• اخر تحديث : 2024-11-22 10:05
news-details
مقالات مترجمة

جنرال إسرائيلي سابق: لا يمكننا القضاء على برنامج إيران النووي


كتب ريتشارد سيلفرستاين في مدونة تيكون عولام، أن "صحيفة نيويورك تايمز نشرت تقريراً في نهاية الأسبوع الماضي ألقى فيه عدد من كبار ضباط الجيش والاستخبارات الحاليين والسابقين بظلالٍ من الشك على قدرة "إسرائيل" على إلحاق أي ضرر ذي أهمية ببرنامج إيران النووي. العميد ريليك شافير، الذي قاد طائرة حربية دمّرت مفاعل صدام حسين في أوزيراك في سنة 1981، ذهب إلى أبعد من ذلك بادّعائه أن "إسرائيل" لا يمكنها توجيه ضربة قاضية لإيران بدون أسلحة وطائرات حربية أميركية". وفيما يلي نص المقال المنقول إلى العربية:

حذّر الضابط الإسرائيلي ريليك شافير من تداعيات أخرى لمثل هذا الهجوم: قال إنه "... حتى مع تفوق سلاح الجو وهذه التحسينات (لقدرات سلاح الجو الإسرائيلي الحالية)، فإن الضربات الجوية الإسرائيلية لن تقضي على برنامج إيران النووي. مع ذلك، من المرجح أن يشعلوا النار في المنطقة".

خلال إحدى عمليات الغزو الإسرائيلية لغزة، أرسلت القذائف الصاروخية الفلسطينية أكثر من مليون إسرائيلي إلى الملاجئ لأسابيع. منذ ذلك الحين، توفّر القبة الحديدية الحماية. لكن بعد هجومٍ إسرائيلي على إيران، لن تتمكن القبة الحديدية من التعامل مع عشرات أو مئات من بين آلاف القذائف الصاروخية التي تستهدف أهدافاً إسرائيلية ويطلقها حزب الله من الشمال وحماس من الجنوب وإيران من الشرق.

لأكثر من عقد، عبّر الجيش الإسرائيلي وجهاز الاستخبارات عن شكوكهما عندما ضغط عليهما نتنياهو لشن مثل هذا الهجوم. في إحدى الحالات، اتحد جميع رؤساء الجيش الإسرائيلي والموساد والشاباك وأمان لمقاومة رئيس وزراء عازم على حرب.

الرائد احتياط داني سيترينوفيتش، كبير المتخصصين في الشؤون الإيرانية في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية سابقاً، يردد هذه المخاوف في مقال للمجلس الأطلسي (لقد عرضت لمحة عن آرائه هنا مؤخراً). ويحذّر من أنه حتى لو تمكّنت "إسرائيل" من تدمير البنية التحتية النووية لإيران، لا توجد طريقة يمكنها القضاء على آلاف العلماء والمهندسين الذين قاموا بإنشائها. سيبدؤون ببساطة من جديد ويعيدون إنشاءها في غضون بضع سنوات (على الأكثر).

كما يحذر من أن هجوماً إسرائيلياً من شأنه أن يثير رد فعل هائل من "محور المقاومة": حماس، حزب الله، سوريا، إلخ. إن مبلغ 1.5 مليار دولار الذي خصصته "إسرائيل" لميزانيتها العسكرية لمثل هذا الهجوم سيكون جزءاً صغيراً من التكلفة "الفلكية" للدفاع عن "إسرائيل" ضد إيران وحلفائها. يسمّيها "حملة صعبة" ذات تكاليف "ربما لا تطاق".

يرفض ضابط الاستخبارات السابق الفكرة التي يتبناها بعض القادة الإسرائيليين بأنّ العالم سينضم إلى دعم مثل هذا الهجوم. بل على العكس من ذلك، يقول إن إيران مخولة بموجب خطة العمل المشتركة الشاملة وقرارات الأمم المتحدة تخصيب اليورانيوم تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة النووية. و"إسرائيل" طرحت ادّعاءها الأحادي الجانب بأن الهدف النهائي يجب أن يكون "صفر تخصيب". لا أحد يدعم مثل هذا الموقف المتطرف، ولن يدعم هجوماً عسكرياً مصمماً لتنفيذه.

ووصف سياسة "إسرائيل" تجاه إيران بأنها "فاشلة". ويشمل ذلك تخريب أجهزة طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم في نطنز عبر فيروس ستاكسنت، واغتيال علماء نوويين. كل ما فعلوه هو استفزاز إيران لمضاعفة برنامجها النووي وتسريع التخصيب، مما يقرّبها من الاختراق النووي.

أما بالنسبة لنظام العقوبات الذي يهدف إلى تحصيل ثمن من إيران لسعيها لامتلاك أسلحة نووية: فقد كان "كارثة" و"قضية ميؤوس منها". كل من يعرف أي شيء عن إيران سيفهم أنها لن تقبل أبداً بالاختيار بين بقائها وبين برنامج نووي. البلد وكرامته الوطنية مرتبطان بهذا المشروع.

ينتقد سيترينوفيتش أيضاً المستوى العسكري السياسي - الإسرائيلي بسبب جموده: "إسرائيل عالقة في سياسة تجاه إيران لا يملك فيها أحد القدرة على المناورة السياسية للتفكير بشكل مختلف، ولا أرى أي شخص يغيّر هذا لأنهم لا يريدون أن يُعتبروا يساريين".

قد تعتقد أنه قبل التخطيط لخوض حربٍ ضد عدو، ستنخرط إسرائيل في بحثٍ عميق حول إيران وقادتها ومعتقداتهم ومصالحهم. لكن مستوى المعرفة عن ذلك البلد في "إسرائيل" لا قعر له: "... إحدى المشاكل الرئيسية في بحثنا عن إيران هي أننا لا نفهم إيران. والأسوأ من ذلك، أننا نضع افتراضات عمل غير صحيحة حول الأهداف والاستراتيجية الإيرانية بناءً على معرفة مهزوزة للغاية ...".

لكن حتى الآن، مع رئيس وزراء جديد، يواصل السياسيون قعقعة السيوف، بينما يحث الجنرالات على توخي الحذر، إن لم يكن تمرداً صريحاً. لا يمر يوم دون عنوان إخباري يسلط الضوء على دعوة بينيت ولابيد وغانتس إلى شن هجوم عسكري على إيران. لكن حلقات الحث هذه جوفاء عندما يؤكد الجيش وسلاح الاستخبارات وجهة نظر معاكسة. إنه يجعل القادة الإسرائيليين يبدون وكأنهم يروجون للعبة حزّورة. ومن المؤكد أنه يخبر إيران ألا تصدق كل هذا القعقعة (إذا كانوا يميلون إلى ذلك).

في تطور كبير ثانٍ، اقترح شلومو بن عامي، آخر وزير خارجية في حكومة حزب العمل، الفكرة الهرطقية (وفقاً للمعايير الإسرائيلية) القائلة بأنه على عكس العراق في سنة 1981، لا يمكن لـ"إسرائيل" إنهاء سعي إيران لامتلاك سلاح نووي. إن بنيتها التحتية جيدة الانتشار، والتحصين، والدفاع، وفيها كثافة زائدة بنيوية لدرجة أنّ الأمر سيستغرق أسابيع، إن لم يكن شهوراً من الضربات المتكررة حتى تبدأ بإضعاف قدرتها.

ستحتاج إلى أقوى قنابل خارقة للتحصينات، والتي لا تمتلكها سوى الولايات المتحدة. وحتى لو كانت "إسرائيل" تمتلكها، ليس لديها طائرات حربية قادرة على حمل وزنها البالغ 30 ألف باوند. فقط قاذفات B-2 يمكنها فعل ذلك. بمعنى أن الولايات المتحدة يجب أن تنضم إلى الهجوم، وهو ما لن يحدث. ستحتاج "إسرائيل" إلى ناقلات وقود متطورة لتزويد طائراتها الحربية بالوقود التي تحلق على مسافة ألف ميل إلى الأهداف الإيرانية. أبلغت الولايات المتحدة "إسرائيل" للتو أنها لن تبكّر بيع [تسليم] طائرتين من طراز K-  46 Boeing لـ"إسرائيل".

يجادل بن عامي بأنه سيكون من الأفضل بكثير أن تقبل "إسرائيل" حصول إيران على مثل هذا السلاح، بينما تبذل قصارى جهدها لكبح برنامج إيران الشامل. ويقول إن أفضل طريقة للقيام بذلك هي العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 والتفاوض بشأن ضمانات جديدة تحد من تطوّر إيران.

على الرغم من وجود شخصيات أخرى تتبنى مثل هذا الرأي، فإن بن عامي هو واحد من أوائل المسؤولين الإسرائيليين الكبار الذين فعلوا ذلك. وجهة نظره راديكالية (وواقعية) في السياق الإسرائيلي. مع صراخ كبار قادة الحكومة باستمرار بأن السماء تسقط إذا حصلت إيران على أسلحة نووية؛ وتهديد إيران بدمار شامل، يبدو وزير الخارجية السابق صوتاً ينادي في القفر.