بات مستحيلاً.

بالمقابل أصرّ شاؤول أريئيلي ومدير مركز "مولاد" العام، عيدو دمبين، على أن حلّ الدولتَين لا يزال ممكناً بل وأنّ فكرة الكونفدرالية هي مجرّد حلم كارثي.

يعكس هذا النقاش المُقارن نمط حوار ترسّخ بين داعمي الكونفدرالية وداعمي حلّ الدولتَين، الذين يتجاهلون أن هذه المعادلة لن تقود لانتصار طرف أو صيغة على الأخرى. فحتى لو أكل الدهر وشرب على حلّ الدولتَين، فإن ذلك لا يعني أنّ الكونفدرالية كحل ممكنة. في المقابل، لا تجعل نقاطُ ضعف فكرة الكونفدرالية حلَّ الدولتَين واقعيّاً!

وبينما يبحث كلّ من هذَين المعسكرَين الصغيرَين عن إخفاقات المعسكر الآخر، يصرّ كلاهما على تجنّب طرح خطة عمل تتناول العقبات الأساسية التي تُحبط تطبيق اقتراحَيهما. وأعني هنا قوّة دولة "إسرائيل"، التي تتيح لها الاستمرار بفرض سيطرتها على ملايين الفلسطينيين.

تناولت كُتب كثيرة الحلول السياسية المطروحة، لكنّ السؤال الذي لم يُطرح بتاتاً هو كيف يمكن إنهاء الاحتلال في واقع ترفض فيه "إسرائيل" القوية فعل ذلك؟

يمكن أن نفهم لماذا يتجنب الخطاب اليهودي - الإسرائيلي العام مواجهة هذه السؤال، فمجرد التفكير بإلزام الدولة بإنهاء الاحتلال، يُشعرنا بعدم الارتياح. لكني لا أدري ما الذي يخيفنا أكثر، أهو طرح إجابة أم الاعتراف بعدم وجودها أساساً.

لكن ومع ذلك، ينبغي علينا مواجهة هذه المعضلة. فتجاهل قوة "إسرائيل" واستمرار الاحتلال إلى أجلٍ غير مسمّى، يحبط حلّ الدولتَين والكونفدرالية، بل ويرسخ نظام الأبرتهايد.

يجد اليسار اليهودي - الإسرائيلي صعوبة بالغة في الاعتراف بأن مصدر القوّة الفوري والذي باستطاعته تحدي قوّة "إسرائيل"، هو ملايين الفلسطينيين منزوعي الجنسية، فهم وحدهم القادرون على تحدي الوضع القائم. نعم، يشكّل ملايين الفلسطينيين اليوم مصدراً لا بأس به للمقاومة، أردتم حركة شعبية جماعية ضدّ الاحتلال؟ هذه الحركة موجودة!

تضعنا فكرة إنهاء الاحتلال عبر قوّة فلسطينية أمام صعوبات عدّة. أولها هي معادلة القوى بين "إسرائيل" والفلسطينيين؛ فـ"إسرائيل" أقوى من الفلسطينيين. وعليه فقد يتغيّر الوضع القائم فقط إذا حوّل الفلسطينيون الاحتلال إلى وضعٍ غير محتمل لـ "إسرائيل".

فقد أثبتت أحداث السنوات الأخيرة، كالنضال المقدسي ضدّ وضع حواجز تفتيش مغناطيسية على مداخل الأقصى وتظاهرات حيّ الشيخ جراح ضدّ إخلاء الأُسَر من بيوتها، أنّ الفلسطينيين ليسوا بالضعف الذي نتخيله. بل وأنهم يملكون قوة قد تجبر "إسرائيل" على التراجع أحياناً.

كان هذان النضالان الشعبيان، وخلافاً للطريقة التي صُوّرا بها للجمهور اليهودي - الإسرائيلي، سلميَّين أساساً. الأمر الذي يضعنا أمام عقبة إضافية، حيث تعتبر كل قوة فلسطينية تتحدى الاحتلال إرهاباً فلسطينياً، فليس بإمكاننا تخيُّل القوّة الفلسطينية كعنصر إيجابي.

لكن القوة، العنف، والإرهاب هي ثلاثة أمور مختلفة لا علاقة بينها بتاتاً. لكن الشعب اليهودي وبسبب عمليات غسل الدماغ، لا يميّز بينها، إذ تُستخدَم كلمتا "مُخرِّبين" و"إرهاب" بشكل تلقائي لوصف كل ما هو فلسطيني.

وعليه يشكل الإصرار على التمييز بدقة بين القوة والإرهاب وتصوير القوة الفلسطينية كمصدر للأمل لا كتهديد، مساهمة هامّة للنضال ضد الاحتلال.

يستحق إعلان وزير الأمن عن 6 منظمات حقوق إنسان ومجتمع مدني فلسطينية كتنظيمات إرهابية، التوقف عنده بل ودراسته. حيث تعتبر هذه المساعي جزءاً من عملية تحطيم القوّة الفلسطينية.

وعليه، ينبغي التصدي لهذه الخطوة لأنها مُخزية، وليس فقط لأنها أثارت انتقادًا دوليّا ضد "إسرائيل" أو لأنها فاجأت عدداً من الوزراء. باستطاعة اليهود – الإسرائيليين، الذين يرسخون قرارات سياسية وحواراً جماهيرياً سطحياً يعتبَر كلّ قوة فلسطينية مستقلة تتحدى الاحتلال تنظيماً إرهابيّاً، حماية النضال الفلسطيني ضد الاحتلال بل والإسهام في نجاحه أيضاً.

لسوء الحظ، باستطاعة "اليسار المتطرف" فقط التعبير عن مواقفه بوضوح، بينما يلتزم ممثّلو وممثّلات معسكر السلام الإسرائيلي في الحكومة الصمتَ. ينبغي على نظرة معسكر اليسار اليهودي للقوة الفلسطينية أن تتغير، كي تغرُب شمس الاحتلال مهما كانت صيغة إنهائها.

وعليه يقع على عاتق كل من أريئيلي، ماوتنر وآخرين كُثر تغيير الحوار السائد حيال نشاط المنظّمات الستة بل وحيال القوة الفلسطينية عمومًا. لكن، هل سيفعلون ذلك؟