لدى ليتوانيا عبور محدود بالسكك الحديدية إلى منطقة كالينينغراد: لن يُسمح بعد الآن بمرور نصف البضائع التي تخضع لعقوبات الاتحاد الأوروبي المناهضة لروسيا عبر الأراضي الليتوانية. أوضح عالم السياسة ألكسندر نوسوفيتش، الذي يعيش في كالينينغراد، لصحيفة "كومسومولسكايا برافدا" الوضع بالضبط، إذ يبدو واضحاً أن فيلنيوس (عاصمة ليتوانيا) لم تحسب العواقب المحتملة لقرارها.
أولاً، نتحدث عن منتجات الحديد والصلب. ثانياً، عن بعض السلع التي تدر ربحاً على الميزانية الروسية، من بينها، على سبيل المثال، الكافيار والكحول والأسمدة والأخشاب والمنتجات الخشبية والصناعات الزجاجية. ثالثاً، الفحم الذي يحظر استيراده ونقله، لكن الحظر لن يدخل حيز التنفيذ إلا في 10 آب/أغسطس. رابعاً: النفط ومنتجاته.
ما الخطر الحقيقي الذي يمكن أن يشكله قرار ليتوانيا هذا في عزل روسيا؟
منذ 30 عاماً، كان السياسيون الليتوانيون يحلمون ويقولون إن لديهم مثل هذا الخيار ضد روسيا، أي منع العبور إلى كالينينغراد، وأتت اللحظة الرائعة التي تمكنت فيها ليتوانيا من استخدامه، لكن هذا لن يكون من دون عواقب، لأنهم ظلوا يتحدثون عن المنع باستمرار، فيما كنا نستعد له كل هذا الوقت. لذا، إن أي إجراءات تتخذها ليتوانيا لتقييد العبور إلى منطقة كالينينغراد لن تكون حاسمة بالنسبة إلينا، ولن تتسبب بأضرار جسيمة.
قبل 20 عاماً، اشترت منطقة كالينينغراد الكهرباء من ليتوانيا، من محطة إغنالينا للطاقة النووية، ولكن لديها الآن محطات الطاقة الخاصة بها. بالنسبة إلى الغاز، لدينا محطة المارشال فاسيليفسكي التي اختبرناها بالفعل في حال قيام ليتوانيا بقطع الغاز عن خط الأنابيب.
في ما يتعلق بالعبور، تحدثت إلى كبار المسؤولين في منطقتنا وممثلي الإدارة المركزية، وأكدوا أن الأسطول المدني الروسي في بحر البلطيق يكفي تماماً لتسليم جميع البضائع التي يمكن لليتوانيا أن تمنعنا من نقلها عن طريق السكك الحديدية. السؤال هو: كيف يمكننا أن نفعل كل ذلك بسرعة؟ لكنني متأكد أننا لن نشهد انقطاعاً في الإمدادات، ولن تكون رفوف المتاجر فارغة.
ما الإجراءات الانتقامية التي يمكن أن تتخذها روسيا ضد ليتوانيا؟
أولاً، إلغاء الاعتراف باستقلالها. إن فكرة الاعتراف بانفصال جمهوريات البلطيق عن الاتحاد السوفياتي بوصفه غير شرعي كانت مطروحة منذ 5 أيلول/سبتمبر 1991، عندما حدث هذا الانفصال. لم يكن لدى مجلس الدولة غير الدستوري الذي ينتمي إليه غورباتشوف الحق في اتخاذ قرارات على هذا المستوى، مثل مراجعة حدود الاتحاد السوفياتي وفصل الأراضي عنه. هذه حقيقة قانونية. في المناسبة، قدم نائب مجلس الدوما يفغيني فيدوروف في الآونة مشروع قانون بهذا الصدد.
ثانياً، الانسحاب من الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي بشأن ليتوانيا، كما ذكر ديمتري روغوزين، الذي قاد المفاوضات بين موسكو وبروكسل سنة 2002-2003، حين اعترفت روسيا بحدود جمهورية ليتوانيا في مقابل ضمانات بالعبور غير المنقطع للمواطنين الروس والبضائع الروسية من كالينينغراد وإليها. بفضل هذا الاعتراف، تمكنت ليتوانيا من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
ثالثاً، إحياء مطلب روسيا بإعادة مدينة كلايبيدا. إذا انسحبت بروكسل اليوم من الاتفاقيات من جانب واحد، فإن موسكو ستنسحب من التزاماتها، فالعواقب بالنسبة إلى ليتوانيا والاتحاد الأوروبي والناتو قد تكون بعيدة المدى للغاية. دعني أذكّرك على الأقل بأن ملكية أراضي ميميل وكونيغسبرغ انتقلت من ألمانيا إلى الاتحاد السوفياتي كلل، وليس إلى جمهورية محددة من جمهورياته، بموجب قرار مؤتمر بوتسدام الذي أعقب نتائج الحرب العالمية الثانية.
وفي وقت لاحق فقط، نقل ستالين، بقراره الداخلي، كونيغسبرغ إلى جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفياتية، وأصبح اسمها كالينينغراد، ومُنحت ميميل لجمهورية ليتوانيا الاشتراكية السوفياتية، وأصبح اسمها كلايبيدا. روسيا الحديثة هي الخليفة القانونية لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، أي أن حدود ليتوانيا ما بعد السوفياتية تحددها. وإذا انتهك الاتحاد الأوروبي الاتفاقيات التي تضمن هذه الحدود، فكل شيء يمكن أن يحدث لليتوانيا.
رابعاً، إنشاء "ممر سوالكي". إذا فرضت ليتوانيا حصاراً على منطقة كالينينغراد، تكون، وفق تعبير عضو مجلس الاتحاد الروسي أندريه كليموف، قد "أطاحت الكرسي" الذي كانت تجلس عليه طوال هذه السنوات كدولة عضو في الاتحاد الأوروبي.
إنه يحذر من أن السلوك غير المقبول لليتوانيا، الذي يقيد العبور إلى منطقة كالينينغراد، يعرض الناتو للخطر. يعتقد البرلماني أن "الاتحاد الأوروبي، ما لم يصحّح تصرف فيلنيوس الوقح فوراً، سيتبرأ من شرعية جميع الوثائق المتعلقة بعضوية ليتوانيا في الاتحاد الأوروبي، ويفسح لنا المجال لحل مشكلة العبور من وإلى كالينينغراد التي أحدثتها ليتوانيا بأي وسيلة نختارها".
والطريقة الأكثر جذرية، كما يعتقد الخبراء منذ مدة طويلة، هي إنشاء "ممر سوالكي"، وهو ممر بري بين ليتوانيا وبولندا يصل طوله إلى 100 كيلومتر، ويمكن أن يربط أراضي بيلاروسيا بمنطقة كالينينغراد الروسية. من الواضح أن هذه الخطوة تعني نشوب حرب مع الناتو.
خامساً، فصل ليتوانيا عن نظام الطاقة. سيكون هذا رد موسكو الاقتصادي الأكثر إيلاماً على خطوة فيلنيوس العدائية. اليوم، تربط حلقة "بريلل" للطاقة بيلاروسيا وروسيا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا. لطالما أعلنت دول البلطيق رغبتها في تركها، والاندماج الكامل في أنظمة الطاقة في الاتحاد الأوروبي. وقد أعلنت رسمياً أنّ هذا سيحدث في عام 2025.
ومع ذلك، فإن انتقال الطاقة إلى أوروبا يواجه صعوبات كبيرة. لذلك، لا تزال دول البلطيق تعتمد بشكل كبير على الكهرباء الروسية. إنّ فصل ليتوانيا عن "بريلل" قبل الموعد المحدد سيخلق مشاكل خطرة للغاية لاقتصادها وحياة سكانها. بالنسبة إلى كالينينغراد، لا تشكّل هذه الخطوة أي تهديد، فقد انفصلت المقاطعة بالفعل عن هذه الحلقة.