• اخر تحديث : 2024-11-15 12:27
news-details
مقالات مترجمة

"لوتان": الحرب بأوكرانيا.. تسارع دراماتيكي للتاريخ


ألمانيا تتخلى عن نهج المسالمة، وفنلندا والسويد تدرسان الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "ناتو"، وسويسرا تؤيد العقوبات الأوروبية على روسيا، مما يعني أن الهجوم الروسي على أوكرانيا يغيّر العالم بطريقة خطيرة للغاية.

هذا ما لخص إليه الكاتب بصحيفة "لوتان" (Le Temps) السويسرية ستيفان بوسار، قائلا إنه لا شيء يرمز إلى التسارع الدراماتيكي للتاريخ أكثر مما شهدته ألمانيا، مشيرا إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حقق من خلال الهجوم على أوكرانيا ما لم تتمكن لا الحرب في يوغوسلافيا السابقة، ولا الحرب ضد الإرهاب ولا الحرب على العراق، من أن تحققه.

لقد كانت صدمة برلين من رئيس روسي "تدفعه لاعقلانيته إلى الأمر بتدمير كييف في الـ 48 ساعة القادمة" شديدة لدرجة أن ذلك دفع هذا البلد إلى الابتعاد عن المبدأ الذي ميّز سياسة الأمن والشؤون الخارجية الألمانية منذ الحرب العالمية الثانية: نهج سلمي يبرره الثقل التاريخي للذنب الجماعي اللامتناهي.

وفي مواجهة "مستبد الكرملين"، كما يصف الكاتب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يريد بعث عالم روسي جديد، أصبحت ألمانيا مقتنعة الآن بأنه لم يعد بإمكانها الاختباء وراء هذه الحجة التاريخية الوجيهة تمامًا، ولكنها الآن سياسة عفا عليها الزمن، على حد تعبير الصحيفة.

وما يحدث في الواقع هو أن ألمانيا تشهد ثورة، يقودها المستشار الجديد أولاف شولتز، وهو ما سيقلب أوروبا بأكملها رأسًا على عقب وسيغير ليس فقط نفسية ألمانيا، ولكن أيضًا نفسية القارة بأكملها، وفقا للكاتب.

ولفت إلى أنه بالنسبة لهذا البلد الذي شهد أكثر الحركات السلمية ضراوة ورفض مواطنوه نشر صواريخ "بيرشينغ" الأميركية على أرضه، فإن الذي حدث هو نقطة تحول مصحوبة باضطرابات جيوسياسية كبرى أخرى.

وأضاف أن ذلك صاحبه كذلك تخلي السويد وفنلندا عن حيادهما ودراستهما الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، كما أن سويسرا -التي كانت دوما تتلكأ- هي أيضًا جزء من هذه الحركة، وهي بذلك، حسب الكاتب، لا تتخلى عن حيادها، ولكنها تتوقف عن الرغبة في التضحية بمصداقيتها لتقديم مساعيها الحميدة بأي ثمن عندما تكون القيم الأساسية مثل الديمقراطية والسيادة والسلامة الإقليمية على المحك.

في عام 1989، يقول بوسار، كانت عجلة التاريخ تدور في اتجاه مناسب موات، أما الآن فهي "تتحرك إلى الخلف ويصعب تحديد ما إذا كان لا يزال بإمكاننا إيقافها، إذ تشير الأزمة الحالية، بحكم الواقع، إلى نهاية التعددية الشاملة التي كانت محل جدل في القرن الـ 21 وكان يراد لها أن تسد الثغرات في النظام الليبرالي لما بعد الحرب العالمية الثانية، ولا شك في أن جنيف كمركز استقطاب دولي، ستتحمل هي الأخرى بعض التداعيات"، وفقا للكاتب.

ومن المستحيل، حسب بوسار، في مثل هذا السياق المؤذي عدم التوجس من وصول نقطة اللاعودة بالنظر إلى العداء الذي يميز العلاقة بين روسيا والغرب، كما أنه من المستحيل استبعاد استخدام سلاح نووي، كان هدفه هو أن يكون رادعا وبمثابة حصن دائم لا يتزعزع، وفقا للكاتب.

وختم بالقول "إن الأوقات التي نعيشها محفوفة بالمخاطر من وجهة نظر أمنية وسياسية واقتصادية. لكن يجب أن تكون فرصة لأوروبا لتأكيد نفسها كقوة اقتصادية مسؤولة ومستعدة للدفاع عن قيمها الديمقراطية من خلال قوة عسكرية أكثر حزما، فما بين أميركا في حالة انحدار وصين تتوق للتوسع وروسيا راغبة في الانتقام، على أوروبا أن تكون أكثر وعيًا من أي وقت مضى لسبب وجودها أي: الحرية والسلام".