قال الكاتب الأميركي البارز توماس فريدمان في مقال نشر بصحيفة "نيويورك تايمز" الاميركية إن انهيار حكومة الوحدة الإسرائيلية حدث جلل يجب بحث أسبابه ودلالاته، موضحا أنه نسخة أخرى مما يجري داخل الولايات المتحدة نفسها.
وأضاف فريدمان أن روح الديمقراطية الأميركية والإسرائيلية هي رهينة للاقتراع المقبل، بالنظر إلى أن عقيدة "النصر بأي ثمن" التي يتبناها اليمين المتطرف هي عنوان معاد للقيم للديمقراطية، محذرا من أن هذا الاتجاه إن ساد وانتشر فسيمزق المجتمعَين.
وتحدث فريدمان عن تجربة حكومة الوحدة الوطنية الإسرائيلية ووصف تشكيلها من مشارب سياسية مختلفة قبل عام بـ "الشيء الرائع"، مبرزا أن هذا النوع من الائتلافات الحكومية بين اليسار واليمين والوسط هو الطريقة الوحيدة لإنتاج حكم فعال للديمقراطيات في عصر تغير الديمغرافيا والمناخ والتكنولوجيا.
وقال إن عدم انزياح اليسار واليمين نحو الوسط لإيجاد وسيلة لإنجاح الحكم في كل من إسرائيل والولايات المتحدة، سيخلق حالة من الركود في البلدين، وسيجعل أي حكومة غير قادرة على مواجهة التحديات المطروحة، خاصة في القضايا الكبرى.
وبحسب فريدمان، فإن أهم دلالات الائتلاف الحكومي الإسرائيلي إثباته أن اليهود الإسرائيليين والعرب يمكن أن يحكموا معا بهدوء، واصفا ما حدث بـ "الاختراق التاريخي".
ترامب ونتنياهو
ووصف المحلل السياسي الأميركي كلا من دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو بالأخوين السياسيين من أمتين مختلفتين، موضحا أنهما يتشاركان في نهج الأرض المحروقة في المجال السياسي.
وقال إن هذا النهج يتميز برفضه بناء تحالف واسع من المركز إلى الخارج، ويفضل عليه التركيز على الحشد الداخلي وتشجيع التطرف ضد الآخر، مع مهاجمة القيود التي تفرضها المؤسسات الإعلامية والقضائية لتشتيت انتباه الجماهير ولفت أنظارهم عما يجري داخل السلطة.
وفيما يواجه نتنياهو لائحة اتهام بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة ويأمل أن تنقذه إعادة انتخابه من عقوبة محتملة بالسجن، فإن ترامب يأمل من جهته ألا تؤدي به "أحداث 6 يناير/كانون الثاني" إلى توجيه اتهامات له بالتآمر لقلب نتائج الانتخابات التي أتت بجو بايدن.
أي روح؟
ونقل فريدمان تصريحا لموشيه هالبيرتال الذي وصفه بـ "الفيلسوف الديني" في الجامعة العبرية، قال فيه إن الائتلاف الذي شكله نفتالي بينيت كان "إنجازا واعدا" يؤسس للحكم المشترك بين العرب واليهود داخل إسرائيل بحيث لا يستطيع أي واحد تجاوزه برغم كل الضغوط التي تصور العرب كطابور خامس، مضيفا أنه على الناخبين الإسرائيليين أن يقرروا في الانتخابات المقبلة هل يريدون دولة شاملة قادرة على تقدير كل مواطنيها أو يحبذون دولة تقوم على إنكار الآخر؟ وبسبب ذلك -يوضح الكاتب- فـ"روح إسرائيل" رهينة الاقتراع المقبل.
وبحسب فريدمان فإن هذا الوضع هو نفسه ما تعيشه الولايات المتحدة، ونقل عن هاتشينسون -كبيرة مساعدي البيت الأبيض في إدارة ترامب- قولها إن إحساسها بالوطنية وقيم الواجب كمواطنة أميركية انتهك من خلال تصرفات ترامب وإدارته، وعلق فريدمان على ذلك بقوله إن هاتشينسون بتصريحها فرضت على الجميع أن يتساءل عن نوع الدولة ونوع القادة الذين يريدهم الأميركيون، إلى جانب نوع الروح التي تشكل جوهر الولايات المتحدة.