كشف موقع "المونيتور" الأميركي أن نائب وزير الخزانة الأميركي والي أديمو كان يتوقع أن يزور تركيا اول أمس الأربعاء، لتذكير أنقرة بأن أي شخص يتهرب من العقوبات الأميركية ضد روسيا سيُحاسب.
وكان من المقرر أن يلتقي أديمو بمحافظ البنك المركزي التركي سحاب كافجي أوغلو ووزير الخزانة والمالية التركي نور الدين النبطي. من المتوقع أن يثير أديمو مخاوف إدارة الرئيس جو بايدن بشأن تدفق الأموال والأصول الروسية إلى تركيا، كما أكد مسؤولان مطلعان على أجندة أديمو لموقع المونيتور، لكنهما لم يخوضا في التفاصيل.
وتأتي زيارة أديمو في أعقاب اجتماعاته مع كبار المسؤولين في الإمارات العربية المتحدة، التي أصبحت أيضاً نقطة جذب كبيرة للأثرياء الروس الساعين للتهرب من العقوبات الغربية المفروضة في أعقاب العملية الروسية في أوكرانيا.
وأفاد موقع بلومبرغ أن أديمو، الذي قاد مراجعة وزارية لسياسة العقوبات العام الماضي، حذر المؤسسات المالية التركية والإماراتية من العواقب المحتملة لمساعدة روسيا في الالتفاف على القيود.
وتلعب علاقات تركيا مع روسيا، ولا سيما حصولها على صواريخ إس -400 الروسية، دوراً كبيراً في علاقاتها المشحونة بشكل متزايد مع الولايات المتحدة. ومع أن جهود تركيا للتوسط بين روسيا وأوكرانيا، مع إمداد أوكرانيا بطائرات بدون طيار مسلحة وعرقلة مرور السفن البحرية الروسية عبر مضيق البوسفور، خلقت آمالاً في إعادة ضبط العلاقات بين أنقرة وواشنطن في الأيام الأولى للصراع.
لكن ثبت أن هذه مسألة سابقة لأوانها لأن تركيا تهدد الآن باستخدام حق النقض ضد انضمام السويد وفنلندا إلى حلف الأطلسي (الناتو)، بسبب دعمهما المزعوم للجماعات "الإرهابية" الكردية. وأشار الموقع إلى أن انضمام الدولتين الأوروبيتين إلى الناتو هي أولوية استراتيجية للحلف وإدارة بايدن على وجه الخصوص.
وقال إنه يُنظر كذلك إلى محادثات تركيا الجارية مع روسيا لإنشاء ممر بحري في البحر الأسود لتصدير الحبوب من أوكرانيا بريبة في بعض العواصم الغربية بسبب مخاوف من أن الممر يمكن أن يصبح قناة لروسيا للالتفاف على العقوبات.
وقالت وزارة الدفاع التركية اول أمس إن سفينة شحن تركية غادرت بأمان ميناء ماريوبول الأوكراني الذي تسيطر عليه روسيا. وكانت أول سفينة من هذا النوع تبحر من ماريوبول منذ 24 شباط / فبراير، تاريخ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
يشار إلى أن أوكرانيا واحدة من أكبر موردي القمح في العالم، وأثار انقطاع الشحنات مخاوف من حدوث أزمة غذاء عالمية.
وأشارت وزارة الدفاع التركية إلى أنه تم التوصل إلى تفاهم لإجراء محادثات بين تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة لحل المشكلة. ومن غير الواضح كيف استجابت كييف للمبادرة وما إذا كانت وافقت على شحنة القمح اول أمس.
وأضاف المونيتور أنه في الوقت الذي تكافح فيه تركيا أسوأ تباطؤ اقتصادي لها منذ عقدين، يلقى التمويل الروسي ترحيباً، مع قفزة قياسية في مبيعات العقارات للمواطنين الروس. إذ يتم منح الأجانب الذين يشترون عقارات بقيمة 400 ألف دولار وما فوق الجنسية التركية بموجب قانون جواز السفر الذهبي المعدل الذي يجذب عدداً متزايداً من الروس.
وعلى الرغم من أن المسؤولين الأتراك يقولون إنهم يحترمون القانون الدولي، إلا أنهم يصرون على أنهم غير ملزمين بالعقوبات الأميركية أو البريطانية أو الأوروبية، ولن يستهدفوا الأفراد على أساس جنسيتهم. وانتشرت صور اليخوت العملاقة المملوكة للأثرياء الروس مثل رومان أبراموفيتش وألكسندر نيسيس الراسية في الموانئ التركية عبر وسائل الإعلام العالمية حتى في الوقت الذي تم فيه الاستيلاء على يخوت أخرى في جميع أنحاء أوروبا.
ويقال إن البنوك التركية تتصرف بحذر أكبر، حيث يقال إن العديد من العملاء الروس من أصحاب الثروات الكبيرة يبتعدون. وبموجب القانون التركي، يحتاج الأجانب إلى فتح حساب بالعملة المحلية قبل فتح حساب بالعملة الأجنبية، وهو إجراء من المفترض أن يساعد في دعم الليرة التركية المتدنية. كما أن نظام MIR الروسي لتحويل الأموال الإلكتروني المحظور في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة مقبول من قبل البنوك مقرضي الدولة التركي Vakifbank و Ziraat وكذلك من قبل Isbank.
وتابع الموقع أنه يُعتقد أن بعض الشركات الروسية تنقل عملياتها إلى تركيا لكنها سُجلت ككيانات تركية للالتفاف على العقوبات. ومن المحتمل أن يثير أديمو كل هذا في أنقرة. وأضاف أنه لطالما كانت أنشطة تركيا لخرق العقوبات مصدر خلاف بين أنقرة وواشنطن. يواجه بنك خلق التركي Halkbank، محاكمة أمام محكمة فيدرالية أميركية لمساعدته إيران على تجنب العقوبات الأميركية فيما وصف بأنه من بين أكبر مخططات لخرق العقوبات في التاريخ الحديث. ويقول ممثلو الادعاء إن بنك خلق حوَّل عائدات النفط الإيراني إلى ذهب ثم نقداً لفائدة المصالح الإيرانية وساعد إيران على تحويل 20 مليار دولار سراً من الأموال المقيدة من خلال شركات واجهة.
من هذا المبلغ، تم غسل مليار دولار في الولايات المتحدة. وينفي "خلق بنك" التهم الموجهة إليه ويقول إنه محصن من الملاحقة القضائية في الولايات المتحدة لأنه بنك تابع للدولة. ومع ذلك، رفضت محكمة أميركية هذه الحجة، قائلة إن القضية يجب أن تستمر. وإذا أدين البنك في التهم الموجهة إليه، فقد تواجه تركيا غرامة تقدر بمليارات الدولارات من وزارة الخزانة الأميركية، وتضغط تركيا من أجل رفض القضية.