• اخر تحديث : 2024-05-10 13:04
news-details
تقدير موقف

تقدير موقف: مخطط مسيرة الأعلام لم يُحسم بعد


مع اقتراب اليوم المُقرر لمسيرة الأعلام الاستفزازية، يوم الأحد القادم، الـ 29 من أيار الجاري، احتفالًا صهيونيًا بيوم احتلال القدس بحسب التوقيت الاحتلالي؛ فإنها (أي مسيرة الأعلام) تعتبر العنوان الأهم والموضوع الأكثر مركزية في الإعلام وداخل المؤسسات الرسمية الاحتلالية، سواء الأمنية أو السياسية، واجتماعات تقدير الموقف تكاد تكون يومية، والنقاشات تتركز حول مستوى التوترات والمخاطر الأمنية واحتمالات الانفجار، وهل التقديرات الأمنية المحتملة للمخاطر تسمح لمنظمي المسيرة بالسير حسب مخططهم - وهو المخطط الذي وافق علية وزير الأمن الداخلي بارليف في وقت سابق من هذا الأسبوع، والذي يتضمن الوصول إلى باب العامود والدخول إلى البلدة القديمة - أم أن من الأجدى لاحتواء المخاطر أن يتم إجراء تغيير على مسار المسيرة، مثلما فعلت حكومة نتنياهو العام الماضي في اللحظات الأخيرة؟

في الاجتماع الأخير لتقدير الموقف الذي عقد بالأمس، حذر مندوب وزارة الخارجية من التداعيات على الساحة الدولية في حال حدثت اضطرابات وأحداث عنف مع الفلسطينيين أثناء المسيرة، لا سيما أن ذلك - بحسب تقديره - يأتي في ظل الأجواء التي خلقها استشهاد أبو عاقلة وما رافق جنازتها، فالإعلام الدولي حاضر بقوة لمتابعة ما يجري في القدس هذه الأيام. من جانبهم، ممثلو المنظومة الأمنية (الجيش والشاباك) يصرون حتى الآن على أن مستوى المخاطر الأمنية المتوقعة يسمح بإجراء المسيرة بحسب مخططها، وهو للحقيقة أمر مستغرب، رغم معرفة الجهات الأمنية أنه في يوم مسيرة الأعلام سيتم أيضًا صباحًا اقتحام باحات الأقصى من قِبل المستوطنين، بما في ذلك قرار بن غبير باقتحام الأقصى مع مجموعة من المتطرفين صباحًا والمشاركة في المسيرة عصرًا. ومن الجهة الأخرى، الاستعدادات الفلسطينية من سكان القدس والداخل للتصدي للاقتحامات ولمسيرة الأعلام التي ليست سوى وضع الأصابع الاحتلالية بعنجهية في عيون الفلسطينيين؛ بحسب وصف كتاب إسرائيليين.

حتى الآن قرار بارليف لا يعتبر نهائيًا، وهو قابل للتغيير في الأيام القادمة في حال تغير التقديرات الأمنية المبنية على معلومات أمنية، أو المبنية على توجيهات سياسية بحسب تقديرنا، حيث لا توجد تقديرات مهنية 100%، والاعتبارات السياسية والانتخابية تعتبر مركبًا مهمًا في التقديرات الأمنية التي تسوّق على أنها مهنية، ومن المعروف أن شارون وباراك ونتنياهو وجّهوا هذه التقديرات كثيرًا في السابق لتتوافق مع أجنداتهم.

كما أنه ليس من المُستبعد أن يكون الجيش قد أخطأ في تقدير رد فعل المقاومة ومدى تمسكها بما عملت على تثبيته من علاقة بين غزة والقدس، والجيش أخطأ مرات عديدة في تقدير توجهات المقاومة، وذلك لأسباب تعود إلى كونه مُقيدًا بروايته بأن المقاومة قد ردعت ولا زالت مردوعة من الحرب السابقة، أو أن لدى الجيش تقديرات بأن المقاومة لا تنوي الذهاب لتصعيد كبير بسبب مسيرة الأعلام، وأنه من الخطأ التراجع والظهور بمظهر الضعف أمام تهديدات غير محتملة التنفيذ، وربما أراد الجيش أن يظهر بمظهر القوي وهو يعرف أنه قبل المسيرة بساعات سيقدم "الشاباك" تقريرًا يفيد بأن ثمة مخاطر عالية لتنفيذ عمليات وانفجار عنف ردًا على مسيرة الأعلام، ممّا يمنح المستوى السياسي (الذي هو وزير الأمن الداخلي) اتخاذ قرار يغير مسار المسيرة. كما أن زيارة بايدن المرتقبة، وهي الأولى له إلى المنطقة بعد أن تسلم إدارة البيت الأبيض،

بما لها من أهمية كبيرة، تعتبر عاملًا يأخذه الاحتلال على محمل الجد أثناء اتخاذ القرار النهائي الخاص بالمسيرة؛ الأمر الذي سيضطرهم للإنصات أكثر للمطالب الأمريكية بهذا الصدد.

حتى الآن، تبقى كل الاحتمالات متاحة، ولأن الأمر كذلك فإن مائتين من الضباط من حركة "أمنيين" بعثوا برسالة للحكومة تطالب بتغيير مسار المسيرة، مطالبين الحكومة بأن تحذو حذو حكومة نتنياهو. وفي هذه الأثناء، الشرطة الاحتلالية تستنفر كل طاقاتها استعدادًا للانتشار في القدس والمدن المختلطة، وقد أصدرت أوامر بمنع مائتين ممّن تعتبرهم "عنيفين" من المشاركة في المسيرة. ويذكر أن محكمة احتلالية ردّت قرار محكمة سابقة قضى بالسماح لليهود بالصلاة في باحات الأقصى، وأكدت أن للشرطة الصلاحية في منع الصلاة من قِبل اليهود.