حث مقال نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الاميركية الرئيس الأميركي جو بايدن على العمل على تحسين العلاقات مع الرياض، وإنجاز ذلك في أسرع وقت ممكن، محذرا من أن التقاعس عن ذلك سيكون من مصلحة الصين.
ويقول المقال -الذي كتبته كارين إليوت هاوس، وهي ناشرة سابقة للصحيفة مهتمة بشكل كبير بالشؤون السياسية السعودية وتاريخ المملكة ووضعها الاجتماعي- إن شهر رمضان فرصة ليقوم بايدن بزيارة إلى الرياض "لأن في هذا الشهر يكون المسلمون أكثر تسامحا".
طلب الصفح
ونصحت الكاتبة بايدن بالذهاب إلى المملكة في زيارة عمل قصيرة لطلب الصفح عن قائمة متزايدة من المظالم الأميركية على السعودية، والتي أضرت بشدة بالعلاقات بين الطرفين.
وأوضحت أن الاستياء السعودي من أميركا ظل يتصاعد منذ عقد من الزمان، منذ عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما الذي غيّر أولويات واشنطن بعيدا عن حماية الشرق الأوسط وإمدادات النفط، لكن الضرر الجسيم لم يبدأ إلا عندما بدأ بايدن الهجوم واصفا المملكة بأنها "دولة منبوذة" وأزال صواريخ باتريوت التي تحمي المنشآت النفطية من هجمات الحوثيين المدعومين من إيران، وسعي لإحياء الاتفاق النووي مع طهران، وأزال الحوثيين من قائمة "الإرهاب" ويسعى حاليا لرفع الحرس الثوري الإيراني من هذه القائمة. وأشارت إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رفض حتى التحدث مع بايدن.
ولفتت الكاتبة الانتباه إلى أنه عندما اختفى النفط الروسي فجأة من الأسواق العالمية في مارس/آذار الماضي، لجأ بايدن إلى الرياض، لكن ولي العهد رفض طلبه.
غضب سعودي غير مسبوق
وقالت إن الغضب السعودي من الولايات المتحدة لم يكن خلال 40 عاما الماضية بهذا المستوى العالي حاليا. ونقلت عن أحد رجال الأعمال السعوديين قوله "إن العلاقات بين أميركا والسعودية ماتت. فقد حفر أوباما القبر، ووضع بايدن الغطاء على النعش".
وأضافت أن مسؤولي الخارجية السعودية أصبحوا يزدرون أميركا ولسان حالهم يقول لبايدن "أنت تنتقدنا لإنتاج النفط وتصفه بالقذارة لإرضاء المدافعين عن المناخ، ومع ذلك عندما تكون في مأزق، تلجأ إلينا لضخ المزيد؟" ويصرون على أن المملكة لن تزيد إنتاجها دون اتفاق منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) التي تضم روسيا، ونسبت إلى أحد هؤلاء المسؤولين القول "في الوقت الحالي، لا توجد حجة تجارية أو مالية عقلانية لزيادة الإنتاج، ما عدا الحجة السياسية".
علاقات الرياض مع بكين تزداد قوة
ثم انتقلت الكاتبة إلى القول إن كلا البلدين بحاجة إلى تنحية الكبرياء المجروح جانبا وإصلاح علاقتهما "الأمر الذي يدعم حقا الأمن الاقتصادي العالمي" مضيفة أن حنق السعودية أمر خطير. فعلاقات المملكة مع الصين قوية وتزداد قوة وهي الآن أكبر شريك تجاري للسعودية، وتظهر احتراما كبيرا لقادة المملكة، إذ أعلن وزير خارجيتها، باجتماع منظمة التعاون الإسلامي الشهر المنصرم في إسلام آباد، أن بلاده والسعودية "صديقتان حميمتان تدعمان القضايا الأساسية لبعضهما البعض".
وأشار المقال إلى أن بكين تعمل جاهدة من أجل تباعد واشنطن والرياض منذ فترة طويلة في منطقة حيوية من العالم، لكنها لا تستطيع حماية حقول النفط السعودية أو الممرات البحرية التي تسمح للنفط بالوصول إلى الأسواق العالمية. وفي الوقت الحالي، يمكن للولايات المتحدة فقط القيام بذلك. لذا فقد حان الوقت للرياض وواشنطن لتوحيد جهودهما والتعاون على إستراتيجية أمنية جديدة.
رمضان يقدم التغطية
وأشارت الكاتبة إلى أنه يبدو واضحا من الحديث مع العديد من المسؤولين السعوديين أنه إذا أراد بايدن إذابة العلاقات الباردة، فعليه زيارة الرياض، لكن البيت الأبيض يرى أنه من الصعب عليه القيام بذلك دون فقدان ماء الوجه، لأن أي زيارة لبايدن للرياض ستتم مقارنتها بزيارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب للرياض والتي حُظيت بـ "احتضان ملكي مذهل" وستكون صورة بايدن وهو يصافح ولي العهد محمد دليلا واضحا على الاعتراف بخطئه.
وتعود لتقول إن شهر رمضان يقدم بعض التغطية. فالمسؤولون السعوديون على استعداد لاستضافة قادة العالم خلال الشهر الفضيل، لكن زيارة رسمية مع حرس الشرف وجميع الزخارف غير ممكنة أثناء الصيام. الممكن فقط هو زيارة عمل قصيرة لحل القضايا الإستراتيجية الكبيرة، وليست لالتقاط الصور والترحيب الملكي. وهذا من شأنه استبعاد المقارنات المباشرة مع زيارة ترامب أو الرئيس الصيني، الذي قُدم له عام 2019 استقبال كبير بالرياض في أول رحلة له بعد تفشي الوباء خارج الصين.
وختمت الكاتبة مقالها بأن السعودية كانت حليفا رئيسيا لأميركا منذ ما يقرب من 80 عاما، وإذا أراد بايدن إصلاح العلاقة، فمن الحكمة القيام بذلك عاجلا وليس آجلا مضيفة "قد يتعرض كبريائه لضربة قصيرة المدى، لكن الثمن الذي تتحمله المصالح الأميركية هو العزلة واقتراب السعودية بشكل أقوى من الصين".