قالت الكاتبة الأميركية إليزابيث ساميت في مقال لها بمجلة "تايم" إن إحياء الأميركيين الذكرى الـ80 لهجوم بيرل هاربر -الذي شنته مئات الطائرات الحربية اليابانية عام 1941 على الأسطول الأميركي القابع بجزر هاواي في المحيط الهادي، والتي تحل في 7 ديسمبر/كانون الأول- مناسبة طقوسية تكشف الكثير عن فهم الأميركيين أنفسهم في الوقت الحاضر وعن دور بلادهم في العالم، خاصة في وقت يحاولون فيه أيضا فهم خروجهم من أفغانستان.
وأكدت الكاتبة أن إحياء أي ذكرى هو أمر طبيعي وجزء ضروري من أي ثقافة كيفما كانت، حيث يمكن للذكرى أن تخلق إحساسا بعيد المنال بوحدة الصف، خاصة في ظل ديمقراطية ممزقة مثل الديمقراطية الأميركية وفق قولها، لكن عندما يتم حصر الذاكرة بشدة على "السخط المشروع" كما هو الحال مع بيرل هاربر أو أحداث 11 سبتمبر/أيلول فإنها قد تتحول إلى تقليد مؤذٍ يعيق النمو الضروري لتقدم أي أمة.
وترى ساميت أن الحرب العالمية الثانية -التي انخرطت فيها أميركا بعد الهجوم- تعد "انحرافا" من نواح عديدة، لعل أبرز تجلياته زعم التهديد الوجودي الذي تشكله آنذاك الفاشية بالنسبة للأمة الأميركية، والحاجة الملحة لدخول الولايات المتحدة الحرب وحسم انتصار الحلفاء.
وتضيف أنه بعد تعرض أميركا "للخيانة" خلال الـ20 عاما الماضية تمسكت عبثا باستعادة مجد بعيد المنال، وكان خطؤها المأساوي في فترة ما بعد الحرب الأفغانية هو التفكير في إمكانية إعادة تكرار عواقب الحرب العالمية الثانية إلى ما لا نهاية.
وعلى مر السنين طورت الأمة الأميركية بطريقة ما قدرة على ألا تتفاجأ عندما يفشل الجيش الأميركي -كما ساعد على ذلك في السابق- في رسم عالم جديد، ففي الحالة الأفغانية وبعد 20 عاما من الاحتلال وجهود متقطعة لبناء الدولة ومنح ثقة لا أساس لها عدنا إلى نقطة البداية.
مفارقة قاسية
وفي هذا الإطار، هناك مفارقة قاسية -تضيف الكاتبة- تتمثل في أن بلدا مثل الولايات المتحدة كان خياله دائما متطلعا بشدة إلى المستقبل وبالحلم المغري بالبدء من جديد يجد نفسه الآن في موقف الآمل المؤمن بمعجزة أن يعيد التاريخ نفسه مجددا.
وتعتقد ساميت أن الأميركيين أصبحوا في السنوات الأخيرة مفتونين بشكل متزايد بفكرة أنه عندما يموت أبناء الوطن خلال الحروب فإنهم يموتون من أجل الحرية، وهو ما يبرر التزام أميركا مرارا وتكرارا بإرسال المزيد من "المحررين الصالحين" للموت في مناطق مثل العراق وأفغانستان "حتى لا يذهب موت من سبقوا سدى".
ويبدو أيضا أننا -تضيف الكاتبة- نشأنا لنحب فكرة أن نظهر مكروهين من أجل حريتنا و"أسلوب حياتنا"، وهو اعتقاد "استثنائي الطابع" يؤدي تلقائيا إلى هوس بالحديث عن "عظمة وخيرية" أميركا يمكن للمرء أن يجد له بسهولة تامة نسخا مظلمة ومختزلة في الوعي والتراث الشعبي للأمة.