• اخر تحديث : 2024-05-09 10:45
news-details
مقالات مترجمة

"لو فيغارو": في مواجهة المخاطر.. هل سيكون الأوروبيون بمفردهم قريباً؟


ذكرت الكاتبة في صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية، إيزابيل لاسير، في مقال تحليلي لها، أن "الأسبوع الدبلوماسيّ كان سيئاً بالنسبة إلى أوروبا. تُركت على هامش المناقشات بين الروس والأميركيين بشأن مستقبل القارة وأمنها، وخشيت أن تتحمل وطأة "يالطا الجديدة" التي أراد فلاديمير بوتين فرضها على جو بايدن خلال المحادثات في جنيف، ثم في بروكسل". وفيما يلي نص المقال المترجم:

ربما كان الشعور بالسُّوء في فرنسا أكثر من غيرها، بسبب الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، والذي تم تنظيمه من دون استشارة الحلفاء، ثم خيانة اتفاقية "أوكسوس" (Aukus)، التحالف الأنغلو ساكسوني الجديد في المحيطين الهندي والهادئ. ومن ناحية أخرى، كان الخوف من التنازلات الأميركية المحتمَلة أقوى في أوروبا الشرقية.

في أثناء اجتماعهم في بريست، حاول وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي استعادة زمام المبادرة وإعادة بناء وحدتهم. وقال الممثل الأعلى للاتحاد، جوزيب بوريل، "لقد تلقَّينا تأكيدات مفادها أنه لن يتمّ اتخاذ قرار، أو التفاوض بشأن أي شيء، من دون الأوروبيين، وأن التنسيق مع الأميركيين مثاليّ تماماً". ها هم الأوروبيون مطمئنون، على الرغم من ضعفهم، كما يقول البعض، و"سذاجتهم".

في مواجهة روسيا، لم يعطِ جو بايدن شيئاً لفلاديمير بوتين. وتحدّثت مناقشات جنيف المتوترة عن "خلافات عميقة" بين الروس والأميركيين. قالت مساعدة وزير الخارجية، ويندي شيرمان، بكلمات واضحة للغاية: "نحن عازمون: لا شيء بخصوص أوكرانيا من دون أوكرانيا. لا شيء بخصوص أوروبا من دون أوروبا. لا شيء بخصوص الناتو من دون الناتو. لا شيء بخصوص منظمة الأمن والتعاون في أوروبا من دون منظمة الأمن والتعاون".

بدلاً من توسيع الانقسامات بين أعضائه، أعادت المطالب الباهظة لفلاديمير بوتين، الذي طالب، في جوهرها، بأن يصبح الناتو انتحارياً، أعادت بناء تماسك أعضاء الحلف. في مواجهة التهديدات الروسية، عادت واشنطن أيضاً إلى أساسياتها: احتواء روسيا وإمبرياليتها.

إذاً، رفضت الولايات المتحدة التقسيم الجديد لأوروبا إلى منطقتين كبيرتين من النفوذ، طلبهما الكرملين. والسؤال هو: إلى متى ستستمر هذه الوحدة؟ لأنه إذا رفضت الولايات المتحدة التقسيم الجديد لأوروبا إلى منطقتين كبيرتين، من مناطق النفوذ التي طلبها الكرملين، فإن الأميركيين لم يعدّلوا أجندتهم الدولية، والتي لا تزال مغايرة، بصورة عميقة، لأجندة الأوروبيين.

أدّى التحول نحو المحيطين الهندي والهادئ، والهوسُ بمكافحة التهديد الصيني، إلى سَحب بصمتهم في أوروبا والشرق الأوسط، ولن يتغير هذا الانعكاس الأساسي. في السنوات أو العقود المقبلة، على العكس من ذلك، سنرى دور الولايات المتحدة يَتَأَكَّل أكثر حول البحر الأبيض المتوسط. وبينما يوسّع الأميركيون وجودهم في آسيا، فإنهم يغلقون العدّادات في الشرق الأوسط وأوروبا، واحداً تلو الآخر.

في سوريا والعراق وأفغانستان وأوكرانيا، يقومون بتسوية الحسابات وفكّ الارتباط ونقل مفاتيح الأزمات والملفات إلى من يتقدمون. في معظم الأحيان، فإنّ الأتراك والروس هم الذين يندفعون، في كل مكان، إلى ملء الفراغ الذي خلّفه رحيل الأميركيين.

على الرغم من تظاهرات الوحدة في بريست، وفي فيينا داخل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وفي بروكسل في مقر الناتو، فإنّ الأوروبيين لا يزالون يفتقرون إلى الإجماع على المسألة الروسية. لا ترغب ألمانيا وفرنسا في ضم أوكرانيا إلى الحلف الأطلسي، في حين أن دول وسط أوروبا وشرقي أوربا ترغب في مزيد من الحزم تجاه جارتها الكبيرة والمهدِّدة.

أعضاء الاتحاد الأوروبي غير مرتاحين أيضاً إلى ميزان القوى، ومتردّدون في تنظيم استقلاليتهم الاستراتيجية، على الرغم من المناشدات المتكررة واليائسة أحياناً من فرنسا. وعلى الرَّغم من الانسحاب الأميركي، وتصلُّب موازين القوى في العالم، وظلال الحرب التي تقترب من القارة، وهي عالقة في أزمات متعدّدة، فإنّ عدداً من الأوروبيين يرفض التفكير في أمن الاتحاد الأوروبي، وأن تأخذ الدول الأوروبية مصيرها بيدهم.

من أجل كسر الباب الروسي الأميركي المغلق، وفرض أنفسهم مرة أخرى على هذه الأزمة الكبرى، والتي تؤثّر في مستقبل القارة، فإنّ الأوروبيين يحاولون الآن إحياء عملية نورماندي المحتضرة، والتي من المفترض أن تجلب السلام إلى أوكرانيا. لكن، على الرغم من آمال الدبلوماسيين الفرنسيين والألمان، والذين يقودون الرباعية، فإن الإشارات الصادرة عن الكرملين، الذي لا يريد مواصلة المناقشات مع الغرب في جنيف، لا تشجع على التفاؤل.

يحذّر زبيغنيو راو، وزير الخارجية البولندي، من أن "خطر نشوب حرب في منطقة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، يبدو أنه لم يكن في هذه الحِدّة مطلقاً في السنوات الأخيرة".