تتصدر أنظمة دول أوروبا الشرقية الحرب الرأسمالية ضد روسيا، وتلعب دوراً رائداً بالوكالة عن حلف "الناتو"، بعد أن تحولت إلى معاقل وقواعد لهذا الحلف. وعلى سبيل المثال: الشريحة البرجوازية الاجتماعية في رومانيا وبولندا، التي تحكم أكبر البلدان في الجهة الشرقية لحلف "الناتو"، تسعى بتهور إلى تأجيج نيران الصراع وتعزيز مصالحها المحلية المفترسة.
وفي 25 شباط/فبراير الفائت، نظمت بوخارست ووارسو اجتماعاً لمجموعة من 9 دول تضم دول شرق أوروبا و دول البلطيق وجمهوريتي التشيك وسلوفاكيا . وكانت هذا المجموعة تم تشكيلها بمبادرة من بولندا ورومانيا في عام 2015 تحت رعاية الولايات المتحدة وعلى أساسٍ معادٍ صريح لروسيا. كان أحد الأهداف الرئيسية منذ تشكيلها هو التوسع الإضافي للسيطرة الرأسمالية المباشرة على الشرق خصوصاً في مولدوفا وأوكرانيا وجورجيا، إمّا من خلال هذه المجموعة وبمساعدة الاتحاد الأوروبي وحلف "الناتو" من أجل إضعاف روسيا وزعزعة استقرارها، عبر العديد من الأذرع، ومنها المشروع البولندي الساعي إلى افتراس الميراث السوفياتي الثمين.
يناور رئيس رومانيا، كلاوس يوهانيس، بشكلٍ محموم للاعتراف به من قبل القوى الغربية كلاعب مهم في الصراع الأوكراني. أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، يوم الخميس الماضي، أنّ رومانيا ستفتح ما يسمى بـ "المحور الإنساني" في رومانيا، والذي سيتم استخدامه لنقل الأسلحة إلى أوكرانيا، على غرار المنظومة الحالية في بولندا. بالإضافة إلى أنّ البلدين موضعا بطاريات "الدرع المضادة للصواريخ" الأميركية على أراضيهما، وهي جاهزة للعمل منذ العام عام 2016، وكانت روسيا قد نددت بهذا الأمر باعتباره تهديداً لأمنها.
يعمل الرئيس الروماني، كلاوس يوهانيس، بشكلٍ وثيقٍ مع رئيسة مولدوفا، مايا ساندو، التي كانت إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتية، وكانت قد عصفت بها الأحداث مطلع تسعينات القرن الماضي، وكانت مسرحاً لصراعات عنيفة لفترة قصيرة، وخاضت بدعم من رومانيا قتالاً مع القوات الروسية حول ما سيصبح إقليماً انفصالياً في ترانسنيستريا. فمنذ الاستقلال عن الاتحاد السوفيتي، هيمنت على الحياة الداخلية للبلاد محاولة الرأسمالية الأميركية والاتحاد الأوروبي لتجنيدها ضد روسيا. وشمل ذلك ثورة ملونة في عام 2009، فضلاً عن الاضطرابات الداخلية في السنوات الأخيرة. تحركت البلاد في السنوات الأخيرة نحو تكامل أوثق لجيشها مع قوات "الناتو" المتمركزة في المنطقة، وكذلك لتعميق علاقاتها اللوجستية مع رومانيا.
في شباط/فبراير الفائت، أعلن يوهانيس تشكيل مجموعةٍ قتالية رومانية تابعة للناتو، بعد محادثات مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي أصرّ على أن تكون فرنسا "دولة إطارية" للمجموعة.
وبالفعل شقّت القوات الفرنسية التابعة لحلف شمال الأطلسي طريقها إلى قاعدة ميخائيل كوجلنيسينو الجوية في مقاطعة كونستانتا على البحر الأسود في رومانيا وهي جزء من وحدة أولية قوامها 500 جندي. وكانت وزيرة الدفاع الألمانية، كريستين لامبرخت، قد التقت مطلع الأسبوع مع نظيرها الروماني الديمقراطي الاجتماعي، فاسيلي دينكو، في قاعدة كوجلنيسانو الجوية لتفقد الانتشار الألماني هناك.
وبحسب مصادر الحكومة الرومانية، فإنّ الكتيبة الألمانية تتكون من 75 جندياً و 6 مقاتلات من طراز "يوروفايتر تايفون". وفي نهاية شابط/فبراير، أرسلت إيطاليا المزيد من الطائرات ولديها الآن 8 مقاتلات في المطار. وأرسلت إسبانيا 4 مقاتلين و 130 جندياً إلى بلغاريا. وتُعد رومانيا أساساً منصة انطلاق للقوات الجوية الأميركية في البحر الأسود، مع وجود قواعد ومنشآت أميركية مهمة منتشرة في جميع أنحاء البلاد. فرومانيا اليوم، ومنذ العام 2016، تكثّف بشكل محموم الإجراءات المناهضة لروسيا.
حكومة بلغاريا تنخرط بقوة أيضاً في الاندفاعة الغربية ضد روسيا. يحكم البلاد الآن رئيس الوزراء، كيريل بيتكوف، عبر ائتلافٍ هش. والذي أقال وزير الدفاع ستيفان يانيف من منصبه لأن إدانته لروسيا ضعيفة. وكان يانيف قد اقترح أن تمتنع بلغاريا عن تبني "موقف مؤيد لروسيا أو مؤيد لأميركا أو مؤيد لأوروبا"، وهو جنرال متقاعد ورئيس وزراء سابق للبلاد، ويعتقد أن بلغاريا ستستفيد أكثر من تولي دور الوسيط بين قوى "الناتو" وروسيا.