كتبت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية بافتتاحيتها أمس إن "الغزو الروسي لأوكرانيا كشف عن صدع بين المكان الذي يسكن فيه قلب الصين الجغرافي السياسي، والمكان الذي تكمن فيه مصالحها الاقتصادية".
وقالت إن أوروبا والولايات المتحدة تحتلان المرتبة الأكثر أهمية بين شركاء بكين الاقتصاديين من حيث التجارة والاستثمار والروابط بين أسواق رأس المال. ومع ذلك كانت الصين تدعم روسيا على نطاق واسع خلال حرب أوكرانيا، رافضة إدانة غزوها أو الابتعاد عن "الشراكة الإستراتيجية" مع موسكو.
وذكرت الصحيفة البريطانية أن بكين عززت الأسبوع الماضي هذا الموقف، وأصدرت تحذيرا جديدا للغرب رسم فيه لي يوتشنغ نائب وزير الخارجية أوجه تشابه بين ما يعتبرها أسباب الحرب في أوكرانيا وإصرار الغرب في المحيطين الهندي والهادي.
وقال لي "حلف شمال الأطلسي (الناتو) واصل تعزيزه وتوسعه وتدخله عسكريا في دول مثل يوغسلافيا والعراق وسوريا وأفغانستان". وأضاف "إستراتيجية المحيط الهندي والهادي لا تقل خطورة عن إستراتيجية الناتو للتوسع شرقا في أوروبا. وإذا سمح له بالمرور دون رادع، فسيؤدي ذلك إلى عواقب مستحيلة ويدفع نهاية المطاف منطقة آسيا والمحيط الهادي إلى حافة الهاوية".
وعلقت الصحيفة بأن إثارة "شبح" الناتو في المحيطين (الهندي والهادي) تكشف وجهة نظر الصين إلى العالم. ورأت أن على القادة الغربيين أن يأخذوا تحذير الصين على محمل الجد، ولكن يجب أن يشيروا أيضا إلى العيوب في صياغته، وأن المفتاح لفهم التقلب على أرض الواقع هو مفهوم في العلاقات الدولية يسمى "المعضلة الأمنية" أي الديناميكية التي من خلالها تؤدي زيادة أمن دولة ما إلى تخوف الدول الأخرى على أمنها.
وعلى هذا، فإن التوسع الشرقي للناتو في أوروبا، الذي ثار ضده بوتين لسنوات قبل غزوه، كان مدفوعا بمخاوف من التوسع الروسي، لأن هناك دولا في منطقة هذين المحيطين تظهر علامات ارتباط مع الولايات المتحدة لأن هذه الدول منزعجة من صعود الصين.
وختمت فايننشال تايمز افتتاحيتها بأن الحرب "الوحشية" في أوكرانيا يجب أن تجمع تركيز أذهان القادة الصينيين وأولئك في الغرب الذي تقوده واشنطن على أنه إذ فشلت الدبلوماسية في أن تسود، فمن الممكن أن تثبت منطقة المحيط الهندي والهادي أنها قابلة للاشتعال مثل أوكرانيا اليوم. وهناك حاجة ملحة لتضافر جهود الصين وأميركا لوضع قواعد أساسية وطريقة مؤقتة لمجموعة من التجمعات الأمنية الإقليمية.