"السياسة ابنة التاريخ، والتاريخ ابن الجغرافيا، والجغرافيا ثابتة لا تتغير" ـ (نابوليون بونابرت)
رغم أن سورية تشكل رئة لبنان الإقتصادية، والمعبر البرّي الوحيد له الى العالم، وهي الجارة الأقرب التي قدمّت كل التسهيلات اللازمة لإنقاذ لبنان من العتمة في اللأونة الأخيرة، وهذا ما لمسه الوفد الوزاري اللبناني الذي زار دمشق في أوائل أيلول الفائت، بعدما أعلنت السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا أن واشنطن إستثنت لبنان من عقوبات "قانون قيصر"، في قضية استجرار الطاقة عبر سورية، إثر إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وصول ناقلات المحروقات الإيرانية الى مياه البحر المتوسط، وهي في طريقها الى السواحل السورية، لتفرغ حمولتها في الموانئ السورية، ويتم نقلها براً الى لبنان، وذلك إسهاماً في التخفيف من حدة أزمة المحروقات التي كان ولايزال يعانيها البلد، جراء الحصار الأميركي المفروض عليه، الذي يمنع في شكلٍ أساسيٍ تحويل الأموال المعلومة وغير المعلومة الى المصارف اللبنانية، التي حجزت بدورها الودائع المالية لديها، بحسب تأكيد مرجع في العلاقات الدولية.
و للغاية أعلاه، أي إنقاذ لبنان من العتمة، عملت الفرق الفنية في سورية على صيانة خط الغاز العربي، تمهيداً لاستقبال الغاز الآتي من مصر، ضمن اتفاقية توريده إلى لبنان، للمساهمة في حلّ أزمة الكهرباء. وأكّد لبنان في الأيام القليلة الفائتة جهوزية الخط بينه وبين سورية، وصولاً إلى محلة قبة شمرا في عكار. وبالتالي، أصبح الخط بكامله جاهزاً لاستقبال 650 مليون متر مكعب من الغاز سنوياً.
وفي سياق إسهام سورية في مساعدة لبنان وسعيها الدائم الى التخفيف من حدة الأزمة الإقتصادية التي يعانيها الشعب اللبناني، أقرّت سورية في أوائل الشهر الجاري، تدبيراً يتيح زيادة واردات الموز اللبناني إليها خلال الفترة المقبلة، إثر زيارةٍ قام بها وزير الزراعة اللبناني عباس الحاج حسن الى دمشق الشهر الفائت، من أجل بحث العلاقات الزراعية السورية اللبنانية المشتركة، وتنظيم آليات نقل البضائع الزراعية اللبنانية عبر الأراضي السورية (ترانزيت).
وقبلها قدَّمت السلطات السورية كل التسهيلات المتاحة لإعادة مواطنيها الذين نزحوا الى لبنان، وبدأت يتقديم هذه التسهيلات منذ العام 2013، يوم توافق الجانبان اللبناني والسوري على تسمية لجنة رسمية، على أن تضع جدولا زمنيا لإعادة النازحين، وتعمل على تطبيقه، لكن الجهات المعنية اللبنانية نفضت يدها من هذا الإتفاق، تحت ضفوطٍ غربيةٍ وعربيةٍ، على ما قالت هذه الجهات في حينه.
وللغاية عينها، أي (إعادة النازحين)،زار وزير الشؤون الاجتماعية السابق رمزي المشرفية دمشق خلال العام الفائت، وعندما طلب من وزير الداخلية السورية محمد الرحمون تقديم التسهيلات لإعادة النازحين الى ديارهم والتخفيف من عبء النزوح عن كاهل الإقتصاد اللبناني، فبادره الوزير السوري بالقول: "فصّلوا ونحنا منلبس"، بحسب ما نقل المشرفية.
وفي نهاية العام الفائت، سمحت السلطات السورية بدخول جميع الرعايا اللبنانيين الى أراضيها، وفق إجراءات صحية ، وتشمل تحليل PCR لم يمض عليه أكثر من 96 ساعة من المخابر اللبنانية المعتمدة أصولا أو شهادة تثبت الحصول على لقاح ضد فيروس كورونا.
غير أن العلاقة الثنائية بين البلدين، قائمة على شكل "الحب من طرف واحد"، والمؤسف أن الحكومة اللبنانية، لاتزال تمتنع عن إلتزام قاعدة المعاملة بالمثل، وبدلاً من أن تعمل على إعادة النازحين ، لتخفيف عبء النزوح عن كاهل اللبنانيين، لاتزال تمنع دخول السوريين ممن لديهم حجوزات فندقية الى الأراضي اللبناني، وهم من أسهموا في تحريك قطاع الفنادق في لبنان، بعد إنقطاع الخليجيين عن لبنان، بحسب القييمن على هذا القطاع.
لا بل أكثر من ذلك، ذهبت هذه السلطات مؤخراً الى تقييد حركة التنقل بين لبنان وسورية، بذرائع "وقائية من جائحة كورونا"، في وقتٍ يتجه فيه العالم الى إلغاء معظم القيود المتعلقة بفيروس كورونا، كبريطانيا مثلاً.
وفي هذا الصدد تعتبر مصادر طبيه أن هذا الإجراء يحمل إبعاداً سياسية لا وقائية- صحية، في ضوء إلغاء الإجراءات الوقائية عالمياً.
وفي هذا الصدد أيضاً، يلفت مرجع سياسي وأمني في فريق المقاومة، الى أن هناك معلومات متداولة عن الإجراءات التي إتخذتها السلطات اللبنانية لتقييد حركة التنقل بين البلدين الجارين، إتخذت بناء لطلب أميركي الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الصحة فراس أبيض، لتضييق الحصار على الشعب السوري، وذلك سياق الإستراتيجية الأميركية في حربها على سورية، والهادفة الى تجويع الشعب السوري، يختم المرجع.