• اخر تحديث : 2024-07-03 03:33
news-details
مقالات مترجمة

سقوط الحكومة الإسرائيلية: انتخابات جديدة وتداعياتها على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية


نظرة عن قرب على انهيار الحكومة الائتلافية في إسرائيل التي شُكلت قبل عام، وتأثير ذلك على الزيارة القادمة للرئيس بايدن إلى الشرق الأوسط، وآثارها المحتملة على السياسة الأمريكية الإسرائيلية الأوسع نطاقاً.               

خلال اجتماع عُقد في 15 حزيران/يونيو، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت عن مدى فخره بحكومته بعد أن أثبتت أن الإسرائيليين قادرون على العمل معاً على الرغم من خلافاتهم العقائدية. وبعد خمسة أيام، أعلن بينيت ووزير الخارجية يائير لابيد عن عزمهما على حل الكنيست.

ونتج هذا القرار من عجز الائتلاف الحاكم عن إقرار مشروع لتجديد تطبيق القانون المدني الإسرائيلي على المواطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية. ففي 6 حزيران/يونيو، تعاونت المعارضة مع منشقين من حزبيْ "ميريتس" و"القائمة العربية الموحدة" التابعيْن للائتلاف لمنع إقرار التشريع. وأمل بينيت بإقناع النواب المعنيين (غيداء ريناوي الزعبي ومازن غنايم) إما بالاستقالة أو التصويت لصالح القانون، ولكن ظهرت المزيد من التعقيدات عندما هدد نير أورباخ، العضو في "حزب يمينا" الذي ينتمي إليه بينيت، بالانسحاب من الائتلاف في حال عدم تسوية المسألة. وكان الفشل في إقرار القانون سيتسبب في فوضى قانونية للمستوطنين الإسرائيليين المقيمين في الضفة الغربية، لذلك خلص بينيت إلى أن حل الحكومة وتفعيل اتفاق التناوب على رئاسة الحكومة مع لابيد هو الخيار الوحيد لحماية وضع هؤلاء الإسرائيليين.

وكان زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو يأمل في إسقاط الحكومة وعودة حزبه "الليكود" إلى السلطة من خلال وسائل أخرى غير إجراء انتخابات مبكرة، لكن المسار الأخير يبدو مرجحاً في الوقت الحالي. فلابيد سيبقى رئيس حكومة تصريف أعمال إلى حين إجراء انتخابات خلال فصل الخريف ويمكن تشكيل حكومة جديدة - وهي عملية من المحتمل أن تطول عدة أشهر بعد فرز الأصوات.

وقد تؤدي الحملة الانتخابية المقبلة إلى إحداث تغييرات أيضاً لدى الأحزاب التالية التي تُعتبر الأكثر عرضةً لعدم بلوغ العتبة الانتخابية عند 3.25 في المائة المطلوبة للعودة إلى البرلمان: "القائمة العربية الموحدة" و"ميريتس" و"يمينا" و"الأمل الجديد". وقد تحصل عدة عمليات دمج، ربما بين "الأمل الجديد" و"يمينا" أو بين "ميريتس" و"حزب العمل".

وتشمل الأمور الأخرى التي لا يمكن التنبؤ بها توزّع الأصوات بين "القائمة العربية الموحدة" و"القائمة المشتركة"، وهي الفصيل بقيادة عربية الذي ينافس في الانتخابات لكنه لطالما رفض الانضمام إلى الحكومات الإسرائيلية. وقد يساهم ارتفاع نسبة مشاركة العرب في الانتخابات في حسم عدد المقاعد التي يحصل عليها كل من الحزبيْن المنافسيْن، كما أنه سيعيق قدرة "الليكود" على تشكيل حكومة. ويميل نتنياهو إلى الترشح عبر منصات تقوم على إشاعة الخوف من العرب، ولكن هذا التكتيك قد يدفع بأعداد أكبر من العرب إلى الإدلاء بأصواتهم. وتشير التوقعات الحالية إلى أنه إذا اقتربت نسبة مشاركة العرب من 60-65 في المائة، فقد تتراوح فرص "الليكود" لتشكيل ائتلاف فعال بين ضئيلة جداً ومعدومة (وكانت نسبة مشاركة العرب 45 في المائة في انتخابات العام الماضي ولكنها وصلت إلى 65 في المائة في الجولة التي سبقتها).

وفيما يخص زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن المقبلة إلى الشرق الأوسط، فإن أثرها المحتمل على حملة لابيد مبالغ فيه. صحيح سيتم تعزيز المكانة السياسية لرئيس الوزراء الجديد نظراً لبعض الجوانب ووجهات النظر اليسارية المشتركة التي تجمعه ببايدن. ولكن لابيد أثبت أساساً مصداقيته الدبلوماسية من خلال تنظيم واستضافة اجتماع متعدد الأطراف مع أربعة من كبار المسؤولين العرب - محققاً إنجازاً ملفتاً للنظر يمثل المرة الأولى التي يعقد فيها مثل هذا الاجتماع المشترك داخل إسرائيل. وقد أثبت وزراء الخارجية العرب المعنيون، من خلال حضورهم الاجتماع، أنهم يتعاطون الآن مع إسرائيل على أنها جزء من المنطقة.

وستتمحور زيارة بايدن حول نقطتيْن أساسيتيْن. أولاً، يهدف المسؤولون في إدارته إلى العمل على مبادرة دفاع جوي إقليمية، من خلال إطلاق جهود لدمج شبكات الدفاع الجوي والصاروخي لإسرائيل مع شبكات متعددة تابعة للدول العربية المجاورة، ومن بينها دول الخليج. وسيؤدي مثل هذا التعاون أيضاً إلى تعميق عملية التطبيع بين إسرائيل ودول أخرى وقّعت على "اتفاقيات إبراهيم"، فضلاً عن دول لم تنضم بعد إلى الاتفاقيات. وعلى وجه الخصوص، يمكن أن تؤدي زيارة بايدن إلى السعودية إلى تسريع الجهود لإقامة المزيد من الروابط المباشرة مع إسرائيل. وفي الوقت الحالي، فإن المسائل الرئيسية قيد المناقشة هي اتفاقات المرور الجوي - أي فتح المجال الجوي السعودي أمام الرحلات من إسرائيل وإليها، والسماح برحلات جوية مباشرة للإسرائيليين العرب الذاهبين لأداء مناسك الحج.

وستتركز النقطة الثانية لبايدن على المفاوضات مع إيران. فعلى الرغم من أن جميع الأطراف ملتزمة بمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، إلا أنها لا تزال منقسمة بشأن كيفية المضي قدماً. وتركز الولايات المتحدة على استخدام الضغط لإعادة إحياء «خطة العمل الشاملة المشتركة»، في حين تشعر إسرائيل بالقلق من أن الإجراءات التي يتم النظر فيها لن تكون قوية أو فعالة بما يكفي لتأمين اتفاق أفضل، أي اتفاق تُرفع بموجبه جميع العقوبات عن إيران، ولكن فقط مقابل إلغاء بنود "انقضاء الوقت" التي سترفع أبرز القيود الواردة في «خطة العمل الشاملة المشتركة» على مدى السنوات القليلة القادمة (على سبيل المثال، القيود على تخصيب اليورانيوم).

أخيراً، وعلى الرغم من التكهنات التي تشير إلى عكس ذلك، فإن المسيرة السياسية لبينيت لم تنته بالضرورة. فبالعودة إلى التاريخ وتحديداً إلى عام 1982، فرضت لجنة قانونية آنذاك على أريئيل شارون التخلي عن وزارة الدفاع، وخلال انتخابات 1999 خسر نتنياهو و"تقاعد" من الحياة السياسية. وكما هو واضح، عاد الزعيمان وتوليا رئاسة الوزراء لاحقاً. ففي السياسة الإسرائيلية، لا تقل "لا" أبداً.