في مقال بمجلة "فورين أفّيرز" الاميركية، كتبت داليا داسا كاي -زميلة مركز أوكلاهوما بيركل للعلاقات الدولية- أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لم تخف رغبتها في إخراج الولايات المتحدة من الشرق الأوسط عندما قال وزير خارجيتها أنتوني بلينكن -في مقابلة قبل توليه منصبه- إنه يتصور أن رئاسة بايدن ستفعل "أقل وليس أكثر" في المنطقة.
وقالت إن المنافسة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين تهيمن حاليا على مناقشة السياسة الخارجية الأميركية، مما يمثل إجماعا من الحزبين في واشنطن المنقسمة على غير ذلك، كما أن الواقع على الأرض يشير إلى خلاف ذلك؛ وهو أن واشنطن لا تزال تحتفظ بشبكة مترامية الأطراف من القواعد العسكرية وأثبتت استعدادها حتى لاحتضان شركائها الأشد سوءا باسم تعزيز الأمن الإقليمي. والأكثر من ذلك، من المرجح أن تؤدي الديناميكيات الإقليمية إلى مزيد من عدم الاستقرار والعنف، مما يغذي المطالبة باستمرار الوجود الأميركي.
وعلقت الكاتبة على كون الولايات المتحدة لم تعد اللاعب العالمي الوحيد في الشرق الأوسط -وأنه بهذا المعني تكون اللحظة الأميركية قد انتهت- بأن الانسحاب الأميركي من الشرق ليس مجرد أسطورة، لأنه يمنع نقاشا مهما في واشنطن حول كيف يمكن للولايات المتحدة تعديل سياستها لتحسين حياة مواطني المنطقة والإسهام في نظام سياسي أكثر عدالة في الشرق الأوسط.
وقالت إنه على الرغم من كل المخاوف في العواصم العربية من تراجع الالتزام الأميركي بالشرق الأوسط، فإن المشاركة العسكرية الأميركية تظهر استمرارية أكثر مما هو معترف به، ومن ذلك المضي قدما في بيع أسلحة بقيمة 23 مليار دولار للإمارات، كما أن "إعادة تقويم" بايدن للعلاقات مع السعودية لم يؤد أيضا إلى تغيير كبير في السياسة.
وألمحت الكاتبة إلى أن الشرق الأوسط لم يفرغ من الولايات المتحدة وأن استمرار تركيز الحزبين الأميركيين على إيران سيعمل أيضا لصالح وجود عسكري أميركي كبير في المنطقة. ورأت أنه إذا انهارت المحادثات النووية مع طهران، فسيكون من الصعب على الولايات المتحدة تقليص وجودها في الشرق الأوسط وتحويل تركيزها إلى مكان آخر.
وأضافت أنه مع كل هذه المطالب لن تتخلى الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط، وقالت إن أفضل طريقة للمضي قدما تتمثل في استغلال فرصة إعادة التوازن الإقليمي لتقليص الالتزامات العسكرية وزيادة المساعدات الاقتصادية والإنمائية.
واختتمت مقالها بأن الولايات المتحدة تحتاج إلى إعادة تركيز انتباهها ومواردها على التحديات المؤثرة على الحياة اليومية للناس، ولديها فرصة للقيام بالأشياء بشكل مختلف لتطوير وتنفيذ إستراتيجية للتنمية والإنصاف، بدلا من الاستثمارات العسكرية الضخمة، وبهذه الطريقة لن تنفصل الولايات المتحدة والشرق الأوسط، لكن على واشنطن أن تغتنم الفرصة لتكون جزءا من الحل، لا جزءا من المشكلة.