قالت افتتاحية صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية إنه تم تحديد ميزانية الدفاع الصينية لعام 2022 عند 1.45 تريليون يوان (حوالي 229 مليار دولار)، بزيادة 7.1 في المائة عن العام السابق، وفقاً لتقرير حول مشروع الميزانيات المركزية والمحلية لعام 2022 المقدم إلى المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني.
وأضافت أن بعض وسائل الإعلام الأميركية والغربية سارعت إلى تحريف الحقائق، مدعية أن هذا هو أسرع معدل نمو في ثلاث سنوات، متجاوزاً هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي، زاعمة أن هذا يشير إلى "استمرار الإنفاق العسكري القوي" و"تحدي هيمنة القوات المسلحة الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ".
ورأت الصحيفة أنه من الواضح أن هذه التفسيرات تجادل بأي طريقة يمكن أن تثبت أن "تهديد الصين يزداد". وقالت إنه منذ عام 2016، ظل نمو الميزانية العسكرية للصين بين 6.6 و8.1 في المائة، بمتوسط معدل نمو يبلغ نحو 7.2 في المائة على مدى سبع سنوات، وهي زيادة قريبة جداً هذا العام. وأشارت إلى أن السبب الذي جعل بعض وسائل الإعلام الغربية تتوصل إلى إطار زمني "ثلاث سنوات" هو فقط لأن تفشي وباء "كوفيد" في نهاية عام 2019 تسبب في تقلبات اجتماعية واقتصادية، والتي أثرت بشكل طبيعي على النفقات المختلفة، بما في ذلك الإنفاق الدفاعي. نتيجة لذلك، تراجعت الزيادة في ميزانية الدفاع الصينية في عام 2020 إلى أدنى مستوى لها في 32 عاماً، وهو مع ذلك وضع "غير عادي".
وقالت "غلوبال تايمز" إن الصين، كدولة كبيرة يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، كانت مقيّدة كلياً في تطوير قوتها العسكرية. على مر السنين، كان نمو الإنفاق العسكري للصين مرتبطاً بشكل عام بنمو الناتج المحلي الإجمالي وظل أقل من 1.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وبحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) في السويد، فقد بلغ نمو الإنفاق العسكري لبعض الدول الرئيسية في الإنفاق العسكري في عام 2020: 3.7٪ للولايات المتحدة، 8.4٪ للسعودية، 2.9٪ للهند، 2.2٪ للمملكة المتحدة، و4.3 في المئة لروسيا. وعندما يتعلق الأمر بالنسب المئوية، من الواضح أن الإنفاق الدفاعي في الصين ليس كبيراً، بل إنه أقل إذا كنت تريد حساب إنفاق الفرد. لكن وسائل الإعلام الأميركية والغربية لا تجري مثل هذه المقارنات. لقد نصبت فخ الرأي العام بمطالبة الصين باستمرار "بإثبات براءتها".
وأوضحت الصحيفة أن الصين لم تكن أبداً دولة عسكرية، وكانت سياستها العسكرية دائماً دفاعية. لقد أدى ضبط النفس الذي تمارسه الصين في الواقع إلى تحقيق مكاسب السلام في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. فعلى مر السنين، أصبحت آسيا المنطقة الأسرع نمواً في العالم، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى البيئة السلمية والمستقرة، والتي ساهم فيها إصرار الصين على الوسائل السلمية لحل النزاعات بشكل كبير. كما أن موقف الدول المجاورة تجاه التنمية الدفاعية للصين معتدل في الغالب. لكن أكثر الاتهامات والوصمات الشريرة تأتي من الولايات المتحدة، التي أثارت معظم الصراعات في المنطقة وتمثل حوالي 40 في المائة من إجمالي الإنفاق الدفاعي العالمي.
تستند هذه الاتهامات إلى مفهوم دفاعي مشوّه. قبل أيام، قال زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي ميتش ماكونيل إن طلب الميزانية المقبل للرئيس دو بايدن يجب أن يتضمن زيادة بنسبة 5 في المائة على الأقل في الإنفاق الدفاعي فوق التضخم. يعتقد بعض المحللين أن ميزانية الدفاع الأميركية للسنة المالية 2023 ستتجاوز 800 مليار دولار، وهو ما يعادل إجمالي أكثر من 100 دولة في العالم. إن الإنفاق العسكري الأميركي مرتفع للغاية، لكنه وقع في حلقة مفرغة: "كلما زاد الإنفاق العسكري، زاد الشعور بالقلق، وكلما زاد الشعور بالقلق، زاد الإنفاق العسكري".
وتابعت "غلوبال تايمز": تحت قيادة واشنطن، يقوم عدد قليل من حلفاء الولايات المتحدة المخلصين أيضاً بتحديث المعدات العسكرية. على سبيل المثال، زادت اليابان وأستراليا الإنفاق العسكري بشكل كبير في السنوات الأخيرة. حتى أن أستراليا تخطط لزيادة إنفاقها الدفاعي بنسبة 40 في المائة على مدى السنوات العشر المقبلة. يجب القول إن واشنطن قدمت للعالم درساً سلبياً حول كيفية فهم تطوير الدفاع الوطني.
يعتمد ما إذا كان بلد ما آمناً على سلسلة من العوامل المعقدة، مثل ما إذا كانت بيئته الاستراتيجية تواجه تحديات كبيرة، وما إذا كانت سياساتها الداخلية قادرة على الحفاظ على التماسك وكانت التنمية الاقتصادية والاجتماعية مستقرة. إنه ليس بأي حال من الأحوال المنطق البسيط القائل إنه "كلما زاد الإنفاق العسكري، زاد أمن الدولة". في هذا الصدد، يتمتع المجتمع الصيني بأسره بمستوى عالٍ من الرصانة الاستراتيجية.
في مشروع تقرير ميزانية 2022 الذي صدر يوم السبت الماضي، بينما نمت ميزانية الدفاع الوطني 7.1 في المائة، زادت ميزانية مجالين رئيسيين آخرين للتعليم، والعلوم والتكنولوجيا على التوالي بنسبة 10.6 في المائة و7.2 في المائة، لا يزال تقرير عمل الحكومة يركز على النمو الاقتصادي وقضايا معيشة الناس، بدءاً من خفض الضرائب، والتوظيف إلى الخدمات الحكومية، والابتكار التكنولوجي، والتنمية الريفية، فضلاً عن حماية البيئة. إن "التركيز على عملنا بشكل جيد" هو منطق التنمية للصين.
وختمت افتتاحية الصحيفة بالقول إنه من المتصور أنه إلى جانب التوسع المستمر لاقتصاد الصين، فإن تطوير الدفاع الوطني الصيني في المستقبل سيظل يحافظ على وتيرته الثابتة ولن يتأثر بضوضاء الولايات المتحدة والغرب. لن "نسير مع التيار" بشكل سلبي، ولن ننخرط في "تقدم متهور استراتيجي". إن تطوير القوة العسكرية للصين هو مظهر شامل للتقدم الاستراتيجي الوطني والثبات، وقوات الصين هي قوات القدرة والحضارة والسلام، وهي قوة إيجابية تحمي السلام والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والعالمي.