• اخر تحديث : 2024-05-03 21:39
news-details
إصدارات الأعضاء

لماذا لا تدافع الصين عن اصدقائها؟


يكاد يجمع المراقبون ان دولة الصين لا تدافع عن اصدقائها، وسرعان ما تنسحب من ميدان المنازلة وتترك اصدقاءها، فريسة لأميركا غالبا.

الذي جعل المراقبون يركزون على هذا الامر هو موقف الصين من قضيتين اساسيتين الاولى موقف الصين من الاتفاقية الصينية العراقية، حيث تركت المخطط الاميركي يمضي، ولم نسمع لها "همسا" وهي ترى حكومة السيد عادل عبد المهدي الذي وقع الاتفاقية معها تنهار امام انظار الجميع، مع سعة وحجم مبلغ العقد بـ (500) مليون دولار، والثانية قضية عمران خان الذي زار الصين وتم الاتفاق على مرور طريق الحرير عبر الباكستان وهو يعلم ان ذلك يزعج امريكا.

هذا بالوقت الذي نرى فيه امريكا تدافع عن اصدقائها رغم استبدادها وظلمها وقسوتها على الشعوب وسمعتها المقرونة بالاستكبار امام العالم.!

هذه المقارنة بين امريكا والصين تدعونا ان نتأمل ونتساءل عن السر في ذلك حيث ان الصين دولة كبرى تملك من ادوات القوة ما يجعلها تقف الى جانب اصدقائها وعدم ترك المجال لأمريكا خصمها (الاول) بأن تتحرك ضد مصالح الصين وضد الدول التي (تورطت) معها في اتفاقيات ومعاهدات اقتصادية.

اما ان تقوم الصين بإدارة ظهرها بعد الاتفاقية وتترك الدول نهبا لأميركا فهذا يضعف من سمعتها ويجعل قادة الدول يتجنبون التقرب منها خشية على مصيرهم ومصير بلدانهم!!

لو حسبنا كم انفقت امريكا من اجل تظاهرات تشرين وما تبعها وصولا الى فرض مصطفى الكاظمي وحكومته وكذلك بالتآمر على عمران خان لوجدنا تكلفة تصل بالمليارات حيث لم تكتفي بالتغيير بل بالحفاظ عليه ايضا، في وقت لم تنفق الصين درهما واحدا للدفاع عن الذين فضلوا العلاقة معها ولو اعلاميا.

قد يتساءل البعض عن امكانيات الصين العسكرية وامكانية ان تتورط في حرب مباشرة مع الولايات المتحدة!

المراقبون العسكريون يرون ان الصين غير جاهزة للمنازلة مع الولايات المتحدة وأنها تستعد لمثل هذه (المنازلة) عام 2049، حيث يشير التقدم الذي يحرزه الصينيون في مجالات تقنيات الصواريخ والأسلحة النووية والذكاء الاصطناعي قلقا جديا لدى العديد من المراقبين الغربيين الذين يعتقدون أن انقلابا جذريا يجري في ميزان القوة العسكرية على النطاق العالمي.

بعد ان أمر الرئيس الصيني شي جين بينغ بتحديث القوات المسلحة الصينية بشكل كامل بحلول عام 2035. ويقول إن على قوات بلاده المسلحة أن تصبح قوة عسكرية "متفوقة عالميا" بإمكانها "خوض الحروب وتحقيق النصر فيها" بحلول عام 2049.

وإذا كانت الصين قد حددت تاريخ استعدادها للحرب بعد (27) سنة من الان فعلينا ان لا نطالبها بأكثر من ذلك، وان نستعد حين ننوي عقد اتفاق معها انها لن تقف معنا باي شكل وكأنها لا علاقة لها بالأمر ولا تريد ان تتحمل وزر الاتفاقية وتبعاتها.

هذه (المعادلة) تفهمتها إيران حين عقدت (الاتفاقية الشاملة) مع الصين وبمبلغ استثمار يصل الى (400) مليار خلال الـ (25) سنة المقبلة، وهذا (الفهم الايراني) فيه منفعة للطرفين حيث ان الايرانيين يعتبرون مجرد قبول الصين لعقد الاتفاق معنا مع علمهم بالحصار الاميركي ومخاطره عليهم يعد مسألة مهمة، والشيء الاخر ان إيران ترى في تقوية شوكة الصين عملا من اجل التوازن الدولي، مقدرة ظروف الصين، خاصة وأنها وقفت معها في شؤون كثيرة، سواء في تصدير النفط او اللقاحات او التقنيات.

إذا كانت الصين لا تدافع عن اصدقائها فلماذا تقيم الدول معها اتفاقيات اقتصادية رغم مخاطر ذلك؟

الولايات المتحدة لا تعمل على بناء الدول من اصدقائها (اقتصاديا) وتبقيها دولا مستهلكة وحتى حين تنشئ مصنعا او معملا او اي استثمار تبقيه تحت ادارتها دون فاعلية للدولة التي على ارضها المشروع، ومتى رغبت الغاءه فهي جاهزة، اما الدول التي وجدت ان تطورها واقع حال مثل اليابان، كوريا، كندا، اوروبا وغيره.، فإما ان تبني قواعد عسكرية على ارضها وتمنع اي تطور عسكري لها او تحول سياسي كما تبقي نشاطها السياسي تحت النظر.

مرة سئل مسؤول سعودي سابق عن ماذا بعد نفاد النفط بالمملكة فأجاب (العودة الى البعير).

ان جميع الدول التي تحت (الرعاية الاميركية) تدرك انها (بلا سيادة) وان الولايات المتحدة تتعامل (فقط) وفق مصالحها وبما يضمن لها الهيمنة على الثروات والقرار السياسي بالبلد ناهيك ان الشركات الاميركية لديها (بيروقراطية) عالية وتتعامل مع شعوب الدول بتعالٍ ولا تتحمل ظروف البلدان المعقدة السياسة والوضع الاجتماعي والمعيشي والمناخات المتقلبة، مما يجعل دولا عديدة تختار الصين لأنها لا تفرض اي شروط سياسية على بلدان العالم مسبقة ولا تتدخل في شأنها السياسي او الامني.!

الصين لا تهتم - كثيرا - بنوع الدول التي تقيم معها اتفاقية اقتصادية فهي تقيم مثل هذه الاتفاقيات من امريكا واسرائيل الى إيران وروسيا.

إذا كانت الصين لا تدعم وتحمي اصدقاءها فلماذا تعتبرها امريكا العدو الاول؟

الجواب على ذلك ان امريكا تدرك ما ذاهبة له الصين وهو (الهيمنة الاقتصادية) دون (جلبة)، مستوعبة التهديدات والاستفزازات والتآمر كما حدث بجائحة كورونا حيث خططت امريكا ان توهن الصين وتشغلها عن مستقبلها لكن يقظة الصين اعادت الحجر من حيث اتى لتكون الولايات المتحدة الاكثر وفيات واصابات بالعالم بهذه الجائحة!

اقتصاد أمريكا مازال الأول عالمياً بحوالي 17 تريليون دولار والصين الثانية بـ 10 تريليونات، ولكن تصدر الصين 2342 مليار دولار سنوياً "الأولى عالمياً"، بينما تصدر أمريكا 1688 مليار دولار سنوياً الثانية عالمياً! اذن لم تستطع امريكا ان توقف الصين وقد سرقت منها اسواقها حتى في حديقتها الخلفية (امريكا اللاتينية) حيث أصبح الميزان التجاري الصيني يفوق الاميركي بمرتين بهذه القارة. ناهيك تمددها الاقتصادي في افريقيا واسيا، اما في اوروبا فيكفي شاهدا ان القطار الصيني السريع الذي ربط الصين ببريطانيا وعبر المانش.

قالت رئيسة بريطانيا يوم وصول اول رحلة،" الان آن لنا ان نطمئن على مصير الاقتصاد البريطاني!"، اما بقية دول أوروبا، فقد اظهرت بيانات صادرة عن شركة مجموعة السكك الحديدية الوطنية الصينية المحدودة ان خدمة قطارات الشحن الصيني - الاوروبي سجلت 7377 رحلة في النصف الاول من عام 2021، بزيادة 43 في المائة عن نفس الفترة من العام الماضي.

وقد وصلت قطارات الشحن، التي تم إطلاق خدماتها في عام 2011، إلى 168 مدينة في 23 دولة أوروبية وسجلت أكثر من 40 ألف رحلة.!

الصين تعلم ان الولايات المتحدة سائرة الى الضعف ولديها اجهزة استشعار كافية لتعرف ما يدور في هذا البلد، خاصة ان هناك (10) ملايين صيني بأمريكا وهؤلاء اغلبهم من اصحاب رؤوس الاموال.

في الختام نقول ان من يرغب ان يقيم علاقة مع الصين عليه ان يعرف ان هذا البلد قد لا يرد عسكريا بالدفاع عنه ولا سياسيا ولكنه يرد في الميدان الاقتصادي الى حين، مذكرين طريقة تعامل الصين في تايوان

فعلى الرغم من موقع تايوان الاستراتيجي على مضيق (تايوان) الذي يقع على المحيط الهادي ويربط بحر الصين الجنوبي ببحر الصين الشرقي ولما لهذا المضيق من اهمية استراتيجية كونه يتحكم بتجارة كوريا الجنوبية واليابان الا ان الصين تتعامل بهدوء وروية في قضية تايوان فيما تايوان اقليم تابع لها وقرار دولي بضمها اليها.