صحيفة "جيروزاليم بوست" الصهيونية تتحدث في افتتاحيتها عن استئناف المحادثات النووية مع إيران، وتتساءل عن قيمة معرفة إيران بأن "إسرائيل" قد نامت - كما قال بينيت - بعد صفقة عام 2015؟ فيما يلي نص المقال المنقول إلى العربية:
مع استئناف المحادثات النووية في فيينا في هذا الأسبوع، أمضت "إسرائيل" الأيام القليلة الماضية في خوض معركة دبلوماسية تهدف إلى جعل العالم يقف إلى جانبها.
ومن المقرر أن يلتقي وزير الخارجية يائير لابيد، اليوم الاثنين، برئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون وسيتوجه بعد ذلك إلى باريس لإجراء محادثات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. سوف يضغط على كلا الزعيمين حتى لا يكونا مجرد متفرجَيْن في محادثات P5 + 1 التي ستعقد في فيينا وألا يقتصرا فقط على اتباع القيادة الأميركية. سيحث لابيد كليهما وسيتأكد من أن الإيرانيين لا يحصلون على ما يريدون.
مثال على مدى جدية الأطراف في إجراء هذه المحادثات هو استعداد جونسون للقاء حتى لابيد. التقى رئيس الوزراء البريطاني الأسبوع الماضي الرئيس إسحاق هرتسوغ لإجراء محادثة حول إيران، وكانت هذه القضية أيضاً أحد المحاور الرئيسية للاجتماع الثنائي الذي عقده مع رئيس الوزراء نفتالي بينيت على هامش قمة المناخ COP26 في غلاسكو، في وقتٍ سابق من هذا الشهر. ثلاثة لقاءات مع ثلاثة قادة إسرائيليين مختلفين في غضون شهر ليس بالأمر المسلم به.
في الأسبوع المقبل، سيتوجه وزير الأمن بيني غانتس إلى الولايات المتحدة حيث سيناقش الأمر أيضاً مع المسؤولين الأميركيين وكذلك بينيت، في زيارته للإمارات العربية المتحدة، والتي من المحتمل أن تتم بحلول نهاية كانون الأول / ديسمبر.
ومع ذلك، فإن فرص أن تؤتي هذه الحملة الدبلوماسية ثمارها ضئيلة. إن العالم - وخاصة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن - عازم على التوصل إلى اتفاقٍ جديد مع الإيرانيين، حتى لو كان ذلك يعني اتفاقاً لديه قيود وضمانات أقل من خطة العمل الشاملة المشتركة التي توسطت فيها إدارة أوباما في سنة 2015، والتي انسحب منها دونالد ترامب بعد ثلاث سنوات فقط.
هذا لا يعني أن "إسرائيل" يجب ألا تفعل ما في وسعها لمحاولة التأثير على نتيجة المحادثات. بل يجب عليها. لكنها تحتاج إلى توقعات واقعية، والأهم من ذلك أنها تحتاج إلى التأكد من أنها لا تدع السياسة تقف في طريقها.
ذاقت "إسرائيل" طعماً من السياسة في الأسبوع الماضي عندما تحدث بينيت في جامعة رايخمان، وقال إن "إسرائيل" لن ترى نفسها ملزمة بصفقة جديدة إذا لم توقف سباق إيران نحو قنبلة. وقال رئيس الوزراء: "حتى لو كانت هناك عودة إلى اتفاق (مع إيران)، فإن "إسرائيل" ليست طرفاً فيها - ليست ملزمة بها".
ما فعله بينيت هو انتقاد سلفه بنيامين نتنياهو. في حين لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يهاجم فيها بينيت نتنياهو لسوء تعامله مع التهديد الإيراني، إلا أنه ليس من الواضح على الفور ما هي الفائدة التي تعود على البلاد في الوقت الحالي. وقال بينيت إن "إسرائيل" غلبها النوم بعد اتفاق 2015، ووعد بأن هذا لن يتكرر.
كان بينيت يشير إلى ما أكدته مصادر الجيش الإسرائيلي بالفعل - بعد الانتهاء من اتفاق 2015، أوقفت "إسرائيل" استعداداتها لعملية عسكرية ضد إيران وتراجعت هذه القدرات جانباً. "إسرائيل" الآن في خضم إعادة بناء القدرات، لكن مسؤولي الأمن قالوا إن العمل سيستغرق ما لا يقل عن سنة.
إن توضيح أن "إسرائيل" ستحتفظ بخيار عسكري أمر مهم ونأمل أن يكون بمثابة رادع ضد إيران بالإضافة إلى دافع للدول المشاركة في المحادثات لضمان أن تكون الصفقة أقوى وأطول حتى لا تضطر "إسرائيل" إلى التصرف، وهو أمر بالتأكيد لا يريدون رؤيته.
مهاجمة نتنياهو ولعب السياسة مع إيران هما شيء آخر، وفي حين أنهما قد يحققان بعض النقاط السياسية، إلا أنهما لا يفعلان الكثير لمساعدة "إسرائيل" على تعزيز ردعها ضد إيران.
على سبيل المثال، ما قيمة معرفة إيران بأن "إسرائيل" قد نامت - كما قال بينيت - بعد صفقة سنة 2015؟ هل يساعد "إسرائيل" عندما يتحدث كبار ضباط الجيش الإسرائيلي علناً عن عدم وجود خيار عسكري قابل للتطبيق حالياً؟
لطالما كان برنامج إيران النووي يمثل تحدياً للعالم وخاصة "إسرائيل"، التي تتعرض للتهديد والهجوم العلني من قبل الجمهورية الإسلامية ووكلائها. لكن لمواجهتها بشكل مناسب، تحتاج "إسرائيل" إلى التركيز على السياسة وليس على المناورات السياسية.